ماذا تفعل الأسرة الدولية بتصريحات الأمين العام للأمم المتحدة بأن الوضع في سورية كارثة إنسانية لا مثيل لها؟ من يتحرك لمنع النظام السوري الوحشي مع حلفائه الروس والإيرانيين و»حزب الله» من قصف المدنيين وخنقهم وقتل الأطفال وتهجيرهم؟ صحيح ان خطاب مندوب فرنسا في مجلس الأمن لفت الى الوضع الكارثي في حلب حيث يعاني ٢٥٠ ألف شخص من هذه الكارثة الإنسانية، والنظام قام بهجمات بالسلاح الكيماوي على المدينة في ١٠ الشهر الجاري بعد ان استخدمها في سراقب قبل عشرة ايام. والنظام السوري يستمر في اغلاق الممرات امام المساعدات الإنسانية في كل المدن مثل درعا وداريا ومضايا، فنرى امامنا الجرائم التي يرتكبها النظام السوري بمساعدة روسيا وإيران و»حزب الله» في غياب أي حل أو إستراتجية بالنسبة الى هذا البلد. فهم روسيا هو فرض وجودها في الشرق الأوسط للتفاوض مع الولايات المتحدة وهي لا تبالي بشخص بشار الأسد ولكنها مهتمة بدعمه طالما يمكنها من فرض وجودها في الشرق الأوسط. وكان ذلك جلياً عندما اعلنت عن تواجد قاذفاتها الروسية في قاعدة همدان في ايران بحجة انها تريد ضرب من تنعتهم بالإرهابيين في سورية. وجاء تصريح وزير الدفاع الإيراني يؤكد رغبة روسيا في إظهار هيمنتها في الشرق الأوسط. ومصالح ايران لا تتطابق مع مصالح روسيا اذ ان ايران حريصة على بقاء بشار الأسد الذي يضمن لها تمرير كل المساعدات العسكرية والمالية الخ … الى وكيلها في لبنان «حزب الله».
وفي وجه هذا الواقع المرير للوضع الكارثي في سورية هناك تذبذب في المواقف الدولية بدءاً بتغيير موقف تركيا التي بدأت تقول انها تقبل في البداية ببقاء بشار الأسد ولكن عليه ان يرحل بعد ذلك. ثم موقف مصر التي لا تقول بوضوح انها مع بشار الأسد خشية غضب بعض دول الخليج. وموقف الولايات المتحدة المنسحبة كلياً منذ بداية الحرب السورية، فيوماً تتنازل لروسيا وفي اليوم الآخر تتشدد بسبب ضغط الإعلام الأميركي الذي يعرض صور الكوارث الإنسانية مثل صورة الطفل عمران وروايات الأطباء السوريين الشجعان الذين ينقلون تعرض المستشفيات والمستوصفات لقصف النظام السوري.
واقع الحال أن لا أحد من كل هذه الدول لديه إستراتيجية بالنسبة الى سورية. فالإدارة الأميركية وعلى رأسها أوباما الذي تميز بجموده ازاء سورية لن يفعل شيئاً في نهاية عهده. اما استراتيجية روسيا الوحيدة فهي فرض وجودها في الشرق الأوسط ولكن من دون اي استراتيجية لمستقبل سورية مع او من دون بشار الأسد. و «حزب الله» انهك لبنان وأبناء الطائفة الشيعية في سبيل المشاركة في جريمة انسانية يرتكبها مع بشار الأسد وإيران ضد الشعب السوري. والأجيال السورية الصاعدة التي تهجرت وفقدت الأهل والقتلى لن تنسى لـ «حزب الله» هذه الحرب الوحشية التي يشترك فيها الى جانب ايران وبشار الأسد. وهل لهذا الحزب اي ستراتيجية للخروج من حرب انهكته وأدت الى سرور عدوه الإسرائيلي المرتاح لانشغال الحزب بالحرب في سورية التي تضعفه والتي انهكت النظام السوري. فإسرائيل مرتاحة لذلك حتى اشعار آخر وطالما لم تعم بعد الفوضى على حدودها. اما اوروبا فهي ايضاً ضائعة في وجه النزوح السوري وفي وجه تجنيد «داعش» ارهابيين في عدد من الدول الأوروبية، التي تحار قياداتها ازاء مواجهة التجنيد الجهادي الذي زرع الذعر بين الشعوب الأوروبية.
من قرر منح اوباما جائزة نوبل للسلام اخطأ لأنه لو قصف الرئيس الأميركي قواعد الطيران السورية منذ عام ٢٠١١ لما نشأ تنظيم «داعش» ولما تدخلت روسيا مستفيدة من التخاذل الأميركي. فالكارثة الإنسانية في سورية مستمرة والكل في الأسرة الدولية يتفرج على اجرام الأسد وروسيا وإيران و»حزب الله» من دون اي استراتيجية.
الحياة اللندنية