لقد بلغ عدد الأطفال النازحين داخل سوريا 3 ملايين، و عدد الأطفال اللاجئين بلغ مليون طفل، و 323 ألف طفل ضمن المناطق المحاصرة، و 195 ألف طفل طلب اللجوء إلى أوربا، فحسب تقرير منظمة اليونيسيف لحقوق الطفل، هناك حوالي 2 مليون طفل حُرموا مقاعدهم الدراسية بسبب الحرب، ما أدى لارتفاع معدلات عمالة الاطفال في سوريا إلى مستويات خطيرة.
أحمد طفل بالغ من العمر 11 سنة يعيش مع أمه و إخوته الصغار في بيت مؤلف من غرفة مظلمة لا تدخلها الشمس، بحي من أحياء محافظة إدلب، اضطر أحمد للعمل ليعيل عائلته بعد مقتل أبيه في غارة جوية على إدلب إثر تحريرها، وبذلك انتقلت أعباء العائلة من رب المنزل إلى نعومة يدي هذا الطفل الصغير، متخلياً عن عالمه بين رفاقه في المدرسة.
حيث أنه و بعد تحرير محافظة إدلب ارتكب الطيران السوري غارات عنيفة على المنطقة، فقام بقصف عدة مدارس، ما أدى إلى توقف التعليم و تغيب مئات الاطفال عن المدرسة.
و ذكرت منظمة اليونيسيف لحقوق الطفل أنه من أصل 22 الف مدرسة في سوريا تعرضت أكثر من 2000 مدرسة لتدمير كامل، و أكثر من 800 مدرسة تقيم فيها عائلات نازحة بسبب النزاع المسلح في سوريا.
و في الوقت الذي تصبح فيه العائلات أكثر يأساً و شقاءً، يعمل بشكل أساسي من أجل استمرار الحياة، كما يصبح الأطفال لاعبين اقتصاديين أساسيين بدل أن يكونوا لاعبين في ملعب المدرسة.
بينما يحمل الأطفال حقائبهم وكتبهم و الفرحة تغمر قلوبهم في طريقهم إلى المدرسة، كان أحمد يمسك إطاراً أكبر من حجمه ليركبه للسيارة، في الوقت الذي يصرخ في وجهه المعلم في محل الميكانيك، و قد يضربه بأي شيء يقع تحت يده”.
تقول والدة أحمد : ” يؤلمني عمل ابني كثيراً، و أشعر بالعجز في هذه الظروف، فالمدارس مغلقة، وغلاء الأسعار أصبح كوحش كاسر يفتك بي و بعائلتي، يحزن طفلي لتركه المدرسة، لكن لا سبيل لنا سوى التأقلم مع ظروفنا الصعبة لنبقى جميعنا أحياء”.
يقول “د. روجر هيرن” المدير الإقليمي لمنظمة إنقاذ الطفل في الشرق الأوسط و أوربا و آسيا : “تتسبب الأزمة السورية من الحد بشكل كبير من فرص كسب العائلات لرزقها في المنطقة، كما دفعت الأزمة الملايين إلى الفقر مما جعل معدلات عمالة الأطفال تصل إلى مستويات خطيرة”.
أدى ذلك إلى توجه عدد كبير من الأطفال للعمل بأي مهنة كانت، و أغلب الأعمال التي يقوم بها الأطفال مضرة بصحتهم و أجسادهم، نظراً لقيام الاطفال بالأعمال الشاقة مما يؤدي لإصابتهم بأمراض جسدية كتأخر النمو لديهم، أو عاهات في العمود الفقري و الأطراف، عدا الأمراض النفسية التي تصيب الأطفال الذين يعملون في سن مبكرة منها ضعف نسبة الذكاء لديهم، و التراجع الذهني، و صعوبة انخراطهم في المجتمع.
تقول والدة أحمد أن ابنها يأتي كل يوم منهكاً يعاني من ألم في ظهره، و كأنه شخص مسن يشكو ألم أطرافه عند قيامه و قعوده، حيث يعتمد أرباب العمل على الأطفال كونهم يعملون بنشاط لساعات طويلة مقابل أجور زهيدة، بذلك يتم استغلال الأطفال بتشغيلهم دون مقابل يعادل جهودهم.
يقول أحمد : “أعمل كل يوم من الصباح الباكر إلى المساء لأقبض من رب العمل أسبوعياً 500 ليرة تكفيني لشراء خبز كل يوم لأمي و إخوتي”.
لا شك أن عمالة الأطفال في سوريا اليوم ترسم مشهداً قاسياً و قاتماً للطفولة التي شوهتها الحرب، غير أن غياب أي عمل ملموس لإنقاذ هؤلاء الأطفال قد يبدو الأكثر خطورة على المدى البعيد، فعلى منظمات إنقاذ الطفل انتشال هؤلاء الصغار من براثن العمالة التي تحدق بهم وتقضي على مستقبلهم وحمايتهم من خطر قد يضر بهم.
ظلال سالم
المركز الصحفي السوري