أيام قليلة تفصل العالم الإسلامي عن بدء موسم “الأضاحي”، لكنَّ هذا الموسم يختلف عما سبقه في سوريا، بعد أن ارتفعت أسعار الأغنام من جهة، وقرّرَ النظام تصدير أجود أنواعها لرفد خزينته من جهة أخرى، إضافة لانعدام القوّة الشرائية لدى السوريين الساعين لذبح أضحية في هذا الموسم بعد تهاوي العملة السورية لمستويات قياسية.
تضاعف الأسعار
سجّل سعر الكيلو الواحد للخاروف الحي وسعر لحمه مذبوحاً أسعاراً قياسيةً هذا العام، مقارنة بهذه الأيام من العام الماضي ليصل حتى الضِعف.
وقال ياسر عنداني، وهو لحّام في منطقة الميسّر شرقي مدينة حلب، لـ”صدى الشّام”: “إن سعر لحم الخاروف الحي ارتفع من 800 ليرة في الموسم الماضي إلى 1500 ليرة هذا العام، بينما ارتفع سعر لحم الغنم المذبوح “الهبرة” إلى أكثر من 5 آلاف ليرة، مقارنة بـ 2300 ليرة العام الماضي”.
وذكر عنداني أن ارتفاع الأسعار سيؤدي حتما لانخفاض كمية ذبح الأضاحي هذا العام، لأن ذلك سيكون حكراً على السوريين الأغنياء، أو الذين يحقّقون على الأقل دخلاً شهرياً كبيراً، شارحاً أن ذلك غير متوفّر إلّا لقلّةٍ قليلة من السوريين، ولا سيما في المناطق الشرقية بمدينة حلب.
وربط عدناني بين حركة سوق الأضاحي وحركة سوق اللحوم الحمراء بشكل عام، شارحاً أنهما ينتعشان وينعدمان معاً، وأضاف: “عندما يكون هناك أموال بين أيدي الناس فإن الإقبال على شراء اللحوم الحمراء يرتفع، كما يرتفع الإقبال على الأضاحي. لكن كلامها منخفض هذه الفترة”.
من جهة أخرى نقل موقع اقتصادي عن مصدر في وزارة الزراعة في حكومة النظام قوله إن “أسعار لحم الخراف الحي ستشتعل مع قدوم عيد الاضحى”، متوقعاً أن يصل سعر الكيلو الحي إلى أكثر من 1900 ليرة سورية، ما يعني وصول سعر الكيلو المذبوح إلى ما بين 6500 و7000 آلاف ليرة سورية، وفق المصدر.
وقدّرت إحصاءات رسمية صادرة عن وزارة الزراعة ذاتها بأن عدد القطيع من الأغنام في سوريا انخفض من 22856 مليون رأس في عام 2010، إلى 11904 مليون رأس في عام 2014.
النظام استبدل “العواس” بالـ “بيلّا”
أصدرت وزارة التجارة الخارجية والاقتصاد التابعة لحكومة النظام في 14 آب الماضي، قراراً سمحت بموجبه بتصدير 90 ألف رأس من ذكور الأغنام العواس وذكور الماعز الجبلي البلديين، الذين يعتبرا من أجود أنواع الأغنام، حيث يكثر الطلب على العواس بشكل كبير في موسم الأضاحي.
من جهة أخرى سمح النظام باستيراد لحم “البيلّا” رخيص الثمن إلى الأسواق في سوريا، وبذلك يكون قد استبدل اللحم البلدي الفاخر بلحم البيلّا رخيص الثمن وغير المرغوب بين أوساط السوريين.
وأكد لحّام في العاصمة دمشق طلب عدم ذكر اسمه، لـ”صدى الشام”، أن “النظام أخذ أجود اللحوم السورية وأعدّها للتصدير، بينما طرح اللحوم السيئة في الأسواق”، معتبراً أن “لحم “البيلّا” من أسوأ أنواع اللحوم”.
وبيّن اللحام أن ثقافة السوريين بشكلٍ عام ترفض أكل لحم البيلّا في الأيام العادية، فكيف لهم أن يستخدموها في الأضاحي؟ معتبراً أن “هذا الإجراء سيؤدي لرفع ثمن الخاروف البلدي وبالتالي انخفاض كبير في نسبة الأضاحي”.
يُذكر أن ثمن البيلّا حوالي 400 ليرة للكيلو الحي و1900 ليرة للمذبوح، وهو يعادل ربع أسعار الخاروف البلدي، وفقاً للحام ذاته.
بين قادر على الأضحية وعاجز عنها
في استطلاع أجرته “صدى الشام على مواطنين في حلب ودمشق وإدلب حول نيتهم تقديم أضحية هذا العام، قال أحمد سلّوم، وهو من سكّان منطقة الشعّار بحلب، إنه اعتاد أن يضحّي في كل موسم بخاروف واحد أو اثنين على أقل تقدير، لكنّه هذا العام لم يتمكّن من ذلك لأنه فقد مصدر دخله، بعد أن تدمّر مصنع الألبان والأجبان الذي كان يملكه. موضحاً أن سعر تكلفة الأضحية بات مرتفعا جداً وخارج قدرته.
أما أبو اسماعيل، وهو أحد سكان مدينة إدلب، فأكد عزمه على ذبح أضحية هذا العام في حال توافر دابة بوزن 17 كيلو غرام، أي لا يتعدّى ثمنها 25 ألف ليرة، مشيراً إلى أنه تمنّى ذبح دابّة أكبر لكن إمكانيته محدودة.
وذكر عماد، من دمشق، أنه حاول كثيراً توفير مبلغ من راتبه في كل شهر لذبح أضحية، لكنه فشل بسبب الغلاء الفاحش، الذي أجبره على استهلاك الراتب كاملاً والبحث عن مصادر أخرى للعيش.
صدى الشام