في حديثه لهيئة الإذاعة البريطانية الأحد الماضي، قال الرئيس الأمريكي باراك أوباما إن من الخطأ أن ترسل الولايات المتحدة أو بريطانيا أو الدول الغربية قوات برية للإطاحة بنظام الأسد. وهكذا أفحم أوباما مرة أخرى شبح مناظر وهمي يدعوه للغزو والاحتلال.
واقترح الرئيس أنه من الواجب ممارسة ضغوط دولية على جميع الأطراف للجلوس والتفاوض بشأن انتقال سياسي. فإذا كان هذا يصح بشأن نظام الأسد وداعميه المشغولين حالياً بمحاولة الوصول إلى المستحيل: وهو تحقيق نصر عسكري في سوريا؛ فلماذا يخص أوباما المعارضة المعتدلة بالذكر بالنسبة لتخفيض توقعاتها، هل لأنها فقط ليست روسيا ولا إيران ولا نظام الأسد! هذا رغم أن عدة مسؤولين في إدارة أوباما طالبوا الأسد بفعل الصواب وهو التنحي عن الحكم.
استهل الرئيس حديثه بالقول إن “الوضع المؤلم في سوريا شديد التعقيد، ولا أظن أنه يوجد أي حلول بسيطة له” وهكذا إدارة أوباما في تعقيد الوضع السوري آخر معقل دفاعي تتذرع بعد ميزانية رهيبة في خسائرها على مدى خمس سنوات: فهي لم تحم مدنياً واحداً من الإبادة الجماعية على يد نظام الأسد.
لكن الرئيس أوباما بلا شك يعول في طروحاته هذه على لامبالاة الرأي العام، ويقول بأن الوضع في سوريا معقد وبأنه ليس من الحكمة التدخل، وهو يعرف أنه يراوغ بذلك. فليس ليس هناك من يطلب الغزو، إنما لماذا لم يطلب أوباما من مسؤولي الدفاع في إدارته اقتراح الخيارات الممكنة لجعل خيارات نظام الأسد في مواصلة تنكيله بالشعب السوري أصعب وتخفيف آثار ممارساته على المدنيين، وهو يعلم أن محادثات جنيف لن تصل لأي نتيجة طالما أن الحاضنة الشعبية لأحد الطرفين تتعرض للإبادة والتشريد.
هناك كثيرون من منتقدي سياسة إدارة أوباما في سوريا أخذوا الموقف الذي يفترض أن يتخذه وزير الدفاع أو الرئيس بتحديد الخيارات المتاحة لحماية المدنيين، وقدموا العديد من المقترحات المدروسة بعناية في هذا الصدد لكن أياً منها لن يجد طريقه للتطبيق ما لم يؤمن أولاً القائد الأعلى للقوات الأمريكية بأن المجازر في سوريا أمر غير مقبول أخلاقياً وكارثي سياسياً.
ليس بالإمكان تحقيق أي تقدم سياسي نحو إنهاء المأساة في سوريا والنزيف المروع لشعبها دون المرور أولاً من بوابة حماية المدنيين. وعلى أوباما وشركائه عبر الأطلسي بدل إطلاق العبارات الطنانة الفارغة الاعتراف بالحقيقة التي يعرفونها وهي أنه من غير إيقاف الأسد وأعوانه عن قصف الأطفال وأهاليهم لن يتوقف هذا الشريان النازف المسمى سوريا.
فريدريك هوف- المجلس الأطلنطي: ترجمة مرقاب
مركز الشرق العربي