القدس العربي – عبدالحميد صيام
قدم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، صباح الإثنين لأعضاء مجلس الأمن نسخة عن التقرير الذي توصل إليه فريق التحقيق الدولي المستقل المكلف بالتحقيق في استهداف المنشآت الطبية والصحية والإنسانية في شمال غرب سوريا في منطقة “خفض التصعيد” المشمولة بالاتفاقية التي وقعتها كل من تركيا والاتحاد الروسي بتاريخ 17 كانون الأول/ديسمبر 2017.
وقد تم توزيع التقرير المكون من 185 صفحة على أعضاء مجلس الأمن بينما تم توزيع ملخص عن التقرير في 23 صفحة للصحافة المعتمدة ووصل “القدس العربي” نسخة منه، ويضم نتائج تحقيق الفريق الذي شكله الأمين العام في 1 آب/ أغسطس 2019 ، للتحقيق في بعض الحوادث التي وقعت في شمال غرب سوريا منذ التوقيع على المذكرة حول منطقة إدلب بين الاتحاد الروسي وتركيا، وألحقت بمنشئات ومرافق الأمم المتحدة أو المدعومة من الأمم المتحدة أضرارا نتيجة للعمليات العسكرية.
غوتيريش: الهدف من تشكيل فريق التحقيق هو اتخاذ خطوة لتطوير سجل واضح لوقائع هذه الحوادث وأسبابها والأشخاص أو الكيانات المسؤولة
وقال الأمين العام إن الهدف من تشكيل فريق التحقيق هو اتخاذ خطوة لتطوير سجل واضح لوقائع هذه الحوادث وأسبابها والأشخاص أو الكيانات التي قد يكونون ارتكبوها. وهذا سيمكن الأمانة العامة، في جملة أمور، من تحديد أي ثغرات أو أوجه القصور التي قد تكون قد حدثت في إجراءات المنظمة، لاتخاذ تدابير ووضع ترتيبات مستقبلية قد تكون مطلوبة بهدف منع تكرار مثل هذه الحوادث في المستقبل أو على الأقل تقليل عددها وتخفيف آثارها. وأضاف: “هذا يضعني أيضًا في وضع أفضل لتحديد الخطوات التي قد أحتاج إلى اتخاذها لحماية أفضل في إدارة موارد المنظمة، ولا سيما الأموال التي تقدمها الدول الأعضاء للأمم المتحدة لتمويل البرامج في المجال الإنساني”.
وردا على سؤال لـ”القدس العربي” للمتحدث الرسمي للأمين العام، ستيفان دوجريك، حول أهمية التقرير والخطوة التالية بعد تقديمه لمجلس الأمن وما إذا كان الهدف توثيق الوقائع قال: “التقرير، كما هو واضح من الملخص، تم إنجازه من أجل تثبيت الحقائق. هو ليس وثيقة قانونية أو قضائية. لقد تم توزيعه صباح اليوم الإثنين على أعضاء مجلس الأمن. جزء هام من التقرير يتفحص الإجراءات الداخلية التي قامت بها الأمم المتحدة في هذا المجال. وسيعين الأمين العام موظفا رفيع المستوى لمراجعة ما جاء في التقرير ومتابعة تنفيذ التوصيات التي اقترحها الفريق. تكمن أهمية التقرير في كونه آلية داخلية لتقييم أداء المنظمة الدولية وهذا هو دور فريق التحقيق المعين داخليا من قبل الأمين العام”.
دوجريك: التقرير ليس وثيقة قانونية أو قضائية
وقد تجمع أعضاء الفريق الخمسة في 13 أيلول/ سبتمبر 2019 وعقدوا اجتماعهم الأول في 30 أيلول/ سبتمبر 2019 في نيويورك. وقام الفريق بزيارات ميدانية بين 2 إلى 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2019 ، إلى كل من عمان وغازي عنتاب وأنقرة. وذكر التقرير أن الحكومة السورية لم ترد على الطلبات المتكررة لإصدار التأشيرات لأعضاء المجلس، وبالتالي لم يتمكن المجلس من زيارة سوريا، وبالتالي لم يتمكن الفريق من معاينة مشاهد الحوادث التي تم تكليفه بالتحقيق فيها. “ومن الواضح أن الفريق قام بعمل معقد للغاية واستطاع أن يقدم تقريره للأمين العام من خلال رئيس ديوانه يوم 9 آذار/ مارس 2020”.
وقد كلف فريق التحقيق بالنظر في الحوادث التالية وتبيان حقيقة ما جرى:
(أ) معرفة الأضرار التي لحقت بمدرسة الشهيد أكرم علي إبراهيم الأحمد الثانوية في قلعة المضيق، محافظة حماة، بتاريخ 28 نيسان/ أبريل 2019 ؛
(ب) تقييم الأضرار التي لحقت بمركز ركايا للرعاية الصحية الأولية في محافظة إدلب يوم 3 أيار/ مايو 2019 ؛
(ج) الضرر والوفيات والإصابات التي حدثت في كفرنبودة للرعاية الصحية الأولية والمركز والوحدة الجراحية بكفر نبودة، بمحافظة حماة، بتاريخ 7 أيار/مايو 2019 ؛
(د) الأضرار والوفيات والإصابات التي وقعت في مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين في حلب، محافظة حلب، يوم 14 أيار/مايو 2019؛
(هـ) الأضرار والإصابات التي لحقت بمستشفى السقيلبية الوطني في بلدة السقيلبية بمحافظة حماة، في 26 أيار/مايو 2019 ؛
(و) الأضرار التي لحقت بمستشفى كفر نبل الجراحي في كفر نبل بمحافظة إدلب، في 4 تموز/يوليو 2019 ؛
(ز) الأضرار والإصابات التي لحقت بمركز حماية أريحا في أريحا، بمحافظة إدلب، يوم 28 يوليو 2019.
