لم يعد النظام السوري يكترث لعناصره القتلى والذين يتجاوز عددهمالعشرات يومياً، فظهر التململ في مراسم التشيع بعد أن كانت حدثاً مهماً يسلط عليه إعلامه وتنشر عنه صحفه “الوطنية” فتجد في بداية الثورة السورية صحفاً قد مُلئت بصور “شهداء” حسب وصف النظام والذين لقوا مصرعهم خلال الاشتباكات مع كتائب الثوار في جسر الشغور بريف ادلب، ففي كل قسم تجد صورة لأحد الضباط مع شريط مطول لتاريخه وحاضره وربما مستقبله لو كان على قيد الحياة.
ولم يكن الأمر مختلفاً كثيراً بالنسبة لذوي عناصر النظام، ليعتقدوا بأن ابنهم قد خرج لقتال “الإرهاب” المنتشر في البلاد، وإن عاد شهيداً ففي سبيل الأسد ثم الوطن، الأسد الذي سيعوضهم عن فقد ابنهم بامتيازات ومناصب ورواتب مالية، ولكن في البداية يجب أن يشيع القتيل بموكب عارم يطلق فيه الرصاص ويلف الصندوق بالعلم السوري.
هنا لا يمكن لأحد تصور أين سيوضع الصندوق، يقول أحمد أحد العاملين في مشفى حماة الوطني: “كانت الأشهر الأخيرة من العام الماضي، هي الأكثر دموية بالنسبة للنظام وعناصره، ففي كل يوم تأتي عشرات الحالات ممن أصيبوا خلال المعارك، ليقتل العديد منهم جراء إصاباتهم الخطرة، وخلال النهار تبدأ سيارات المواكب بالدخول إلى المشفى، لتتحول المشفى فيما بعد إلى ثكنة عسكرية جراء مرافقة الضباط الموجودين بداخلها، وما هي إلا لحظات حتى يبدأ إطلاق الرصاص الكثيف في الهواء أثناء تشييع أحد الضباط”.
“أما بالنسبة لجثث العناصر ذات الرتب العادية فتترك في براد المشفى أيام دون أن يكترث أحد بها، وفي النهاية تأتي والدة القتيل لتشيعه في سيارة من نوع “سوزوكي” إلى المقبرة دون أن يكترث أحد من النظام أو مسؤوليه بها”.
وأثارت اليوم صور نشرتها إحدى الصفحات الموالية للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي حالة من الغضب بين صفوف الموالين للنظام الذين هاجموا أجهزة النظام واتهموها بإهمال التضحيات التي يقدمها الجنود في جيش الأسد.
الصورة التي نشرت يوم أمس على موقع “سوريا فساد في زمن الإصلاح” تظهر تابوتاً لأحد قتلى النظام جرى نقله من المشفى إلى المقبرة عبر سيارة “سوزوكي” قديمة، وغالباً ما تستخدم تلك السيارات في بلادنا لنقل الماعز أو المحروقات وحتى الخضار إلى مناطق البيع والتصريف ليعتبر عشرات الآلاف من المتابعين للصفحة والمؤيدين للنظام السوري بأن هذه الصورة تعتبر إهانة لكل جندي قاتل في صفوف قوات النظام.
وعبر الموقع عن رأيه بعد نشر الصورة بـ”لما شهيد من الجيش العربي السوري البطل يشيع من المشفى بسوزوكي معناها الكثير من مسؤولينا لما يموتوا لازم نشيعن بعربية زبالة .. الفكرة لو انو ابن مسؤول عطس كانوا بعتولوا 15 سيارة إسعاف تسعفو بس شهيدنا ما في سيارة صحة توصلو بشرف وكرامة لبيتو .. ولما عسكري واقف عالحاجز و تمر السوزوكي من عندو ويسأل آمو ليش مو جايبينو بسيارة إسعاف وتقلو آمو قال !! ما في !! تأكدوا انو رح يعصر قلبو دم .. ورح يحس بشغلات تقهرو كتير.. هيك الشهيد عم يموت ألف موتة بعد الاستشهاد”.
لم يستمر الحال طويلاً حتى بدأت التعليقات تنتشر على الصورة ومنها تعليق أنجي مكرم ” وﻻدنا وأخواتنا ووﻻد عمنا وخوالنا عم تستشهد فداء للوطن، وفداء لكل باقي الشعب عم يتعاملوا هنن واهلن اسوء معاملة من قبل المسؤولين والله حرام حرام اللي عم يصير على مستوى سيارة إسعاف ما بيوصل فيها الشهيد على بيتو ووراق الشهيد عم بموتو أهلو مية مرة لحتى تخلص المعاملة تبعو وخصوصا وثيقة اﻻستشهاد والله حرام الشهيد بنظر المسؤولين وﻻ شي”.
وقالت لارا ” للأسف ….هالشهيد مثل غيره كتاااااار من الشهداء عم يستشهدوا ليدفعوا ثمن أخطاء اللي عم يشفطوا بالسيارات هنن و أهاليهون … فوق الموتة عصة قبر ….و فسرلي إذا فيك تفسرلي …معنى كلمة وطن .. سوريا فساد في زمن الاصلاح”.
وقال كمال في تعليق له “محزن جدا أن ترى الجندي بهذه الحال بعد أن يضحي بروحه و الذي هو رمز عظيم عند كل الحكومات المحترمة في العالم .. لكنها حكومة بشار الفاسد وزمرته الملعونة .. تلك الحكومة السافلة التي رمت شباب الوطن من كافة التوجهات في محرقة الموت للحفاظ على السلطة”
وأيد محمد بكار ما قاله البعض وكتب ” المسؤولين قاعدين للأكل وتربية الكروش ونهب المواطن والعكسري عم يموت ويموتو معو أهلو ألف موتة وآخر شي ما في حدا سائل .. وولاد المسؤولين ترف ونعمة … لك شوبدو الواحد يحكي ليحكي”.
ومع تزايد الانتقاضات الموجهة لحكومة الأسد بدأت الحاضنة الشعبية للنظام تضعف شيئاً فشيئاً ، فالعديد من العائلات ترفض إرسال ابنائها إلى الخدمة العسكرية وتعمل جاهدةً على تهريبه خارج مناطق النظام أو حتى بالسفر خارج البلاد، فلم يبقى له إلا الطائفة العلوية التي تشهد شوارعها يومياً العشرات من مواكب التشييع.
المركز الصحفي السوري ـ سائر الإدلبي