من جرائد الأب بدأت حكايته، ومن الفكر المتقد الناقد والخيال الواسع بدأ تميزه في رسم الكاريكاتور.. علي فرزات رسام الكاريكاتور العالمي الذي نال جوائز عالمية عدة، بدأ اهتمامه بالرسم منذ السادسة وتبلورت موهبته في الثانية عشر، حين رسم رسمته الأولى عن ديغول الجرنال الفرنسي واستقلال الجزائر، خياله الخصب وحسه الناقد الساخر برز من خلال تأليفه لقصص ناقدة عن أفراد العائلة ليرويها بفطرة مجبولة على النقد في الجلسات العائلية الأسبوعية.
ابتسامة دائمة على وجهه يعطي انطباعا عن شخصية تهكمية، وطريقته في الجلوس توحي بالتفرد والذاتية بالإضافة الى ثقته العالية واعتداده بنفسه، واستقامة ظهره أثناء جلوسه ترمز الى كثير من الحزم ودقة الملاحظة وقياسه لكافة المواضيع المطروحة وفق معايير دقيقة، الأمر الذي يجعله ضمن المئة المتقدمة للرسامين العالميين، فالرسم عموما والكاريكاتور خصوصا يحتاج الى كثير من الفراسة في قراءة الأحداث وسكبها في قالب ساخر.
عندما نقول علي فرزات يجب من اللحظة الأولى أن نعرف الروح المتمردة الموجودة وراء هذا العقل الناقد، من خلال عمله حارسا على المحاصيل الزراعية عندما كان طالباً في الثانوية، فقد كان عليه أن يحمي المحاصيل من تهريب الفلاحين لها، عمل وبشكل عكسي على مساعدة الفلاحين وتهريبها ليلاً، ومن هنا نعرف بدقة مدى تمرد هذا الفكر وخروجه عن نطاق المعهود بسن صغيرة، ما يمكن أن ينبئ فيما بعد عن مواقفه السياسية والاجتماعية، التي لم تكن مجرد تصورات بل كان فكراً يتجسد في شخصية.
“لم أكن أنا والسلطة أصحاباً نهائيا” ينفي علي فرزات قرابته بالنظام، بل يكشف دوما عن مدى نقده المتواصل لرأس السلطة بشار الأسد حين كان يزوره في معارضه في باريس بقوله “انتقدت أفكاره وآرائه الأمر الذي لم يكن متعوّدا عليه من المحبكجية” وهنا أيضاً تظهر سمات شخصيته واضحة جلية من الناحية النقدية والتي تجلّت في جريدته “الدومري
” http://www.mokarabat.com/aldomari1.htm
ومع خروج الثورة لم يتأخر فرزات أبداً عن إظهار موقفه مؤيداً للثورة السورية متحدثا ومصورا كل التكوينات الاجتماعية في المجتمع السوري التي تعاني ظلم النظام، فإنه ومجدداً يتفرد بانتقاداته لتطالب كل من يريد سرقة الثورة من أحضان ربيع الحرية آملاً بمستقبل أفضل لهذا البلد الذي ينتمي الى كل شرائحه، فيقول” لقد خلقت لأختلف مع من كانوا ومع من هم الآن، ومع القادمين.. النقد مسألة في غاية النبل من أجل غدٍ أجمل وأفضل للإنسان وللعالم، أنتقدُ، وأنا مع النقد دوما”.
“فلنكسر حاجز الخوف المزمن منذ 50 عاما من القهر” كلمات بدأها فعليا برسوماته التي دفع ثمنها غالياً، وكادت تودي بحياته، فقد تعرض لضرب مبرحٍ أفقده وعيه على الرصيف استيقظ فوجد أصابع يديه العشرة مهشمة كأنه إنذار للجم اليد الموهوبة في ترجمة الفكر الناقد الخلاق، فكانت هذه المشكلة ضريبة الكلمة الحرة.
علي فرزات روحٌ مليئة بالتحدي والمغامرة، وفكرٌ ناقدٌ لا يقبل الاستسلام لأي فكرة قبل أن يُحكّمها عقله المتقد.
المركز الصحفي السوري– آية رضوان ….