“ربما شهر رمضان لهذا العام”, هو الشهر الأفضل بالنسبة لي ولغيري من السوريين المقيمين في محافظة إدلب منذ خمس سنوات حتى اليوم”, هكذا كان رأي أبو أسامة فنري أبن محافظة إدلب, والذي يعمل في مجال تجارة المواد الغذائية..
نبرة الفرح والسرور التي رافقت ابتسامات أبي أسامة أثناء حديثه لمراسل المركز الصحفي السوري لم تكن ناتجة عن فراغ, وإنما هي تعبير عن الحالة العامة التي يعيشها الناس في محافظة إدلب, حيث تزدحم الأسواق التجارية في شهر رمضان المبارك مع غياب كامل لما يعرف ب”فوبيا الطائرة الحربية”, فمن يسير في شوارع وحارات وأزقة, وأسواق أي بلدة أو قرية أو مدينة من تجمعات السكان في محافظة إدلب سيشاهد ذلك بأم عينه..
محال تجارية تعمل حتى السحور:
على عكس شهور رمضان السابقة, والتي كانت أيضاً خلال فصل الصيف أثناء سنوات الثورة السورية التي انصرمت, كنا نلاحظ أن حركة الأسواق ومستوى ازدحامها, وحجم تبادل السلع بين مبيع وشراء كان محدوداً بشكل كبير, لأن عمليات القصف من قبل الطائرات الحربية والتي كانت تستهدف المدنيين في الأسواق كان لها الدور الأبرز في ذلك..
أما اليوم, فالمحال التجارية لا تغلق أبوابها منذ ساعات الصباح الأولى حتى الفترة القصيرة التي تسبق السحور, وتتخللها فترة الإفطار فقط..
“محمد بسقلاوي” هو رجل في الأربعين من عمره ويدير أحد محلات المأكولات في مدينة كفرنبل في ريف إدلب الجنوبي يقول:
“الحمدلله استطيع أن أقول لكم وبكل ثقة, أن شهرنا الكريم هذا كان الأفضل منذ بداية الثورة السورية حتى اليوم, وقد لاحظت أنا شخصياً فروقاً كبيرة بين هذا الشهر الكريم مقارنة مع السنوات السابقة, حيث تبدأ طلبات الطعام السفري “الجاهز” تأتي إلينا منذ الصباح الباكر, وجناح العائلات الذي لدينا يمتلئ بالصائمين قبل الإفطار, فلا خوف لديهم من أسراب الطائرات في النهار, والحربي الرشاش في الليل”.
درجات الحرارة:
كما ذكرنا يعتبر غياب القصف بواسطة الطيران الحربي هو الحدث الابرز في رمضان هذا العام, ولكن ثمة شيئ آخر مميز لا بد من ذكره في شهر رمضان لهذا العام, وهو الإعتدال الملموس بدرجات الحرارة والذي كان سائداً خلال الأيام الأولى من هذا الشهر الفضيل, ثم دخول البلاد في اليوم السابع تقريبا من شهر الصوم الحالي بموجة ارتفاع كبير وملحوظ على درجات الحرارة, ومع ذلك لم يلاحظ أحد أن حركة الناس الصائمين في الأسواق وأماكن العمل قد تأثرت بهذا الفارق الواضح, بل بالعكس تماما زادت, وهذا ما قاله لنا الشاب “تيسير الحموي” ابن محافظة حماة, والذي يعمل بائعاً “للتمر الهندي” في مدينة معرة النعمان:
“منذ اليوم الأول, وإقبال الناس الصائمين على شراء مشروب التمر الهندي كان جيداً, فالأسر السورية معتادة على شرب هذا المشروب بعد الإفطار في رمضان, ولكن مع دخول موجة الحر إلى البلاد, لم ألاحظ أن حركة العربات والناس والأعمال قد تأثرت, بل على العكس زادت حركة بيع مادة التمر الهندي عندي وعند غيري من الباعة”
هو شهر الخير, حل ضيفاً محبباً على قلوب شعب الخير, الشعب السوري الذي يعطي لكل شيء حقه, وقد عمّت الفرحة التي لا تخلو من الحزن والأسى قلوب الجميع, فمهما فرح الناس بغياب الطائرة, فمسلسل القتل لن يتوقف بالأسلحة الأخرى, وملف المغيبين والمعتقلين مازال خارج الحسابات تاركاً قلوب الامهات في حزن كبير في رمضان عند اجتماع أفراد العائلة على مائدة الإفطار..
المركز الصحفي السوري – حازم الحلبي