في معرض تعليقها على محادثات السلام المزمع عقدها في جنيف اليوم الجمعة، تناولت صحيفتان بريطانيتان هذا الموضوع من زاويتين مختلفتين، فقد رأت صحيفة ذي غارديان في افتتاحيتها الجمعة أن الحوار من أجل الحوار قد يوهم بحدوث تقدم، لكنه سيكون على حساب السوريين وأمن الدول الغربية على حد سواء.
لقد أصبحت سوريا -في نظر الصحيفة- “أسوأ كارثة إنسانية” في عصرنا هذا، والمحنة التي يتعرض لها شعبها تُزعزع على نحو خطير استقرار أوروبا وتفضح ضعف مؤسساتها. وقالت إن المحادثات في ظل هذا المناخ السائد تبدو في غايتها المعلنة ضرباً من الطموح “المدهش”.
“ولأسباب عديدة فإن ثمة خطرا يجعل تلك المحادثات لا تعدو أن تكون دبلوماسية زائفة. أولا فإن مسألة حماية المدنيين السوريين بالكاد سقطت من جدول الأعمال. ولا يمكن إحراز أي تقدم دون إيلاء محنة السوريين اهتماما. ثانيا: يبدو أن القوى الغربية قدمت تنازلات سياسية كبيرة لروسيا وإيران، المعينتين الرئيسيتين لنظام بشار الأسد”.
واستطردت الصحيفة قائلة إن الدبلوماسية عملية بطيئة، كما أنها ليست مجرد وسيلة للحوار، ولا يمكن اختزالها بوضع أناس في غرفة أو في تحديد مواعيد لمؤتمرات القمة.
“فايننشيال تايمز: إصرار كيري ودي ميستورا، على الدفع باتجاه انعقاد محادثات السلام بأسرع ما يمكن “يُحدث انقسامات ويُشيع عدم ثقة بين المعارضة في وقت يحتاج فيه زعماؤها إلى زخم سياسي لإنفاذ صفقة على الأرض”
وفي هذه الأثناء، تطالب روسيا وإيران بتعديل وفد المعارضة إلى المفاوضات ليشمل عناصر يوافق عليها نظام الأسد. وإذا لم ترفض الولايات المتحدةوحلفاؤها هذا المطلب، فإنها تجهض بالفعل شرعية الوفد في نظر السوريين أنفسهم، وتبدد أي أمل في محادثات حقيقية وصادقة، تقول ذي غارديان.
وتستطرد الصحيفة قائلة إنه يبدو من السهل الضغط على المعارضة، لكن الأنسب هو ممارسة الضغط على داعمي الأسد في موسكو وطهران، “فالأسوأ هو السماح بأن تكون للأسد اليد العليا مما سيغذي من أسطورة تنظيم الدولة الإسلامية بأنه وحده القادر على الدفاع عن المسلمين السنة”.
وتخلص الصحيفة إلى أن التفاوض لمجرد التفاوض ربما يعطي انطباعا وهميا بحدوث تقدم، لكنه يأتي بثمن باهظ على حساب السوريين وأمن الغرب أيضا، إن الدبلوماسية الزائفة ليست بدبلوماسية”.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة فايننشيال تايمز عن بعض المعلقين القول إن إصرار وزير الخارجية الأميركي جون كيري وموفد الأمم المتحدة الخاص لسوريا ستيفان دي ميستورا على الدفع باتجاه انعقاد محادثات السلام بأسرع ما يمكن “يُحدث انقسامات ويُشيع عدم ثقة بين المعارضة في وقت يحتاج فيه زعماؤها إلى زخم سياسي لإنفاذ صفقة على الأرض”.
فممثلو المعارضة المسلحة -حسب الصحيفة- يقولون إن مطالب السوريين المتضاربة تزعجهم، فالبعض يشدد على ضرورة مشاركتهم في المحادثات بغية التوصل إلى ما يخفف المعاناة المرعبة في بلدهم الذي تمزقه الحرب. ويرى آخرون أنه لا ينبغي لهم الحضور حتى يتوقف العنف الذي أودى حتى الآن بحياة أكثر من ثلاثمائة ألف شخص وينتهي الحصار المفروض على المدن الخاضعة لسيطرة المعارضة، والذي عرَّض عشرات الآلاف إلى خطر المجاعة.