قال الكاتب والصحفي الأمريكي توماس فريدمان، إن هجوم لاس فيغاس الذي خلف مئات القتلى والجرحى، كشف عن ازدواجية في المعايير لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال فريدمان في مقال نشره في صحيفة “نيويورك تايمز” لو أن منفذ هجوم لاس فيغاس؛ ستيفن بادوك، كان مسلما أو ثبت أن له روابط بالإسلام، لكان تعامل ترامب مختلفا.
وكتب فريدمان: “ماذا لو كان ستيفن بادوك مسلما، ماذا لو صاح: “الله أكبر” قبل إطلاق النار على ذلك الحشد من الناس في الحفل، ماذا لو كان عضوا في تنظيم الدولة، ماذا لو ظهر في إحدى الصور حاملا المصحف في يد وبندقيته شبه الآلية في الأخرى؟”.
وتابع فريدمان حسبما ترجمته “هافنغتون بوسط”: “فلو كان كل ذلك قد حدث، لكان سيُطلب منّا تكريم الضحايا وتسييس حادث القتل الجماعي الذي ارتكبه بادوك بالحديث عن التدابير الوقائية”.
واستطرد: “كلا، كلا. نعلم حينئذٍ ما سنفعله: سنضع جدولا بجلسات استماع فورية في الكونغرس حول أسوأ حادث إرهابي محلي منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول. وبعد ذلك، سيغرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كل ساعة قائلا: لقد قلت لكم ذلك، كما يفعل بعد دقائق من كل هجوم إرهابي في أوروبا، لتسييس هذا الأحداث فورا على وجه التحديد. ثم ستظهر مطالبات فورية بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة القوانين الجديدة التي نحتاج إلى وضعها لضمان عدم حدوث ذلك مرة أخرى. ثم سنفكر في جميع الخيارات المعادية لبلد منشأ المتهم”.
وفي حالة كان القاتل أمريكيا، قال فريدمان: “وماذا يحدث حين يكون القاتل ليس سوى أمريكيا مضطربا، ومُسلَّحا إلى أقصى درجة ممكنة بأسلحة من طراز عسكري اشتراها بطريقة قانونية أو حصل عليها بسهولة بسببنا وبسبب قوانيننا المجنونة المتراخية الخاصة بحيازة الأسلحة؟”.
وأضاف مستنتجا: “نعلم حينئذ ما يحدث: يبذل ترامب والحزب الجمهوري قصارى جهدهما لضمان عدم حدوث أي شيء. ثم يصران على وجوب عدم “تسييس” هذا الحادث، على عكس كل هجوم إرهابي مرتبط بتنظيم داعش، بمطالبة كل شخص، ولا سيما نفسيهما، بالنظر في المرآة وإعادة التفكير في معارضتهما قوانين حيازة الأسلحة المنطقية”.
واستطرد: “حسنا، دعونا نستعرض ما سيحدث: سنقلب العالم رأسا على عقب لملاحقة آخر مقاتل تابع لتنظيم داعش في سوريا، وننشر قاذفات قنابل من طراز بي 52، بالإضافة إلى صواريخ كروز، وطائرات من طراز إف 15 وإف 22 وإف 35 ويو 2. وسنطالب أفضل الشباب والشابات لدينا بتقديم التضحية القصوى بقتل كل إرهابي متبقٍ أو القبض عليه”.
واستدرك: “ولكن في نزاعه مع الاتحاد القومي الأمريكي للأسلحة، والذي منع، أكثر من أي جماعةٍ أخرى، فَرض قوانين منطقية للتحكم في حيازة الأسلحة، فإنَّ الانتصار ليس خياراً، ولا مكانا للاعتدال، ولا توجد لدى ترامب ولا الحزب الجمهوري كلاب مسعورة، وكل ما لديهم مجرد قطط وديعة”.
وأكد أنهم لن “يُطالبوا أنفسهم بتقديم ولو أقل تضحية، خوفا من إمكانية تهديد مقاعدهم في الكونغرس، لدعم التشريعات التي قد تُصعِّب قليلاً على أي أميركي تخزين ترسانة أسلحةٍ كما فعل بادوك، إذ كانت تضم 42 بندقية، وبعضها بنادق هجومية، وعُثِر على 23 بندقية منها في غرفته الفندقية، و19 بندقية في منزله، فضلا عن آلاف السلاسل من الذخيرة، وبعض “الأجهزة الإلكترونية”. أعتقد أنَّنا أمام “صائد غزلان” آخر”.
واعتبر فريدمان أن مواجهة تنظيم الدولة في الخارج دون محاولة التخفيف من حدة التهديدات والمخاطر الأخرى التي تواجه الأمريكيين، ضرب من الجنون.
وأوضح أن “المال والجشع هما ما يمنعاننا من مثل هذه المحاولة، جشع صانعي وبائعي الأسلحة وشركات النفط والفحم وجميع المشرِّعين وواضعي القوانين الذين تقوم شركات الأسلحة بشرائهم لكي يبقوا صامتين إزاء ما يحدث. إنهم يعرفون جيدا أن معظم الأميركيين لا يريدون سلب الناس حقهم في الصيد والدفاع عن أنفسهم. كل ما نريد سلبه هو حق الفرد في جمع وحشد ترسانة عسكرية بمنزله وفي غرفته بالفندق واستخدامها ضد الأمريكيين الأبرياء حينما يثور غاضبا، لكن الجمعية الوطنية للأسلحة تحكم قبضتها على هؤلاء المشرعين الجبناء”.
وبخصوص ما يجب فعله، قال الكاتب الأمريكي: “انس أمر إقناع هؤلاء المشرعين. فهم ليسوا مشوَشين أو قليلي الاطلاع. فإما أن يكونوا قد تم شراؤهم أو ترويعهم، وذلك لأنه لا يوجد مشرّع أمريكي محترم يمكنه أن ينظر إلى واقعتي لاس فيغاس وبورتو ريكو اليوم ويقول: أعتقد أنه أفضل ما ينبغي أن نفعله لأبنائنا في مثل هذه الأمور هو أن نقف صامتين مكتوفي الأيدي دون أن نفعل شيئا”.
وخلص في آخر مقاله إلى أن هناك حلا وحيدا، وهو اكتساب السلطة، “فإذا كنت قد شعرت بالضجر مثلي، فلتقم بالتصويت لصالح شخص ما أو ترشح نفسك في الانتخابات أو توفر المال لشخص مرشح كي يحل محل هؤلاء الجبناء من واضعي القوانين من أجل إقرار قوانين مناسبة تتعلق بحيازة السلاح. فالأمر يتعلق بالقوة وليس الإقناع. وتتمثل الفرصة الأولى لتغيير ميزان القوى في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018. وتغاضى عن محاولة تحقيق أي شيء قبل ذلك الموعد. فلا تضيع وقتك ومجهودك”.
عربي 21