صحيفة الجمهورية 5-2-2014
الإتئلاف يبدو مصرّاً على طرّق كل الأبواب، ولا سيما باب روسيا فلاديمير بوتين، كونها “طرفاً رئيساً في الأزمة السورية، وبصفتها إحدى الدولتين الراعيتين لمؤتمر جنيف 2″، علّه يستطيع أن يستجلّب موسكو إلى صفه، وأن ينجح مستقبلاً في فك رباط “زواجها الكاثوليكي” بنظام بشار الأسد.
فضمن هذا المسار، يضع أحد أعضاء وفد الإئتلاف إلى موسكو الدكتور برهان غليون الزيارة، التي يرى أنّ طبيعة المرحلة تقتضيها، وبالتالي كان لا بدّ منها بعد الجولة الأولى لجنيف 2، وقبيل الجولة الثانية في 10 الجاري.
ويقول غليون في إتصال هاتفي مع “الجمهورية”: “الحديث مع الروس مفيد، لقد ناقشنا معهم إمكان تقديم التزامات لدعم قرار مجلس الأمن 2118، الذي يشكّل أساس المفاوضات التي تنضوي تحت إطار جنيف 2”.
ويضيف: “لا شك أنّها زيارة مثمرة، تمّ التواصل فيها مع طرف رئيس في الأزمة السورية وهي روسيا، وبصفتها دولة راعية لجنيف 2 “.
زيارة إستمع خلالها وفد الإئتلاف إلى مواقف المسؤولين الروس، وفي طليعتهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، لكنّه “لم يلمس تطوراً كبيراً”.
أعاد الروس ترديد معزوفتهم السابقة على آذان المعارضة السورية بأنّهم “يراهنون على المفاوضات، ولا يريدون ممارسة ضغوطهم على النظام السوري ليعدّل في مواقفه، ويقبل بتشكيل هيئة حكم إنتقالية”.
شرح الوفد الإئتلافي وجهة نظره، معيداً التذكير بأنّ “أولويته تشكيل هيئة حكم إنتقالية”. وطالب الروس بأن يكون موقفهم “عادلاً”، وشدد على “أولوية وقف القصف بالبراميل المتفجرة والمدافع على حلب وسائر المدن السورية”. فإمطار المدن السورية بالبراميل المتفجرة من شأنه “تهديد المفاوضات”، يُحذّرغليون.
فضلاً عن ذلك، أبلغ وفد الإئتلاف الجانب الروسي أنّ “الملف الإنساني قضية حاسمة، ونرفض أن يخضع للمساومات على طاولة التفاوض، وقال طلبنا منهم موقفاً حاسماً في هذا الإطار”، يتابع غليون، ويلفت إلى أنّ الإئتلاف طلب من الجانب الروسي عدم استخدام حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن، سيما وأنّ الدول العربية تعتزم خلال اليومين المقبلين تقديم مشروع قرار يتناول هذه القضايا الإنسانية.
ويقول: “إستخدام الفيتو من شأنه أن يهدد موقف روسيا في سوريا المستقبل، فعليها أن تكون حساسة تجاه استخدام البراميل المتفجرة”.
واللافت أنّ اللقاء إستغرق أربع ساعات، وجمع حشداً من كبار المسؤولين الروس، فهو في نظر غليون “أمر إستثنائي في الخارجية الروسية، ولم يحصل منذ أكثر من 10 سنوات”.
ويقول: “الحفاوة كانت كبيرة، سادها ودّ وتحبّب، لا شك أنّه لقاء تاريخي، وهذا دليل إهتمام. ونأمل أن يكون الروس شعروا بقضايانا، بعد أن وعدوا أن يأخذوها في الإعتبار”.
ويتابع: “نحن نعتبر أنّ البدء بتشكيل هيئة حكم إنتقالية من شأنه خلق آلية لتطبيق بيان جنيف1، وقوة دافعة لوقف إطلاق النار، جواب الروس أنّهم يريدون أن يتفاهم السوريون مع بعضهم، ولا يرغبون التدخل في قضية داخلية سورية”.
لم تعطِ روسيا المعارضة وعوداً، “لكنّ مسؤوليها كانوا يصغون إلينا بشكل جيد، وعلى رغم أنّ زيارة موسكو لم تتخطَّ إطار تبادل وجهات النظر، إلّا أنّه يمكن اعتبارها قاعدة يمكن البناء عليها… قاعدة تواصل عاطفية”، أكثر ما يمكن أن يقال، يختم غليون.