قالت صحيفة فيننشيال تايمز البريطانية: إن الثوار السوريين عادوا مرة أخرى إلى الهجوم مع توحد المؤيدين الإقليميين من العرب السنة ووضع هدف إسقاط بشار الأسد على أولويات المنطقة.
وأضافت الصحيفة أنه بعد أكثر من عام على الجمود وتكبد الخسائر أمام قوات الأسد، عاد الثوار لتحقيق مكاسب عسكرية واستراتيجية على الجبهات الشمالية والجنوبية.
وأشار الناشط السوري سيف الحموي المقيم في المملكة العربية السعودية إلى أن الدول العربية السنية تريد أن يشعر الأسد بأن الخناق يضيق من حوله، وهناك رغبة في التأكيد على الاستمرار في الوجود وامتلاك النفوذ.
وترى الصحيفة أنه منذ بدء تدفق الأموال على الثوار منذ 2012 كان تقدمهم يرتبط بدعم الدول الإقليمية، لكن العام الأخير شهد خسائر كبيرة في صفوفهم، حيث كانوا يقاتلون نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية.
الآن تغيرت الظروف، حيث بدأ التركيز ينصب على دور إيران -المنافس الأساسي للدول السنية- لاسيَّما مع تزايد نفوذ طهران في أنحاء المنطقة، حيث تدعم الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وتدعم نظام الأسد في سوريا، وتدعم المتمردين الحوثيين في اليمن وساعدتهم على السيطرة على العاصمة والاتجاه نحو الجنوب.
تسبب تزايد نفوذ إيران في المنطقة وتصاعد احتمالات التوصل إلى اتفاق بين طهران والدول الغربية حول برنامجها النووي إلى تجاوز الدول السنية عن الخلافات فيما بينهم لتوحيد جبهتهم لمواجهة النفوذ الإيراني.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك رغبة في تجاوز الخلافات التي شهدتها العلاقات بين دول المنطقة لاسيَّما بشأن دور جماعة الإخوان المسلمين التي أعقبت اندلاع ثورات الربيع العربي منذ عام 2011.
تقول لينا الخطيب، مدير مركز كارنيجي للشرق الأوسط من بيروت: إن هناك شعور أنه تم تقويض دور الجماعة منذ الإطاحة بحكومتهم في مصر عام 2013 وهناك استعداد الآن للعمل مع رعاة الجماعة من أجل توحيد القوى السنية ضد إيران.
وقالت صحيفة فيننشيال تايمز: إن هناك رغبة في تجاوز حتى الخلافات الداخلية التي كانت ظاهرة في المملكة العربية السعودية بشأن دعم الثوار في سوريا، حيث كان هناك انقسام بين دعم الجماعات الجهادية والجماعات الموالية للغرب مقابل رغبة في عدم التدخل اعتراضاً على انعدام الدور الأميركي.
وفي هذا السياق تقول الخطيب من مركز كارنيجي: إن هناك شعورا بأن هذا الانقسام قد أضر بسوريا وكذلك مصالح المملكة العربية السعودية.
يرى العديد من الثوار السوريين بحسب الصحيفة أن عملية عاصفة الحزم التي تقودها المملكة العربية السعودية ضد الحوثيين في اليمن تشير إلى أن الرياض وحلفاءها في المنطقة سوف يعملون بمزيد من الفعالية في سوريا أيضا الأمر الذي يعيد تنشيط قتال الثوار ضد نظام الأسد.
ولفتت الصحيفة إلى أن الثوار استطاعوا الاستيلاء على مدينة إدلب معقل المعارضة الأول في شمال سوريا فيما أحبطت قواتهم هجوماً لنظام الأسد وحلفائه من ميليشيات حزب الله اللبنانية ومستشارين عسكريين من الحرس الثوري الإيراني في الجنوب. وتضع قوات المعارضة نصب أعينها السيطرة على درعا، لتخفيف الضغط على الثوار المحاصرين على مشارف العاصمة والوصول إلى مقر السلطة في دمشق.
ونقلت الصحيفة عن أبوالمجد الزعبي من كتائب اليرموك، واحدة من أكبر وحدات الثوار في التحالف الجنوبي قوله: «نحن قادمون لكسر الحصار، وسوف نصل إلى أبواب دمشق». ومع هذا ترى الصحيفة أنه لا يزال من المستبعد هزيمة قوات الأسد في المعركة، مشيرة إلى أن التقدم يهدف إلى تحقيق التوازن على الأرض ودفع الأسد للتفاوض على حل سياسي.
وتنقل الصحيفة عن إميل حكيم الباحث في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية قوله: «يجب أن نكون حذرين من المبالغة في المكاسب التي يحققها الثوار، لأنه لم يحدث تغير في الديناميات على الأرض».