أربعة أيام فقط مرت على انقضاء عيد الحب، هل هذا يعني عودة الحب لقبره الذي حفره له الغرب في بلادنا وأنعشوه في ثنايا بلادهم، أم أنه اعتراف صريح بأنه يوم واحد للحب تتشكل فيه ثورة تؤجج شعور المحبين وبقية الأيام يعود لثباته؟ .
اجتياح الحب لقلوب الملايين في يوم واحد، يشبه صوت ثورة الشعب السوري التي زحفت من مدينة لأخرى لتعيد إلى كل سوري حقه في الحرية والحياة الكريمة، ليضحي الشعب السوري هو والحب كل العالم يحاربهما ليقتل مطلبه الوحيد ويلغي السلام.
الحب، الحرب، حالتان من صنع الغرب، يتم تطبيقهما دائماً داخل الدول العربية ولاسيما سوريا، فباسم الحب يفتعلون الحرب، وبحجة المحبة والعطف على الشعب السوري يمدون أيديهم ليسلبوا منهم أرضهم التي تعتبر حبهم الأكبر و منبع الأمان لهم، فألفاظهم وألبستهم وطعامهم وأعيادهم الوهمية لنا كأعياد الميلاد والحب ورأس السنة سبقت اقتحامهم الفكري والاقتصادي والسياسي مع العسكري لسوريا، وهنا علاقة طردية لأنه بازدياد تحريف الإيديولوجيات الفكرية ترتفع رقعة سيطرتهم الاقتصادية والسياسية، وكل هذه الانقلابات السريعة في البلاد العربية تصب في قوقعة العولمة التي تروج لها أمريكا الملقبة بشرطي العالم لتتحكم بكافة الدول الغربية والعربية.
” عيد القديس فالنتاين ” الاسم الأصلي لعيد الحب المتناول في الدول العربية، وهو في الحقيقة عيد ديني له ارتباط وثيق بعقيدة النصارى وبوثنية الرومان والنصارى، فتحت أي ظرف يحتفل به العرب المسلمون؟!، ربما لأنهم لم يجدوا في مجتمعاتهم الأرض الخصبة لتحقيق رغباتهم المنفتحة على العالم الخارجي، أو أن الحكم السائد والعادات والقيم لم تعد تناسب طموحاتهم، بل حتى النفسيات المحطمة الباحثة على الراحة، جميعها عوامل سهلت انتشار الثقافة الغربية في الأرجاء العربية.
” على الذين يعطون أن لا يتحدثوا عن عطائهم، أما الذين يأخذون فليذكروا ذلك “، مثل برتغالي يمس المحبين ينطبق بتفاصيله على الشعب السوري في ظل الحرب السورية، فهو لم يأخذ من العالم المُقدس الحب بيوم خاص، والكل يتشدق عن مساعدتهم له، وإن كان حقاً قد قدم شيئا فهو لم يقدم سوى إطالة عمر الأزمة السورية، وتأجيج النزاع بين جميع الأطراف إضافة لتحويل سوريا لساحة صراع بين الدول الكبرى آخرها روسيا وتركيا.
لكن ألا تتناقض نظرتهم المحدودة عن الحب فيما يحصل بسوريا من مجازر بحق شعبها وخير دليل هذا المثل الإنكليزي ” الحب الذي يتغذى بالهدايا، يبقى جائعاً على الدوام “، وكل ما شاع في الأسواق السورية رغم الدمار والآلام من هدايا معبرة عن العواطف على حد زعمهم أمر طبيعي ليس ذو قيمة مقابل ما يرسلونه للشعب السوري من هدايا عبر طائراتهم من الصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية إلى جانب الصواريخ البالستية تزهق أرواح مئات الآلاف وتوقع أكثر من مليون جريح سوري، وجد في عيد الحب أجواء تلهيه ولو لساعات عن الوضع المأساوي الذي يعيشه منذ أكثر من خمس سنوات.
الآن أدرك الشعب السوري معنى الحب الذي يكنه الغرب لنا، فالصورة جلية أمامه، بعدما وجد خلفية المشهد لشكل “قلب الحب” الذي حمل في جوهره تدمير القلب البشري بكل معنى الكلمة بعد سلبه لنبضه المجسد في أرضه السورية، وللون الأحمر المختار من قبل الغرب ليمثل لون المحبة حكاية عند السوريين، وأي حب يفوق تراب بلدهم المخضب بدمائهم الحمراء، أما الوردة الحمراء حري لها أن تكون رمز الوئام والتآلف طالما سقتها تلك الأنهار من دماء السوريين، ودمتم بحبكم المزعوم أيها الغرب فهنيئاً لكم، لكن حبذا لو تتخلوا لنا عما تبقى من حبنا لأرضنا الكامن وراءه الحب السامي الحقيقي.
محار الحسن
المركز الصحفي السوري