لندن – “القدس العربي”: نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا حول “المقامرة الروسية في سوريا وتعرضها للخطر”، وقالت إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هدد بتصعيد الأعمال القتالية قبل لقائه في موسكو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وفي التقرير الذي أعده كل من هنري فوي من موسكو ولورا بيتل من إسطنبول وتشولي كورنيش من بيروت، قالوا إن الضربات التركية لقوات النظام السوري في إدلب تقوم بامتحان علاقات أنقرة مع موسكو في وقت رفع فيه كل طرف من مستوى المواجهة في المرحلة الجديدة من الحرب الأهلية.
وفي محاولة للانتقام لقتل 33 من جنوده، قام أردوغان في الأيام الثلاثة الأخيرة بقصف أهداف تابعة للنظام السوري في المحافظة، محذرا من أن إسقاط مقاتلتين عسكريتين وقتل أكثر من 100 جندي موال للنظام السوري ما هي إلا “البداية”.
وتقول الصحيفة إن التوتر المتصاعد يعري المخاطر التي حملتها منذ البداية المقامرة الروسية في سوريا والسماح لبشار الأسد بمواجهة الرئيس رجب طيب أردوغان للسيطرة على محافظة إدلب، آخر المعاقل التي لا تزال بيد المعارضة السورية.
وتركت المواجهة بوتين عالقا بين زعيمين سمحا له بالدخول إلى الشرق الأوسط وتعزيز تأثيره فيه.
وتعلق الصحيفة أن تهديدات الرئيس التركي تحمل مخاطر حرب شاملة في وقت يحضر فيه للقاء بوتين في موسكو الخميس المقبل. وسيحاول القائدان البحث عن حل لمواجهة مستمرة منذ عام وتركت البلدين أمام مواجهة مباشرة.
ويرى ديمتري ترنين من وقفية كارنيغي للسلام العالمي في موسكو: “تخشى موسكو من تحول المواجهات السورية- التركية إلى حرب حقيقية، ويجعل سقوط الضحايا من الطرفين الحرب قريبة”، مضيفا أن روسيا ستحاول التوصل إلى نوع من وقف إطلاق النار كي لا تجر إلى الحرب ولكنها ستحاول الضغط على أردوغان للتنازل ميدانيا. وفي عام 2018 توصل بوتين وأردوغان لاتفاق منع هجوما سوريا شاملا على إدلب القريبة من الحدود التركية.
ولكن الاتفاق مزق العام الماضي وتبادل الطرفان الاتهامات حول خرق شروطه.
وتكثفت المواجهات في الأسابيع الأخيرة حيث قتل أكثر من 50 جنديا وعسكريا تركيا في الغارات التي شنها النظام المدعوم من روسيا.
وتقول موسكو إن نظام الأسد يشن حربا ضد إرهابيين تدعمهم أنقرة. وتجنبت الأخيرة تحميل روسيا اللوم مباشرة وركزت على دمشق. وقال أردوغان يوم الإثنين: “لقد قلنا إننا سننتقم لشهدائنا”، ولكنه قال إنه يسعى لوقف إطلاق نار “فمن خلال تدمير طائراته فنحن نجعله يدفع ثمنا باهظا”.
واعتبرت صحيفة “الوطن” الموالية للنظام السوري أن تركيا “أعلنت الحرب على سوريا”. وتعتبر عملية “درع الربيع” هي العملية الرابعة لتركيا في سوريا ولكنها الأولى التي يتم فيها استهداف الأسد مباشرة مما أطلق العنان لثاني أكبر جيش في حلف الناتو ضد جيش النظام السوري الذي أضعفته سنوات الحرب الأهلية.
ويقول رسلان بوخوف، مدير مركز التحليل الإستراتيجي والتكنولوجيا في موسكو: “من المنطقي ألا تستطيع روسيا دفع التداعيات السلبية من أردوغان وللأبد. وحقيقة استمرار (العلاقة) طويلا مثيرة للدهشة”.
ورفض الكرملين التعليق يوم الإثنين على العملية التركية ولكنه أكد دعمه للعملية السورية وكرر ما قالته وزارة الدفاع الروسية من أن موسكو “لا تضمن سلامة الطيران التركي في الأجواء السورية”.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف: “موقفنا متناسق ولم يتزحزح” و”ندعم وحدة الأراضي السورية وندعم النية السورية لمواصلة قتال الإرهابيين والجماعات الإرهابية”.
ويرى ترنين أن بيان وزارة الدفاع الروسية يعتبر تهديدا “غير مباشر” لتركيا “فليس من الواضح فيما إن قامت روسيا بإسقاط طائرات تركية فوق سوريا ولكن فحص هذا سيكون تهورا. ولكن لا يعني عدم حدوث هذا”.
وفي إشارة إلى أن التهديد قد نجح، لاحظ محللون أن وتيرة الطائرات التركية المسيرة قد خفت بعد هجوم استمر 72 ساعة، مما يقترح أن الكرملين لديه القدرة لتخفيض التوتر. ويرى سنان أولجين، مدير المركز البحثي إسطنبول “إدام”، أن موسكو سمحت لأردوغان ضرب أهداف للنظام السوري عدة أيام لتخفيف حدة الغضب الشعبي وأظهرت له في الوقت نفسه أن طموحاته في إدلب مرتبطة بالموافقة الروسية.
ويرى أولجين أن عرضة الجنود الأتراك في إدلب للخطر تعني ذهاب أردوغان إلى موسكو بيد ضعيفة. وسيطلب منه بوتين القبول بمكاسب النظام والرضى بمحور ضيق من التأثير. لو رفض فما هو الخيار؟ “العودة إلى الخيار العسكري الخطير؟” ويقول مراد يسلتاش، مدير مركز الدراسات الأمنية في أنقرة “سيتا” والقريب من الحكومة التركية، إنه قد ترفض تركيا لو لم يتم الاتفاق بين الطرفين “فقد فتح صندوق باندورا (المتاعب) فيما يتعلق بالمواجهة العسكرية بين تركيا والنظام”.
ويرى بوخوف: “لا مجال لتخلي أردوغان عن كل شيء في إدلب فقط لأن فلاديمير بوتين يريد منه هذا” و”هل هناك إمكانية لتسوية؟ نعم ولكنها ستكون تنازلا مؤقتا ولن يتم حل المشكلة كلها”
نقلا عن القدس العربي