نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” مقالا للكاتب ديفيد غاردنر، يقول فيه إن روسيا تهدف إلى تحويل مدينة حلب إلى غروزني جديدة.
ويقول الكاتب في مقاله: “بدا واضحا، وبعد عام من بدء روسيا حملتها الجوية في سوريا، أن قوات نظام بشار الأسد التي نضبت، لا تستطيع موازنة الغارات الجوية، والحفاظ على زخم المعركة على الأرض. ومن هنا، فإن الحل الروسي لغياب قوة الجنود واضح وبشكل كبير في مدينة حلب؛ وهو زيادة شراسة القصف الجوي؛ من أجل محو الهدف، وتحويل منطقة الثوار في شرق هذه العاصمة التجارية العظيمة إلى غروزني في هذه الحرب التي لا ترحم”.
ويضيف غاردنر أن “الفصل الأخير من الرعب السوري هو المذبحة الأخيرة التي نبعت من الدبلوماسية، التي قادتها روسيا -راعية نظام الأسد الدولية بنوع من النفاق”.
ويشير المقال إلى أن “نهاية الهدنة الأخيرة مرتبطة بحدثين، أولا الغارات الجوية التي قامت بها المقاتلات الأمريكية، وقتلت 62 جنديا سوريا، بعدما اعتقدت أنهم من تنظيم الدولة، وجاء الرد يوم الاثنين، حيث تم ضرب قافلة مساعدات إنسانية كانت في طريقها إلى حلب الشرقية، وقتلت 20 مدنيا وعامل إغاثة إنسانيا، وبهذه العملية أنهى نظام الأسد الهدنة رسميا”.
وتستدرك الصحيفة بأن “النظام في الواقع حاول استعادة حلب قبل شهرين، عندما شن هجوما بدعم من الطيران الروسي على الجزء الشرقي منها، وتمت إعاقة الهجوم، عندما قام الثوار، وبدعم قوي من الجهاديين، بفتح ممر في الجزء الجنوبي الغربي بشكل كسر حصار النظام عن المقاتلين داخل المعقل الأخير، ورغم أن الطيران الروسي والتابع للنظام استمرا في الغارات الجوية، إلا أن ما يجري اليوم مختلف جدا”.
ويلفت الكاتب إلى أن “الحملة الحالية تقوم بذبح المدنيين في جيوب المقاتلين، عبر توليفة من البراميل المتفجرة، والقنابل العنقودية، والفسفور الأبيض، والقصف الكيماوي، إلى جانب أن قوات النظام تستخدم الحصار والتجويع أداة للتركيع، وبالإضافة إلى هذا كله استخدام القنابل السجادية ضد أهداف مدنية، حيث تضرب الطائرات منشآت المياه، وإمدادات الطعام، والإمدادات الطبية القليلة، فلم يتبق في المدينة سوى 30 طبيبا للعناية بما يقرب من 250 ألف مدني عالقين في الجزء الشرقي من المدينة”.
وينوه المقال إلى المشاهد العاصفة في مجلس الأمن، حيث وصفت السفيرة الأمريكية سامنثا باور الممارسات السورية بالبربرية، فيما قال السفير البريطاني ماثيو ريكروفت، إن ما يجري هو “جرائم حرب”، أما السفير الفرنسي فرانسوا ديلاتيه، فقال إن “حلب بالنسبة لسوريا هي ما مثلته سراييفو للبوسنة، أو ما مثلته غورينكا في الحرب الأهلية الإسبانية”، مشيرا إلى أنه بمقاييس الحرب، التي قتلت حتى الآن حوالي نصف مليون أو يزيد، فإن الهجوم على حلب قد يكون أسوأ.
وتعلق الصحيفة قائلة إنه “يبدو أن روسيا قد توصلت إلى نتيجة، وهي أن حلفاءها الإيرانيين والسوريين على الأرض لا يستطيعون استعادة حلب، ولهذا فإنها تخطط لتسويتها بالأرض”.
ويبين غاردنر أن “موسكو، التي تعود علاقتها مع ديكتاتورية آل الأسد إلى نصف قرن، لم تستطع التوصل إلا بعد عام إلى أن جيش الأسد قد انهار، وتحول إلى مجموعة من الجيوش الخاصة، وقبل فترة ظهر تقييم مدمر لقوات الأسد في مؤسسة إعلامية قريبة من الكرملين، وجاء فيه أن (الجيش السوري لم يقم بعملية عسكرية واحدة ناجحة خلال العام الماضي)، وردد التقييم صدى ما جاء في حديث المعارضة أن الجيش يدير شبكة ابتزاز، من خلال الحصارات التي يفرضها على المدن وآلاف نقاط التفتيش التي أقامها لهذا الغرض”.
وتخلص “فاينشال تايمز” إلى القول: “لأن روسيا لم تستطع هزيمة عدد كبير من الفصائل السنية المسلحة، فإنها قررت تدمير حضارتهم نيابة عن حليفها السوري، وإجبارهم على الخروج من منطقتهم، التي أصبحت أرضا قاحلة، وضمها لدويلة يحكمها الأسد”.
عربي 21