نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا عن القدرات الدفاعية التركية وأبرزها الطائرات المسيرة “درون”.
وقالت الصحيفة إن طائرات “درون” العسكرية تقوي من أساليب التأثير لدى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مشيرة إلى أن ناغورني قره باغ هي الساحة الأخيرة التي تم فيها نشر أسلحة مصنعة في تركيا.
وقالت لورا باتل، مراسلة الصحيفة في أنقرة، إن النزاع الذي اشتعل من جديد في جبال ناغورني قره باغ، كان لدى القوات الأذرية التي تواجه القوات الأرمينية سلاح جديد. فقد نشر الجيش الأذري لقطات متقنة عن الطائرات المسيرة التركية وهي تقوم بتدمير المواقع الأرمينية ونظام الدفاع الجوي ووحدات المشاة والمدفعية.
وتعتبر ناغورني قره باغ، محور الحرب الأجنبي الخامس الذي نشرت فيه تركيا طائراتها في السنوات الخمس الماضية، حيث حلقت الطائرات بدون طيار في سماء سوريا، ليبيا والعراق ومنطقة شرق المتوسط حيث تتنازع اليونان وتركيا الحقوق المائية في هذه المنطقة الغنية بالمصادر الطبيعية.
وتقول الصحيفة إن توسع صناعة الطائرات المسيرة التركية، هي نتاج عمل تم على مدى عقدين من الزمان لزيادة القدرات العسكرية وجعلها أقل اعتمادا على السلاح الغربي وتعزيز الفخر القومي.
وفي الوقت الذي نُظر فيه إلى جهود الدولة التركية لصناعة المقاتلات النفاثة على أنها طموح مبالغ فيه، إلا أن صناعات الطائرات المسيرة حوّلت تركيا إلى قوة “درون” صاعدة.
وقال دان غيتنغر، المدير المشارك لمركز دراسة “درون” في كلية بارد بنيويورك: “لم تتفوق تركيا على الولايات المتحدة وإسرائيل والصين، ولكنني أستطيع القول إنها منافس قوي صاعد للدول الثلاث” و “لديها برنامج متقدم”.
وتتناسب صناعة الأسلحة التركية مع السياسة الخارجية لأردوغان التي تبناها في السنوات القليلة الماضية، واستعداده لنشر القوة العسكرية لخدمة أهدافه الدولية. ويقول روب لي، ضابط المارينز السابق والباحث في كينغز كوليج في لندن، إن “القوة العسكرية أصبحت مفتاحا رئيسيا في السياسة الخارجية التركية”. وقال إن الطائرات المسيرة العسكرية منحت أنقرة “بوابة للمشاركة في النزاعات”.
ولا يعرف إن كانت طائرات “تي بي 2” التركية التي اشتراها الجيش الأذري ويقوم بإدارتها هو أم أن الجيش التركي هو الذي يشغلها. ورفضت الشركة المصنعة والجيش التركي والصناعات العسكرية التركية التعليق.
وبأي طريقة، فإن استخدام الطائرات العسكرية المسيرة سمح للجيش الأذري بضرب أهداف كانت تحجزها الجبال وزادت من حصيلة القتلى، وغيّرت ميزان المعركة كما يقول كيري كافانو، السفير الأمريكي السابق والمفاوض في النزاعات.
وتأمل تركيا من استخدام وفحص الطائرات المسيرة في النزاعات أن تعزز من صادراتها العسكرية التي تعتبر لا شيء مقارنة مع الصادرات العسكرية الأمريكية التي حصلت على 56 مليار دولار في عام 2018، أو روسيا التي باعت أسلحة بـ13.7 مليار دولار في نفس العام.
وبلغت المبيعات العسكرية التركية للدول الأخرى في العام الماضي 3 مليارات دولار، معظمها دبابات وقطع طائرات وبنادق وذخيرة وعربات مصفحة حسبما يقول المسؤولون الدفاعيون في تركيا. وهو رقم كبير مقارنة مع 248 مليون دولار في 2002. ويأمل المسؤولون أن تصل المبيعات العسكرية في 2023 إلى 10 مليارات دولار.
