حذرت فرنسا يوم الجمعة من أن حل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني قد يصبح مستحيلا عما قريب. جاء التحذير خلال مؤتمر دولي في باريس لإحياء جهود السلام على الرغم من إعلان إسرائيل أن مثل تلك الجهود سيكون مصيرها الفشل.
وفي ظل توقف قائم منذ عامين لمساعي الوساطة الأمريكية للتوصل لاتفاق بشأن إقامة دولة فلسطينية ومع تركيز واشنطن على الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر تشرين الثاني استضافت فرنسا المؤتمر بهدف كسر الجمود وبدء حملة دبلوماسية جديدة.
وبينما يدعم الفلسطينيون المبادرة قال مسؤولون إسرائيليون إنه محكوم عليها بالفشل وإن المفاوضات المباشرة هي وحدها التي يمكن أن تتمخض عن حل للصراع الطويل.
ولم تتم دعوة إسرائيل أو الفلسطينيين للمؤتمر رغم أن الهدف هو جمع الطرفين على مائدة المفاوضات بعد الانتخابات الأمريكية.
وقال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايرو في مؤتمر صحفي عقب الاجتماع بنحو 25 وزيرا من الدول العربية والأوروبية والولايات المتحدة “حل الدولتين يواجه خطرا كبيرا. نحن نصل إلى نقطة اللاعودة التي لن يكون فيها هذا الحل ممكنا.”
وقال البيان الختامي للمؤتمر إن كل الدول المشاركة أكدت مجددا على الحاجة إلى حل من خلال التفاوض لإقامة دولتين وعلى أن المفاوضات المباشرة بين الجانبين يجب أن ترتكز على قرارات مجلس الأمن الدولي القائمة.
وحذر البيان الختامي من أن استمرار الحالة الراهنة من الجمود والافتقار إلى تحقيق تقدم نحو إقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ حرب عام 1967 أمر لا يمكن قبوله.
وقال ايرو إن القوى الكبرى تسعى بحلول نهاية يونيو حزيران لوضع مجموعة من الحوافز الاقتصادية والضمانات الأمنية لحث الجانبين على إحياء محادثات السلام.
كما ستسعى القوى الدولية أيضا إلى سبل لإزالة العقبات التي قوضت المفاوضات في السابق وتقييم ما إذا كانت جهود سابقة للسلام مازالت قابلة للتطبيق مثل مبادرة السلام العربية التي طرحت عام 2002 وهي مبادرة الأرض مقابل السلام.
وقال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للصحفيين ” مبادرة السلام العربية تحتوي على كل العناصر المطلوبة للتسوية النهائية” ولا يمكن تخفيفها لتناسب إسرائيل.
وأضاف “المبادرة مطروحة بالفعل وترتكز على أسس تسمح بحل هذا الصراع طويل الأمد وتمنح إسرائيل الكثير من الحوافز وبالتالي فحتمي على الإسرائيليين قبولها.”
* موجيريني: حل الدولتين يتلاشى
وقالت مسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موجيريني إن من واجب اللاعبين الدوليين والإقليميين أن يجدوا منفذا لأن الجانبين عاجزان عن فعل ذلك وحدهما.
وقالت للصحفيين “سياسة التوسع الاستيطاني وعمليات الإزالة والعنف والتحريض تكشف لنا بجلاء أن الآفاق التي فتحتها أوسلو عرضة لأن تتلاشى بشكل خطير.”
وكانت اتفاقيات أوسلو المؤقتة التي أبرمت عام 1993 والتي صاغها إسحق رابين وياسر عرفات تهدف إلى قيام دولة فلسطينية على أراض تحتلها إسرائيل خلال خمس سنوات فيما عرف بحل الدولتين.
وقالت موجيريني إن اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط المؤلفة من الاتحاد الأوروبي وروسيا والولايات المتحدة والأمم المتحدة تضع اللمسات النهائية على توصيات بشأن ما ينبغي فعله لتقديم حوافز وضمانات لإسرائيل والفلسطينيين للتفاوض.
وكانت محاولات سابقة لإقناع الجانبين بإبرام اتفاق قد باءت بالفشل. ويقول الفلسطينيون إن أنشطة التوسع الاستيطاني الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تقوض أي احتمال لقيام دولة تتوافر لها مقومات البقاء وتكون القدس الشرقية عاصمة لها.
وتطالب إسرائيل بتشديد الإجراءات الأمنية من جانب الفلسطينيين وكبح جماح النشطاء الذين يهاجمون المدنيين الإسرائيليين أو يهددون سلامتهم. كما تقول إن القدس هي عاصمتها التي لا يمكن تقسيمها.
وبدا وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي باءت مساعيه المكثفة للوساطة بالفشل نتيجة تعنت الطرفين فاترا تجاه المبادرة الفرنسية عندما سئل إن كانت ستؤدي إلى محادثات مباشرة جديدة.
وقال للصحفيين “سنرى… سنجري ذلك الحوار. ينبغي أن نعلم إلى أين سيذهب وماذا سيحدث.”
أ ف ب