تستضيف باريس اليوم الأحد لقاء يجمع وزير خارجية فرنسا جان مارك إرولت مع نظرائه الأميركي جون كيري والألماني فرانك فالتر شتاينماير والإيطالي باولو جنتيلوني والبريطاني فيليب هاموند ومسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، وسط توقعات بأن تتناول المحادثات الموسعة بينهم أزمات سورية وليبيا واليمن وأوكرانيا، وفق إعلان الخارجية الفرنسية. وعُلم أن فرنسا وبريطانيا ستطلبان من كيري اليوم تنسيقاً أفضل في شأن سورية، علماً أن لقاء باريس يأتي عشية الجولة الجديدة من مفاوضات جنيف السورية – السورية، وبعد يوم من مشاورات أجراها كيري مع كبار المسؤولين في المملكة العربية السعودية.
وقال مصدر فرنسي متابع للملف السوري لـ «الحياة»، إن باريس قلقة من اتجاه أميركي للعمل على الملف السوري في شكل ثنائي منفرد مع روسيا و «تناسي» الدول الأخرى المحسوبة في إطار تحالف في المواقف حول سورية، ومن بينها فرنسا وبريطانيا والسعودية وتركيا.
وأوضح أن هذه الدول تعتبر أن كيري يتساهل في كثير من المواقف مع الروس خوفاً من أن يخرجوا من الحوار الجاري بينهم وبين الولايات المتحدة في شأن الأزمة السورية.
وزاد المصدر موضحاً: «مبدئياً، هناك مجموعة مهمتها التحقق من خروقات وقف القتال في سورية، لكن هذه المجموعة لا تصدر شيئاً عمداً لأن الجانبين الأميركي
والروسي يتفقان على ضرورة عدم تسريب أي خبر عن محادثاتهما، كما أنهما لا يريدان أي تدخل في هيئة التحقق من الخروقات، ما يزيد من عدم الصدقية في عملها. وهكذا، تجد الدول التي تقف مع الولايات المتحدة وتؤيد وقف القتال في سورية نفسها، مشاركة في مسار من دون صدقية للتحقق من وقف القتال، وهذا يجعلها مستاءة من هذا الوضع، على أساس أن المعارضة السورية التزمت هذا المسار (الهدنة) بعد تأكيدات لها من الدول الداعمة لها أنها ستكفل وقف القتال ودخول المساعدات الإنسانية، بينما ترى أن النظام وروسيا مستمران في قصف المعارضة وأن النظام يواصل تقدمه على الأرض ويستعيد بعض الأماكن، وكل ذلك له نتائج سلبية».
وتابع المصدر أن باريس وشركاءها الأوروبيين والعرب وتركيا «مستاؤون من استمرار الأمور على هذا النمط». وينقل الأوروبيون عن الأميركيين، في هذا الإطار، إن لديهم هاجساً من إمكان أن يترك الروس المفاوضات إذا كانوا موضع اتهام بعدم الالتزام باتفاق الهدنة.
لكن باريس، بحسب المصدر، تعتبر أن ليس هناك أي احتمال لأن يترك الجانب الروسي المفاوضات «لكن الأميركيين مقتنعون بأن أي حل لسورية لا يمكن إلا أن يكون عبر الروس، ولذا فهم يتخوفون من أي قضية قد تؤدي إلى خروج الروس من المحادثات».
وزاد المصدر أن «باريس تتفهم كلياً ضرورة التحاور مع الروس، ولكن ذلك لا ينبغي أن يكون مناقضاً لكل ما تم الاتفاق عليه» بين الدول الغربية الداعمة للمعارضة.
وقال المصدر إن رئيس الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية رياض حجاب مدرك لكل ذلك والتحفظات التي يبديها تهدف إلى طمأنة القوى المعارضة على الأرض، مضيفاً أن حجاب «في العمق يعرف انه ينبغي التوجه إلى المفاوضات في جنيف، وعرض موقف المعارضة على أقل تقدير».
ولفت المصدر إلى أن من يشارك في قوة التحقق من وقف العمليات القتالية ١٨ دولة، من بينها إيران التي لا تتكلم خلال الجلسات، مضيفاً أن لبنان مشارك لكنه لا يحضر الاجتماعات لأسباب غير معروفة ويبقى مقعده فارغاً في الاجتماعات.
ومهمة هذه القوة التي ترأسها أميركا وروسيا مراقبة وقف النار في سورية مرة في الأسبوع لكنها ستبدأ الاجتماعات مرتين في الأسبوع بدءاً من الأسبوع المقبل. وتمنح الرئاسة الأميركية والروسية لهذه القوة امتيازات لممثليهما على الدول الـ18 الأخرى، فمثلاً هم يرفضون وضع لائحة بكل الخروقات التي تحصل لأنهم لو فعلوا ذلك لظهر أن الأمور لا تسير بالشكل الجيد الذي يدّعونه. وتابع المصدر أن هناك مشكلة في الصيغة التأسيسية لقوة مراقبة وقف النار، إذ يُفرض عليها عدم التصريح علناً، وعلى ضوء هذا، لم يعد لفرنسا أو بريطانيا دور عملي في إظهار الخروقات أو توقعها، وهذا ما ستقوله هاتان الدولتان لكيري في اجتماع اليوم في باريس.
الحياة