كشفت مجريات الميدان في سوريا أن روسيا حسمت أمرها باتجاه ضرب الفصائل التي تعتبرها “إرهابية” وشاركت في مؤتمر الرياض الأخير، في خطوة من شأنها خلط الأوراق مجددا على الساحة السورية.
وعلى رأس هذه التنظيمات التي تحتل اليوم أولوية في الأجندة الحربية الروسية “جيش الإسلام” الذي يقوده زهران علوش، والذي يسيطر على جزء كبير من غوطتي دمشق.
وأعرب المسؤولون الروس على مدار الأيام الماضية عن رفضهم لمؤتمر الرياض ومخرجاته، خاصة في ما يتعلق بإشراك فصائل تلاحقها تهم الإرهاب، على غرار جيش الإسلام وأحرار الشام. ومنذ يوم الأحد، تشن الطائرات الروسية حملة جوية شرسة على معاقل “جيش الإسلام”، في الغوطة الشرقية وبخاصة على مدينة دوما أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين (71 شخصا)، الأمر الذي كان محل شجب أممي.
واعتبر نائب الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ستيفن أوبراين الاثنين، أن “الهجمات العشوائية على مدينة دوما غير مقبولة”.
وقال أوبراين في مؤتمر صحفي في دمشق “علينا بذل أقصى ما بوسعنا لحماية المواطنين الأبرياء، وبينهم نساء وأطفال، من أعمال وحشية مشابهة”. ودعا “كافة الأطراف إلى احترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان”.
وأضاف أن هذه الهجمات هي بمثابة “تذكير مأساوي بضرورة التوصل الملح إلى حل سياسي ووقف شامل لإطلاق نار في سوريا”.
وتعتبر موسكو أن لا حل سياسيا يمكن أن يشارك فيه من تعتبرهم “إرهابيون”، منتقدة الولايات المتحدة إزاء طريقة “انتقاء المعارضين من المتطرفين”.
وقالت الخارجية الروسية، أمس الاثنين، إن على واشنطن الكف عن تقسيم الإرهابيين إلى “أخيار” و“أشرار”.
وينتظر أن يكون هذا الموضوع جزءا رئيسيا في المحادثات المرتقبة اليوم الثلاثاء، بين وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري في موسكو.
ومكنت الحملة المستمرة على معاقل جيش الإسلام، النظام السوري من استعادة بلدة مرج السلطان ومطاريها بغوطة دمشق الشرقية.
وكان جيش الإسلام وفصائل أخرى سيطروا على البلدة ومنطقة المطار قبل 3 سنوات.
وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن سيطرة القوات السورية على البلدة تأتي كخطوة لتعزيز الحصار على غوطة دمشق الشرقية وتضييق الخناق على عدة مناطق فيها، وتحصين مطار دمشق الدولي والطريق الواصل إلى المطار.
وجيش الإسلام الذي يسعى الروس والنظام إلى إضعافه، هو عبارة عن اندماج لأكثر من 55 لواء وفصيلا تشكلوا خلال الأزمة السورية.
ويحاول هذا الجيش بقيادة زهران علوش البروز كمكون أساسي من مكونات المعارضة المسلحة المعتدلة، رغم أيديولوجيته الإسلامية التي يصفها البعض بالمتشددة.
ويلقى جيش الإسلام الدعم من أطراف إقليمية ومن ضمنهم تركيا، وكان من بين الفصائل المسلحة المشاركة في مؤتمر الرياض، بالنظر إلى حضوره الميداني المؤثر خاصة أنه يسيطر منذ قرابة الثلاث سنوات على جانب كبير من الغوطة الشرقية.
وكانت روسيا قد لوّحت في بداية حملتها في سوريا باستهدافه، بعد اتهامها له بقصف سفارتها بقلب العاصمة دمشق بقذائف هاون، الأمر الذي نفاه آنذاك. ويرى محللون أن تنفيذ هذا التهديد في الظرف الحالي هو في حقيقة الأمر رسالة للدول الداعمة له، بأنه لا مجال للقبول به روسيا في أي تسوية.
ويتوقع متابعون أن توسع موسكو دائرة المستهدفين من المشاركين في مؤتمر الرياض في الفترة المقبلة، الأمر الذي من شأنه وفق البعض أن يشكل ضربة لعملية السلام المترنّحة بطبعها.
فموسكو ومن خلال تصريحات مسؤوليها تتمسك بأن جميع فصائل المعارضة المقاتلة في سوريا باستثناء الجيش الحر، هم إرهابيون.
وحتى الجيش الحر المكون من عدة فصائل بعضها إسلامي لا تنظر إلى جميعها بذات المنظار.
وأمس الاثنين، نفى مقاتلو الجيش السوري الحر في غرب البلاد تلقيهم أي دعم من سلاح الجو الروسي، قائلين إنه على العكس تماما، فإن الضربات الجوية الروسية تستهدفهم رافضين التصريحات التي أدلى بها رئيس هيئة الأركان الروسية.
وكان رئيس هيئة الأركان الروسية فاليري جيراسيموف قد صرح، الاثنين، بأن سلاح الجو الروسي ينفذ العشرات من الضربات الجوية في سوريا كل يوم لدعم الجيش السوري الحر الذي يحارب، على حد قوله، إلى جانب القوات السورية النظامية تنظيم الدولة الإسلامية.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن جيراسيموف قوله خلال اجتماع للملحقين العسكريين الأجانب المعتمدين في روسيا، إن عدد مقاتلي الجيش السوري الحر الذين يتقدمون في محافظات حمص وحماة وحلب والرقة يزيدون الآن عن 5000 مقاتل.
وأضاف “عدد وحدات الجيش السوري الحر في تصاعد طوال الوقت، ولدعمهم فقط يقوم الطيران الروسي بما يتراوح بين 30 و40 ضربة في اليوم.
ولم تكشف روسيا عن أسماء فصائل الجيش السوري الحر التي تتحدث عنها، وتقول مجموعات عدة إنها تنتمي إلى الجيش السوري الحر الذي ليس له قيادة مركزية وهيكل تحكم.
العرب