يتناول التقرير بعد ذلك معلومات تفصيلية حول تلك الحوادث التي كلف الفريق بالتحقيق فيها ويخلص إلى أن أطراف النزاع في الحرب الأهلية الوحشية في سوريا التي دخلت عامها العاشر، فشلت في الامتثال بالتزاماتها بموجب القانون الدولي لتجنب الهجمات على المستشفيات والمنشآت المدنية الأخرى التي وردت في قائمة الأمم المتحدة في مناطق خفض التصعيد المتفق عليها كما جاء في تقرير الفريق. وكما جاء في التقرير فإن أثر الأعمال العدائية على المواقع المدنية والإنسانية في شمال غرب سوريا هو تذكير واضح بأهمية احترام جميع أطراف النزاع للقانون الإنساني الدولي. وذلك يشمل الالتزام في جميع الأوقات بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين وبين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية وتوجيه الهجمات فقط ضد المقاتلين والأهداف العسكرية.
وقال التقرير: “وفقا لتقارير عديدة، فإن الأطراف فشلت في القيام بذلك”، مؤكدا أن أي تدابير تتخذها الدول الأعضاء لمكافحة الإرهاب يجب أن تكون متسقة مع التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان وقانون اللاجئين.
ويشمل التقرير مجموعة توصيات مصحوبة بأكثر من 200 تذييل ومرفق، تمنح الأمين العام أساسا للنظر فيما يمكن أن يفعله لحماية وإدارة الموارد الإنسانية للمنظمة في الميدان بشكل أفضل.
وأكد الأمين العام في ملخصه أن من المهم أن ينظر إلى التقرير على أنه لا يحمل أي نتائج قانونية لأن الفريق لم ينظر في موضوع المسؤولية القانونية أو القضائية، ولأن الفريق، كما جاء في الملخص، “لم يتمكن من زيارة أي من المواقع المكلف بالنظر فيها، بعد أن فشلت حكومة سوريا في الاستجابة لطلبات منح التأشيرات للقيام بالزيارات الميدانية المطلوبة”. لكن الفريق تمكن من جمع المعلومات من كيانات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والشهود ومصادر أخرى، بما في صور الأقمار الصناعية من برنامج التطبيقات الساتلية التشغيلية لمعهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (اليونيتار) وغيرها من مصادر.
خمس مناطق تم قصفها من قبل القوات الحكومية وحلفائها
في ضوء المعلومات المتاحة، فإن فريق التحقيق قال “إنه من المحتمل للغاية أن تنفيذ الهجمات على مركز ركايا للرعاية الصحية الأولية في قرية ركايا سجنة في محافظة إدلب، في 3 أيار/ مايو 2019، قد نفذ من قبل قوات الحكومية السورية”.
وأضاف الفريق أنه “من المعقول” أن يكون الضرر الذي لحق بمنشأة رعاية صحية مماثلة في كفرنبودة، في محافظة حماة، في 7 أيار/ مايو 2019، بسبب هجمات من تنفيذ الحكومة وحلفائها.
وأما عن الهجوم على مخيم النيرب للاجئين الفلسطينيين بالقرب من مطار حلب في 14 أيار/ مايو 2019 وأسفر عن مقتل 11 شخصًا وإصابة 29، قال فريق التحقيق إنه “من المحتمل” أن الغارة نفذتها إما جماعات معارضة مسلحة أو عن طريق هيئة تحرير الشام، وهي منظمة متطرفة وصفها مجلس الأمن بأنها جماعة إرهابية.
وفيما يتعلق بالأضرار التي لحقت بمستشفى كفر نبل الجراحي في كفر نبل بمحافظة إدلب، في 4 تموز / يوليو 2019 قال الفريق إنه “من المحتمل للغاية” أن تكون الغارات نفذتها الحكومة و / أو حلفاؤها. وأضاف، “ومع ذلك فإن المعلومات تفتقر إلى ما يكفي من الأدلة للتوصل إلى نتيجة قاطعة”.
وأشار فريق التحقيق إلى أنه “من المحتمل للغاية” أن الحكومة و / أو حلفاءها قامت بشن هجوم على مركز حماية الطفل في أريحا بمحافظة إدلب في 28 تموز/ يوليو 2019 مضيفًا مرة أخرى أنه لا يوجد من المعلومات والأدلة ما يكفي للتوصل إلى نتيجة حاسمة.
وقال الأمين العام في ملخص التقرير إن الفريق قد قدم سلسلة من التوصيات التي سيتعامل معها بكل جدية وحرص. “بعض القضايا المثارة معقدة ، بما في ذلك السؤال أي أطراف النزاع يجب أن تُعطى معلومات سلفا بهدف إزالة التناقضات في التقارير”. وقال الأمين العام إنه “من أجل المساعدة في تحديد أفضل طريقة لتناول توصيات الفريق، أخطط لتعيين مستشار رفيع ومستقل من ذوي الخبرة في هذا المجال، وسأكون منفتحًا أيضًا على تلقي الملاحظات من الدول الأعضاء حول هذه المسألة