قالت مصادر تابعة لقوات سوريا الديمقراطية، إن التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ألقى القبض ليلة الخميس، على زعيم تنظيم «الدولة» الجديد «عبد الله قارداش» وذلك خلال عملية إنزال نوعية في ريف دير الزور شمال شرقي سوريا.
ووفقاً للصادر فقد «ألقي القبض على عبدالله قارداش زعيم داعش، وخليفة أبوبكر البغدادي في بلدة الزر في ريف دير الزور الشرقي بعد إنزال جوي استمر لساعات، وهو الأضخم من حيث عدد العناصر المشاركة والطائرات ومدة الإنزال».
«قسد»: تمكنا من توقيف مسؤول التنظيم المالي الذي وشى به
من جانبه قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن مجموعة مسلحة تابعة لقوات سوريا الديمقراطية داهمت منطقة بالقرب من مسجد سعد بن أبي وقاص في قرية الزر في ريف دير الزور الشرقي، وطالبت الأهالي بالتزام منازلهم وعدم الخروج منها عبر مكبرات الصوت.
وعقب ذلك نفذ التحالف الدولي عملية إنزال في المنطقة، استهدفت منزل أحد النازحين من بلدة البوليل ومنزلاً آخر بالقرب منه يعود لأحد التجار النازحين من بلدة بقرص، حيث جرى اعتقال شخص من أبناء البوليل كان بزيارة للمنزل الأول، فيما لم ترد معلومات مؤكدة عن الشخص إذا ما كان ينتمي لتنظيم «الدولة» أم لا.
ووفقاً للمصدر، فإن القوة المداهمة صادرت مبالغ مالية وأجهزة محمولة وذهباً من المنزلين المستهدفين في قرية الزر، كما اقتحمت محلاً تجارياً لبيع الأجهزة المحمولة وصادرت جميع محتوياته، في حين أطلقت القوة المداهمة النار في الهواء لإرهاب الأهالي ومنعهم من الخروج.
«وشاية»
مصادر خاصة من دير الزور، رجحت لـ»القدس العربي»، أن يكون «قارداش» قد فجر نفسه خلال عملية الإنزال، لافتة إلى أن «حجم القوة التي نفذت العملية ليلة أمس يشير إلى أن الشخص المستهدف غير عادي».
وحسب المصدر الواسع الاطلاع، فإن قوات التحالف الدولي بالتعاون مع «قسد» اعتقلوا قبل نحو ثلاثة أيام «محمد العلي» وهو المسؤول المالي، والمسؤول أيضاً عن تنسيق العمل بين خلايا تنظيم داعش شرقي الفرات، مبيناً ان «العلي» هو من وشى على مكان إقامة هذه الخلية، مؤكداً مشاركة خمس مروحيات بعملية الإنزال لقوات التحالف.
كما سبق ذلك، إعلان القوات الأمنية التابعة لإدارة قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، القبض على ما سمته المسؤول المالي لتنظيم «داعش» في الرقة، وقالت القوات الأمنية التابعة لقوات «قسد» في بيان، «تمكنت قواتنا الأمنية الخاصة اليوم الأربعاء السادس من شهر أيار/مايو، من توقيف المسؤول المالي لخلايا تنظيم داعش الإرهابي بمدينة الرقة».
وأضافت «بعد عمليات رصد ومتابعة وجمع للمعلومات حول أنشطة الخلايا النائمة لداعش استطاعت قواتنا تأكيد مكان تواجد (أحمد محمد العلي)، المسؤول المالي لخلايا تنظيم داعش الإرهابي ضمن إقليم الرقة، وتوقيفه بعملية نوعية قامت بها أقسامنا الأمنية بمشاركة القوات الخاصة».
وأشارت إلى أنه تم ضبط «مبالغ مالية بمختلف العملات، منها الدولار الأمريكي والليرة التركية والليرة السورية في مكان إقامته، إضافة لثلاثة أجهزة خلوية كان يستعملها للتنسيق بين الخلايا والتواصل معهم». ولفتت إلى أن القوات الأمنية التابعة لإدارة «قسد» شددت الإجراءات الأمنية في الآونة الأخيرة لملاحقة خلايا التنظيم بعد أن تعرضت مدينة الرقة لعدد من الأعمال «الإرهابية».
