لم تقتصر سياسة الحصار على مدينة مضايا السورية من قبل حزب الله والنظام السوري، ولم تكن البلدة استثناء عن باقي المدن السورية الخارجة عن سيطرتهما، فسياسة الحصار والتجويع كانت قد طالت كل مناطق القلمون المحاذية للحدود اللبنانية، التي ما تزال خارج سيطرتهما حتى اللحظة.
وتبقى الهامة ووادي بردى ومدينة التل، بالإضافة للمحاصرين في جرود القلمون من ثوار ومدنيين، أمثلة حاضرة على استخدام سياسة التجويع أو التركيع منذ أشهر طويلة، والتي وجدها الحزب أقل ضجيجاً وأخفض فاتورة له في الأرواح والعتاد.
ويأمل المحاصرون في تلك المدن أن يتم تسليط الضوء عليهم، كما حصل في مضايا، وتكون بادرة فك الحصار، وإدخال المساعدات لمضايا مفتاحاً للبدء بتدخل المنظمات الإنسانية لمصلحتهم في سبيل البدء بإدخال المساعدات الإنسانية، التي حرموا منها لأنهم يقطنون في مناطق حدودية على تماس مباشر مع مناطق نفوذ حزب الله اللبناني.
– حصار التل
يقول أحمد البيانوني، مدير تنسيقية التل في القلمون: “إن المدينة تقبع في حصار مطبق منذ أكثر من 180 يوماً، ولم يكترث لها أحد، وذلك على الرغم من أنها تضم أكثر من نصف مليون نسمة، معظمهم نازحون من مدن القلمون، بالإضافة إلى نسبة كبيرة من نازحي الغوطة الشرقية، الذين معظمهم من النساء والأطفال والعجائز”.
وأضاف: “على الرغم من ذلك يحرمها النظام من دخول المساعدات الغذائية والطبية، بالإضافة إلى منع الدخول والخروج منها، واعتقال العشرات ممن حاولوا ذلك سابقاً”.
ويشير البيانوني إلى “أنه على الرغم من إصدار ثوار التل بياناً يؤكدون فيه عدم تعرضهم لحواجز النظام في محيط المدينة، حفاظاً على أرواح المدنيين وعدم استهدافهم من قبل النظام بحجة هجمات الثوار، فإن النظام يتعمد في الفترة الأخيرة استهداف كل من يحاول استخدام الطرقات التي تؤدي لخارج البلدة بالرصاص الحي، واستهداف حي الرويس والمجر”.
ويبن أن الحل “يكمن بفك الحصار وليس بإدخال مساعدات قد تفيهم لأيام قليلة، وخاصة أن عدد المحاصرين في التل يزيد بعشرة أضعاف على عدد المحاصرين في مضايا”.
– محاصرون في الجرود
من جهة أخرى، يقول باسل أبو الجود، الناطق باسم الهيئة العامة لـ “يبرود”: “إن حصار قسم من نازحي وثوار القلمون في جرود القلمون هو من نوع مختلف، إذ إن حصارهم في جرود القلمون يتشارك عليه كل من حزب الله والنظام السوري من جهة، والجيش اللبناني من جهة أخرى”.
وأوضح أنه ما زال قسم من نازحي القلمون “عالقين في جبالها خارج حدود عرسال؛ لعدم مقدرتهم على دخول الأراضي اللبنانية، بسبب اعتقال الجيش اللبناني لكل من لا يملك أوراقاً ثبوتية، والتي تركوها خلفهم في منازلهم في القلمون السوري وسلبها حزب الله”.
ويضيف أبو الجود إلى أنه: “بسبب فقدهم لمنازلهم، ومنع الجيش اللبناني من دخول أو خروج أي مساعدات باتجاه الجرود، أدخلهم أيضاً في حصار عمره يزيد على عام كامل، ولكن بظروف أقسى، وخاصة في فصل الشتاء، والذي يغلب فيه تراكم الثلوج في جرود القلمون”.
ويشير إلى المخاطرة الكبيرة التي يلجأ إليها البعض في جلب المواد الغذائية من داخل عرسال، بعد “أن أصبح الجيش اللبناني غير متردد في قتل كل من يحاول الدخول إليها أو الخروج منها بشكل غير شرعي، وهذا ما حصل مع عدة شباب من القلمون فقدوا حياتهم بنيران الجيش اللبناني”.
ويلفت أبو الجود إلى أن “سبب معاناة نازحي الجرود وعرسال معاً، هو منع حزب الله في منطقة اللبوة الشيعية في لبنان، لكل المنظمات الإنسانية وهيئة الأمم المتحدة من دخول عرسال لإنقاذ النازحين هناك، أو حتى من الوصول للعالقين في الجرود، وتقديم أبسط المساعدات الإغاثية لهم، والتي حرموا منها منذ أكثر من عام”.
الخليج أونلاين