تعيش حنين في منزلها الصغير في ريف إدلب الغربي، وحيدةً بعد استشهاد زوجها في إحدى الغارات السابقة، حنين ذات الـ27 سنة لم ترزق بأولاد، فمدة زواجها لم تطل مع زوجها الراحل، لكنها اكتسبت محبة الأطفال وإقبالهم عليها بحنانها المعهود ولطف معاملتها لهم.
تحكي حنين قصة إعطائها الدروس الخصوصية للأولاد وعيناها تلمع من شدة الفرح والتفاؤل: “بعد غياب زوجي عني بقيت وحيدةً في منزلي، وجدران المنزل باتت تخنقني من شدة الضجر والملل، حتى وصلت مرحلةً أفكر بالانتحار للنجاة من تلك الحالة، لم يرزقني الله بأطفال أكمل معهم بقيةَ حياتي، ولم أكمل دراستي الجامعية بسبب الزواج” .
بدأت الأفكار تدور في رأس حنين، فحبها للأطفال، وحاجتها إلى المال دفعها إلى العمل على تعليم الأولاد في المنزل، تقول حنين: ” بدأت بفكرة أن أحضر أولاد الحي، وأعلمهم الدروس يومياً، حتى صرت المربية والحاضنة لهم، وزادت نسب الإقبال على مدرستي البيتية كثيراً.
لم أهتم للعنصر المادي كثيراً وأجوري رمزية لكنها كانت تكفيني لكثرة الأطفال المقبلين على التعليم عندي”.
حنين، فتاة أمينة، ذات سمعة حسنة، الأمر الذي جعل جاراتها يسارعن إلى وضع أطفالهن عندها.
تقول أم بسام إحدى جاراتها :
“أرسلت أطفالي الاثنين للتعلم عند حنين، وكان قلبي مطمئن جداً، فحنين تملك السمعة الحسنة والأخلاق الحميدة، ولم تطلب المال الكثير، فهمّها لم يكن جمع المال، بل الأطفال وإمضاء الوقت معهم، يعود أطفالي من المدرسة وكلهم فرح لاقتراب الوقت لذهابهم إلى بيت حنين، فالمعلومات تدخل إلى قلوبهم قبل عقولهم، وتعاملهم بكل الحب وتحضر لهم الحلوى والكعك الشهي”.
تشعر حنين بمشاعر الأمومة حيال الأطفال، تجد فيهم عوضا عن الولد الذي تتوق إليه، تبقى على هذه الحال ثلاث سنوات متواصلة، يتقدّم إلى خطبتها قريبٌ لها، تتزوج حنين، وتحقق حلمها في ولدها الأول “عمران”.
لم تكن تجربة التعليم المنزلي واحتضان الأطفال تجربة فردية وخاصة بحنين وحدها، فالكثير من النساء اللواتي يشبهن حنين، افتتحن مدارسهن المنزلية الخاصة، واحتوين بها الأطفال بكل حب وفرح، أملهن يتجدد في الحياة يومياً مع كل بسمة طفل قادم نحوهم.
بقلم : ريم مصطفى