وتحدثت العديد من التقارير عن أن البغدادي كان قد رشح مساعده «أمير محمد سعيد عبدالرحمن محمد المولى» الملقب «عبد الله قارداش» لزعامة التنظيم في العراق، وإدارة أحوال وشؤون التنظيم، قبيل مقتله، وهو ما جعله الخليفة الأول» لزعيم تنظيم الدولة السابق، إذ يتحدر «قارداش» وهو عراقي الجنسية من قضاء تلعفر القريب من الموصل.
نشاط التنظيم
يقول مراقبون لـ»القدس العربي»، ان تنظيم الدولة لازال يمتلك القدرة على إعادة تشكيل خلاياه والعمل على استنزاف خصومه، حيث ازداد نشاط تنظيم داعش في الربع الأوّل من عام 2020 في كلٍّ من العراق وسوريّا، فوصلت عمليّاته في كلا البلدين إلى حوالي 360 عمليَّة مختلفة في التصنيف، القوة، الأسلوب والضحايا الناتجة عنها.
ومن المحتمل، حسب الباحث المختص بشؤون الجماعات الجهادية عرابي عرابي أن يعمد تنظيم الدولة إلى زيادة عملياته الأمنية عبر الاغتيالات والتصفية الجسدية في كلّ من سوريا والعراق، لافتاً إلى أن مستقبل الملفّ الأمنيّ المتعلق بتنظيم داعش مرتبط باحتمالات مختلفة أبرزها عودته ليكون تهديداً جدّياً واستراتيجياً مرةً أخرى في المنطقة، موضحاً أن ذلك مرتبط «بخروج خلايا التنظيم من العمل السرّي إلى العلنيّ، والانتقال من التمركز في مناطقه الوعرة والصخرية في البادية السورية، وغربي محافظة الأنبار في العراق، إضافة إلى السلاسل الجبلية الممتدة بين محافظة ديالى وجبال حمرين في نينوى وصلاح الدين؛ بهدف السيطرة على مدن تعد عقدة ربط استراتيجية على الطرق».
ولفت المتحدث المتابع عن كثب لـ»القدس العربي»، إلى أن داعش يعمل على استثمار هامش الخلافات الدولية المرتبطة بملفات مختلفة كمصير الميليشيات الطائفية والإيرانيّة في سوريا والعراق، إضافة إلى القدرة على استثمار إعادة تمركز قوات التحالف في العراق بالعمل على زيادة مساحة حرية الحركة لخلاياه بين جنوب شرقي سوريّا وغربي العراق، والسيطرة على مناطق محاذية للحدود بين البلدين.
إضافة إلى سيطرة التنظيم على كميات كبيرة من مستودعات الأسلحة والذخائر والآليات العسكرية المنتشرة قرب مناطق نشاط خلاياه في بادية حمص وغربي الأنبار، حيث تمنحه تلك السيطرة قدرةً على استقطاب مزيد من العناصر وتحصيل موارد تمويليّة جديدة بالعمل في شبكات تهريب السلاح، وتصاعد نشاط التنظيم في الدعاية العلنيّة في المدن السُنّيّة أو المخيّمات القريبة من مناطق انتشار خلاياه وذلك بهدف تكثيف انضمام عناصر جديدة إلى صفوفه، إضافة إلى التمكّن من إطلاق سراح عناصره من بعض السجون القريبة من سوريا لدى الحكومة العراقية وكذلك تحرير عناصره المعتقلين في سجون «قسد». وكما تحدث عن السيطرة المتكررة والطويلة نسبياً على المرافق الحيوية اقتصادياً كحقول النفط ومحطات الطاقة، إضافة إلى تعامل المكوّنات الاجتماعيّة مع التنظيم باعتباره الأمل الأخير للتخلّص من التهميش الطائفي والسياسيّ وعَقْدِ تحالفاتٍ اقتصاديّة وأمنيّة معه تحت سطوة الأمر الواقع. علماً، أن التنظيم يعمل منذ شهور على تحقيق هذه الأمور بالحد الأدنى، وتزداد ملامحها بالتراكم المستمرّ لكنه لم يصل بعد إلى مستوى التهديد الاستراتيجي خاصّة أنّ نطاق أنشطته –المتصاعدة- ما زال محصورًا في أماكن معيّنة.
نقلا عن: القدس العربي