وتضيف الصحيفة أن جهود تركيا لتطوير طائراتها العسكرية المسيرة مرتبطة بقتالها حزب العمال الكردستاني (بي كي كي) والذي يخوض مقاتلوه حربا ضد الدولة التركية منذ عام 1984. وبسبب عودة النزاع والمشاكل التي واجهتها تركيا في شراء الطائرات المسيرة من الدول الأخرى، دفعت الحكومة في بداية العشرية الأولى من القرن الحالي للبحث عن طرق لتطوير صناعتها العسكرية الخاصة في مجال “الدرون”. وأصبح هذا في “قائمة الأولويات” حسب أدرا مولود أوغلو، المحلل السياسي في أنقرة ، الذي قال: “حصلنا الآن على النتائج”.
ومن المصنعين البارزين في هذا المجال هي شركة الصناعات الجوية التركية المملوكة من الدولة، والتي شاركت طائراتها “أنكا- أس” بداية هذا العام في الحملة الجوية ضد الجيش السوري الذي تدعمه روسيا.
إلا أن الجزء الأكبر من أسطول الطائرات المسيرة الذي نشر في سوريا وليبيا وناغورني قره باغ، هو من بنات أفكار سلجوق بيرقدار، مهندس الطيران الجوي الذي تزوج في عام 2016 ابنة الرئيس، سمية.
وفي مقابلة نادرة في شباط/ فبراير، دافع حالوق شقيق سلجوق بيرقدار عن اتهامات بأن شركة عائلته حصلت على معاملة تفضيلية وأصبح لديها علاقات مع الرئيس بسبب زواج شقيقه من ابنة أردوغان. ورفض الاتهامات بأنها “سياسة قذرة”.
وقال بيرقدار الذي يدير شركة العائلة “بيكار” وكذا “ساها اسطنبول” التي تضنع أكثر من 400 منتج، إن نجاح الشركة جاء بسبب الرؤية والعمل النشط الذي قامت به العائلة. وباعت “بيكار” أول مجموعة من الطائرات المسيرة -وهي نموذج صغير للرقابة- إلى القوات المسلحة التركية في 2007.
وبعد عامين حصلت على مناقصة لإنتاج وبيع الطائرات العسكرية المسيرة “بيرقدار تي بي 2”. ومنذ 2017 تم استخدام أنواع مختلفة من هذه الطائرة في ملاحقة عناصر حزب “بي كي كي” وطردهم من الجبال التي اتخذوها معقلا لهم لأكثر من 30 عاما كما تقول نيغار غوكسل، مديرة برنامج تركيا في مجموعة الأزمات الدولية.
وانتقدت منظمات حقوق الإنسان استخدام الطائرات المسيرة لأن مدنيين قتلوا في الغارات. وأثارت الصناعة جدلا دوليا، خاصة أن بيكار تستورد 7 % من المكونات المستخدمة في “تي بي 2”.
وفي يوم الإثنين أعلنت الحكومة الكندية أنها ستعلق تصدير بعض أجهزة التصوير إلى تركيا، عضو الناتو بعد تقارير عن استخدام التكنولوجيا الكندية في ناغورني قره باغ.
وتظل الطائرات التركية المسيرة غير معصومة، فقد عانت طائرة بيكار “تي بي 2” من خسائر في ليبيا حسب تقرير للأمم المتحدة نشر في كانون الأول/ديسمبر العام الماضي.
ولكن النكسات في ساحة المعركة كانت مهمة حسب غالغار كيرك الخبير في العلاقات الدولية بجامعة بيلكنت التركية: “عندما تفكر بالدوافع العسكرية فالتجربة هي أهم العوامل” و”راكمت تركيا تجربة مهمة يمكنها الاستفادة منها في المستقبل”.
نقلا عن القدس العربي