نشرت إحدى الصفحات الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي، شكوى من مواطن كان قد تقدم لمسابقة وزارة الثقافة في دمشق لتعيين عدد من العاملين بالفئتين الأولى والثانية، التي أعلنت عنها نهاية العام المنصرم، إلا أنه فوجئ بعدم قبوله بعد صدور النتائج رغم أنه حصل على درجة 60.
أكثر ما أثار استياءه أن من بين قائمة المقبولين أشخاصا بدرجات لا تزيد عن 52، ليقول بامتعاض :” حاولت قدم شكوى والتقي مع الوزير واعترض بس ما في أي إجابة.. بس يلي بدي أعرفو أنو كيف أبو الـ 52 انقبل وأبو الـ 60 انرفض ؟”.
تساؤل هذا المواطن ليس بمحله، فلطالما كانت الوظائف في الدوائر الحكومية حلما لدى السوريين، وكأن المحسوبيات والتزكية من الشروط الأساسية التي تندرج في قائمة الطلبات، فكم من خريجي الجامعات والمعاهد عاطلون عن العمل أو أجبروا على امتهان عمل آخر لا علاقة له بتحصيلهم العلمي، فقط لأنهم يعيشون ببلد يعيث فيه الفساد ووصل لمراحل متقدمة لم تعد تحتمل.
“لا تتعب حالك أسماء الناجحين جاهزة”، عبارة يتناقلها السوريون بسخرية لدى سماعهم بإعلان عن مسابقة تعيين، فيعلق طاهر ساخرا من الوضع :” صرلي متخرج من كلية الآثار عشر سنين، ولما قدمت ع المسابقة قلت لحالي بدبر واسطة حاجتي عم اشتغل عامل لعيش، وطبعا ما في مسؤول بالنظام بيرضى يدعمك بدون مقابل، وواحد منهن طلب مني 2000 دولار ليساعدني، ما عاد تعجبن العملة السورية بدهن ينصبوا ويستغلوا الناس بالدولار”.
والجدير بالذكر أن المواطن لو كان يملك تلك المبالغ التي تعتبر خيالية مقارنة بدخله، لما كان تعنى مشقة الخوض في المسابقة وتحمل عناءها، ليصفها أحد المتقدمين بأنها مجرد حرق للأعصاب، ويضيف :” إنها المسابقة رقم 6 التي أتقدم لها ويكون اسمي من بين الناجحين ولا أقبل، ومع ذلك لم أتعلم أن هكذا نظام يريد أن يعلمنا معنى اليأس والخنوع”.
الجميع يعلم أن تلك المسابقات مجرد تمثيلية ساخرة أمام العالم ليبرهن النظام يهتم بشعبه وأنه يقدم فرص العمل لذوي الشهادات والخبرات، إلا أن الحقيقة منافية لذلك فكم من مسابقات أعدت لأجل تعيين عدد من أقارب المسؤولين، ويتساءلون أمام إعلامهم من أين ينبع كل هذا الفساد؟ إنه أمر طبيعي طالما أنهم يتركون أصحاب الكفاءات ويلجؤون لمن لا يملك أي نزاهة أو حتى خبرة في العمل.
ولا تخلو المسابقات من المنفعة المادية للحكومة عن طريق الطوابع والأوراق الثبوتية وغيرها، والتي حتى الآن لا يعرف ما هو الهدف الأساسي من هذه الإجراءات الروتينية، وكأن المواطن قد تم قبوله وتعيينه ولا يلزمه سوى استكمال أوراقه.
” عوجا “، كلمة تعبر عما بداخل كل سوري من حكومة فاسدة، رغم جميع الحملات والبرامج التي أطلقتها لمحاربة الفساد، على الرغم من أنه قد عشش في كافة دوائرها ومؤسساتها، ولتكون الحرب سببا آخر في تفشيه، ويعلق مواطن آخر وكأنه يعطي حلا للمشكلة :” ليش لندرس ونوجع قلبنا، بهلبلد.. الجاهل متل المتعلم، والفرصة بس للي عندو واسطة،.. الله يكون بعوننا بس”.
سماح خالد ـ المركز الصحفي السوري