نباتات الملوكية الزهرية أو كما يطلق عليها السوريون اسم الملوخية تنتشر في معظم الأراضي الزراعية في تركيا وبخاصة في منطقة هاتاي والقرى المتاخمة للحدود مع سورية وذلك نظراً لطبيعة تربتها وجوها وكثرة الآبار الارتوازية في القرى القريبة منها والتي تعتمد على الزراعات المروية، حيث تظهر تلك العشبة لوحدها في الطبيعة تلقائيا دون زراعة في الأراضي المزروعة بالقطن والفليفلة والبطيخ.
وتكثر تلك النبتة بين تلك المزروعات وعلى أطراف الأنهار فتنمو بطول متر ونصف المتر أو أكثر، والمزارع التركي يعتبر تلك العشبة ضارة وعدوة له ولمزروعاته ويكره شكلها عندما يراها نامية مزهرة في بستانه فهو يجهل طعمها الشهي ونكهتها اللذيذة على المائدة مما يضطره إلى تعشيبها وتنظيف الأراضي من تلك النباتات ويدفع أجوراً للعمال لقاء تعشيبها ولكن ما يدفع الأتراك للاستغراب والدهشة وأحياناً كثيرة إلى الذهول أن تلك النباتات الخضراء غذاء رئيسي للسوريين ووجبة دسمة لا يمكن الاستغناء عنها حيث يقوم السوريون بقطف الملوخية وتنظيفها من العيدان ثم طبخها مع الفروج أو اللحمة أو بدونهما معاً.
والملوخية تبقى حاضرة على كافة الموائد السورية الغنية والفقيرة بغض النظر عن مستواها المادي نظراً لأسعارها المنخفضة جداً، ولا يخلو بيت سوري منها صيفاً شتاء لأنها الأكلة المحببة والشهيرة لدى السوريين حيث تؤكل خضراء أو مجففة فيقوم السوريون بتجفيفها صيفاً فتوضع في الظل لبضعة أيام حتى تجف تماماً ويتم تخزينها لفصل الشتاء كونها نوع من المونة الأساسية بالنسبة للأسرة السورية .
وفي إقليم هاتاي جنوب تركيا وتحديداً في القرى القريبة من مدينة كركخان انتشرت زراعة الملوخية بكثرة حيث امتدت زراعتها عشرات الدونمات بعد الطلب المتزايد عليها من قبل اللاجئين السوريين الذين استثمروا بعض الأراضي الزراعية مناصفة مع الأتراك وزرعوا الملوخية التي تعتبر مصدر كسب وربح لهم ولعائلاتهم فتكلفتها بسيطة وزراعتها سهلة وتباع بسعر جيد من ليرة واحدة للكيلو إلى ليرة ونصف مما حذا بعدد ولو ضئيل من المزارعين الأتراك لزراعتها على حسابه الخاص ومن ثم تجفيفها وتيبيسها وتصديرها إلى عدد من مدن الداخل التركي حيث يتواجد اللاجئون السوريون بكثافة مثل مرسين وأضنة واستنبول لتغدو الملوخية كباقي الخضراوات بل الأهم في تركيا فهي مادة رئيسية تجذب اليد العاملة وفرصة للكسب المادي.
وعن فوائد الملوخية يحدثنا الدكتور نورس آغا أخصائي التغذية فيقول :” الملوخية غنية بمادة الكلوروفيل الخضراء والكاروتين بنسبة أكبر من الموجودة في الخس والسبانخ ويستفيد الجسم من مادة الكاروتين عند تحولها إلى فيتامين “أ” الهام لتقوية جهاز المناعة حتى تزداد مقاومة الجسم للأمراض ويساعد على تقوية النظر ويحمي الجسم من الشيخوخة المبكرة.
كما تحتوي على فيتامين “ب” الذي يحول الطعام إلى أحماض أمينية ويزيد من إفراز هرموانات الذكورة والمادة المخاطية في الملوخية تُسمّى ميوسولج تحولها الألياف إلى مادة غذائية خفيفة وسهلة الهضم وتعمل على تخفيف الاضطرابات الهضمية لمرضى القولون العصبي والجهاز الهضمي والكبد وتوجد في الملوخية مادة الجلوكاسايدز التي تحتوي على بعض المركبات الفينولية مثل الجلوكوسيدات والفلافونات حيث تعمل على حماية الجسم من المواد المؤكسدة والتي تؤدي إلى تصلب الشرايين وارتفاع نسبة الكوليسترول ضغط الدم واصطراب دقات القلب.
صهيب مفوض الابراهيم
المركز الصحفي السوري