168مليون طفل عامل حول العالم، معظمهم في مناطق تشهد نزاعات مسلحة أو اضطرابات، حيث قدرت نسبة الأطفال السوريين العاملين ب 30 % بعد الثورة ، فيما كانت قبل عام 2011 تقدر بنسبة 10 % وما زال هذا العدد في ازدياد مستمر.
تتعدد أسباب عمالة الأطفال وأهمها الاقتصادية كالفقر وتدني مستوى دخل الأسرة ، البطالة والتي تعد آفة يعاني منها العديد من المجتمعات، ورغبة أصحاب العمل في توظيف الأطفال نظراً لخفض أجورهم.
والسبب الثاني الذي يمكن اعتباره سبباً اجتماعياً كتعرض الطفل لصدمة قوية مثل وفاة أحد والديه وخاصة الأب وبقاء إخوانه دون معيل الأمر, الذي يجعله يعمل ليؤمّن مصروف عائلته، كما أن حب الطفل لمهنة ما تدفعه لترك مدرسته والالتحاق بممارستها، بالإضافة إلى سيطرة فكرة تعليم مهنة الآباء والأجداد للأطفال فيقررون عنه تعليم هذه المهنة وعدم إكماله مدرسته.
ومن الأسباب المهمة أيضا ضعف التعليم الناجم عن قلة المدارس والتسرب المدرسي وعدم رغبة الطفل في إكمال تعليمه، والمستوى الثقافي المتدني للأهل، وتزداد هذه الظاهرة في مناطق الحروب الأمر الذي يؤدي إلى تدهور الوضع الأمني مما يؤثر سلباً على تعليم الأطفال، ولجوئهم إلى العمل نتيجة الظروف المعيشية والأمنية السيئة.
يقول أبو مصطفى “اضطر ابني مصطفى لترك مدرسته ولجأ إلى تركيا باحثاً عن عمل بعد أن توقف عملي نتيجة قطع الطرق بين المدن من قبل النظام ، آملاً أن يجد عملاً يستطيع من خلاله مساعدتي في مصروف العائلة ، لم أرد أن يترك ابني في هذا العمر مدرسته ليعمل لكن سوء الوضع الأمني الذي سبب إغلاق المدارس وسوء أحوالنا المادية أجبرتنا على ذلك”.
ومن أهم النتائج التي تترتب على عمالة الأطفال حرمان الطفل من التعليم مما سيؤثر سلباً على المجتمع لفقره للأدمغة المثقفة والمتعلمة، وتعرض الطفل لإصابات العمل من جروح وكدمات نتيجة ظروف العمل السيئة، وأيضا تعرض الطفل للاستغلال من قبل صاحب العمل وانتهاك حقوقه كإجبارهم على العمل لساعات طويلة مقابل مبلغ مادي قليل ، كما يكون الطفل عرضة لاكتساب عادات سيئة خاطئة كالتدخين مثلاً ،والأهم حرمان الطفل من طفولته وألعابه وعالمه الخاص .
من الممكن أن تكون هناك إيجابيات لعمالة الأطفال وهي تأمين مصروف العائلة وتعليم الطفل كيفية الاعتماد على نفسه وتحمل المسؤولية وإن كانت بعمر مبكر .
تقول أم محمد “توفي زوجي إثر مرض سرطاني في الدماغ كان لي أربعة أطفال أكبرهم كان بعمر ال 14، ترك مدرسته وسافر إلى لبنان ليعمل” تتابع أم محمد “بعد سنة كاملة يتصل ليقول لي إن صاحب العمل قد أكل عليه راتب خمس شهور كان متأملا أن يعود ويكمل دراسته في هذا المبلغ ولكن لم يستطع”.
فكانت تجربة محمد دليلاً على استغلال الأطفال من قبل صاحب العمل .
وبالنسبة للحلول فإن ظاهرة عمالة الأطفال ترتفع رغم الاتفاقيات الدولية التي تدعو إلى حماية الطفل وتعزيز دوره في المجتمع؛ وهنا تتحمل الدولة والمؤسسات القائمة على الطفل كافة المسؤولية لتوفير حياة كريمة له ومتابعة تعليمه وعدم انخراطه في أجواء العمل التي لا تناسبه, ويجب معاقبة أصحاب العمل الذين يقومون باستغلال الأطفال وانتهاك حقوقهم, وفي هذا أقرت الأمم المتحدة “العهد الدولي عام 1966” الذي يتضمن حماية الطفل من الاستغلال الاقتصادي والاجتماعي ومنع تشغيله في أي عمل يؤذي أخلاقه ويضر صحته وألزمت الأطراف الموقعة على تحديد سن العمل للطفل.
ويستمر أحمد ابن ال 10 سنوات الذي كان يحلم بأن يصبح معلماً في بيع المحارم على إشارات المرور مع ألم يعتصر قلبه لرؤيته أصدقائه يومياً وهم ذاهبون إلى مدرستهم ، وعلى حلمه الذي سلب منه .
مجلة الحدث / شمس العمر