“هؤلاء أقذر من الإرهابيين”، “الله يخلصنا منهم”، ” كرّهونا حياتنا”، هي غيض من فيض عبارات لاذعة تغص بها الصفحات الإخبارية الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، يعبر فيها سكان المناطق الخاضعة لسيطرة النظام في مدينة حلب عن امتعاضهم من ممارسات لجان الدفاع الشعبية (الشبيحة)، مع تصاعد أزمة الطاقة في فصل الشتاء.
ومؤخرا وسعت أزمة نقص المحروقات والغاز التي تضرب مناطق النظام من رقعة الغضب الشعبي، لينخرط فيها بعض المسؤولين من أبناء المدينة. فهذا رئيس غرفة تجارة حلب فارس الشهابي يكتب عبر صفحته الشخصية على فيسبوك تدوينة، ينتقد فيها “الشبيحة”. وبعد أن وصفهم بـ”مافيات الحرب المحلية” قال: “نطالب بملاحقة اللصوص والزعران، وإعدامهم في الساحات العامة بالضرب بالأحذية”.
وفي الوقت الذي تعاني فيه المدينة من نقص حاد في مادة الغاز المنزلي، يتهم فيه الأهالي مليشيات النظام بالسطو المسلح على الشاحنات المحملة بأسطوانات الغاز المعدة للتوزيع على الأهالي، ما يتسبب في حرمانهم من هذه المادة.
وفي هذا السياق، أوردت “شبكة أخبار حي الزهراء” الموالية للنظام؛ صورا لعناصر يرتدون الزي العسكري، إلى جانب سيارة محملة بأسطوانات الغاز، وقالت إن هؤلاء العناصر استولوا على عدد من الأسطوانات قبل توجه الشاحنة إلى مركز التوزيع في حي حلب الجديدة.
وفي مسعى منه للتخفيف من حدة الغليان الشعبي، أقر مجلس محافظة حلب التابع للنظام آلية جديدة لتوزيع الغاز المنزلي في مدينة حلب، حدد من خلالها مراكز ثابتة منتشرة في الأحياء للتوزيع اليومي، بالإضافة إلى افتتاح 16 مركزا جديدا، فضلا عن تخصيص مركز واحد لتوزيع الغاز على العسكريين دون استثناء، بمن فيهم لجان الدفاع الشعبية، للحد من ظاهرة استيلاء عناصر المليشيات الموالية على مادة الغاز، وبيعها من ثم في السوق بأسعار مرتفعة.
وكانت وزارة التجارة في حكومة النظام قد رفعت سعر أسطوانة الغاز المنزلي قبل نحو شهرين إلى 1800 ليرة سورية، بعد أن كان سعرها السابق محددا بـ1600، مع تخفيض وزنها من 12 كيلوغراما إلى 10 كيلوغرامات.
من جانبه، يشير عبد القادر علاف، معاون وزير الطاقة في الحكومة السورية المؤقتة، التي شكلها الائتلاف الوطني السوري، إلى أن “حكومة النظام تعاني من أزمة حقيقية في الغاز، بعد خروج أغلب حقول الغاز عن السيطرة”.
ويوضح علاف، في تصريحات خاصة لـ”عربي21″ أن “النظام يعتمد بنسبة كبيرة على الغاز المستورد عبر الموانئ البحرية في اللاذقية وطرطوس، الذي يتم إيصاله بالخزانات المحملة على الشاحنات إلى محطات التعبئة المنتشرة في المحافظات”.
ويعزو علاف استفحال أزمة الغاز في مدينة حلب إلى ضعف كميات الغاز التي تصل من محافظة حماة إلى مدينة حلب بالأسطوانات لا بالصهاريج الكبيرة، وذلك لعدم وجود محطة تعبئة في المدينة، منذ خروج محطة “الراموسة” عن الخدمة، بعد أن تحولت المنطقة إلى خط اشتباك بين قوات النظام والمعارضة.
وسبق إقرار مجلس المحافظة لآلية توزيع مادة الغاز بيومين؛ قرارات إعفاء لمسؤولين من مناصبهم، من بينهم القاضي العام الأول بحلب إبراهيم هلال الهلال، ومدير مديرية خدمات السليمانية أيمن حاج حميدي، إضافة إلى إحالة عدد من العاملين بالمديرية إلى الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش للتحقيق، على خلفية قضايا تتعلق بالفساد.
لكن المفتش المالي المنشق عن النظام، منذر محمد”، رأى في حديث لـ”عربي21″، أن قرار إعفاء النظام لمسؤولين بتهم فساد في حلب، قرار بمحاسبة “الحلقة الأضعف”، مضيفا: “من غير المقبول أن تحمل موظفا في جهة مدنية مسؤولية أخطاء ترتكبها جهات عسكرية، مارقة عن القانون”، بحسب تعبيره.
وأضاف محمد: “قد يكون النظام عاجزا عن محاسبة الشبيحة بسبب غياب السلطة، أو لا يريد محاسبتهم أصلا؛ لأن فتح باب المحاسبة قد يفتح عليه احتمالات كبيرة، من بينها الخروج عن سلطة الدولة من قبل هذه المجموعات التي تحكم حلب فعليا”.
وتجدر الإشارة إلى أن غالبية عناصر لجان الدفاع الشعبية (الشبيحة) في مدينة حلب، هم أبناء عائلات بارزة من المدينة، نجح النظام في تجنيدهم إلى جانبه كخط دفاع رديف لقواته العسكرية.
عربي 21