لاشيء أهم من حلب حالياً إلا حلب، إذ لم تشهد الحرب السورية معركة مفصلية تُشبه في ظروفها ومكانها وزمانها ما يحصل في الأخيرة اليوم، لا سيما إذا نظر للمعركة ببعدها السياسي بالإضافة للميداني، وهي القريبة من جنيف جداً في المدلول والارتباط الكلي.
مشهد عاصمة الشمال الذي تكلل يوم أمس الجمعة بما أسمته المعارضة “غزوة الشهيد إبراهيم اليوسف”، بدأ باستهداف مواقع قوات الأسد في محيط كلية المدفعية بالأسلحة الثقيلة تمهيداً لاقتحامها، وبالفعل لم تمض ساعات حتى أعلنت الفصائل المعارضة سيطرتها على منطقة مقالة الشرفة جنوب حي الراموسة، ومنها تقدمت إلى كلية التسليح ومبنى الضباط وكلية البيانات ثم كلية المدفعية التي سيطرت عليها بعد عمليتين مفخختين استهدفت الأولى كلية المدفعية والثانية تجمع الكليات، وأوصلت المعارك إلى الكلية الفنية الجوية.
مصادر ميدانية أفادت بأن نتائج المعارك على المستوى الميداني كانت فادحة للغاية لمحور النظام وحلفائه، حيث أسفرت عن مقتل أكثر من 150 عنصراً من قوات الأسد وأسر 30 آخرين من بينهم عميد في جيش النظام، وتدمير واغتنام الكثير من الأسلحة الثقيلة والذخائر، كما دمرت المعارضة قاعدة صواريخ كورنيت لقوات الأسد في مشروع الـ3000 شقة في حي الحمدانية.
وترى الناشطة دعاء شامي أن معركة حلب حلب ستكون الفصيل في الزمان والمكان، بعد 4 سنوات ونيّف من عمر الحرب في عاصمة الشمال، نتيجة تأثير هذه المعركة كلياً في الجانبين الميداني والسياسي معاً على مستوى الملف السوري ككل.
وتضيف شامي في تصريح لـ”زيتون”: “من المهم قراءة ما يجري في حلب حالياً بالجانبين الميداني والسياسي، ففي حين تأتي تطورات الشمال في وقت أعقب ما أسمي التفاهم الأمريكي – الروسي، تبدو معركة حلب حالياً الجولة الأخيرة والأهم لكل طرف لترتيب أوراقه النهائية، والتي تسبق في حد ذاتها مؤتمر جنيف المقرر أن تجتمع فيه الأطراف السورية نهاية آب الجاري، ولذلك كان لهذه المعركة أهميتها على كل المقاييس”.
على المستوى العسكري، بدت النتائج إيجابية جدا للمعارضة حتى الساعة نتيجة ما وصفته المصادر الميدانية بـ”التلاحم المسلح”، ففي حين حضرت في المعارك “حركة أحرار الشام” ذات الوزن النوعي، حضرت أيضاً “جبهة فتح الشام” الداخلة بقوة على خط المعارك في الحلة الجديدة، وكذلك “الحزب الإسلامي التركستاني” الذي أرسل نخبة من مقاتليه، ليقف الجميع مع “الفرقة 13” بالإضافة إلى نحو 20 فصيلاً معتدلاً يتبع الجيش الحر.
4 أيام متواصلة حتى الآن حصدت من خلالها المعارضة نتائج هامة على المستوى الاستراتيجي، فبعد 3 أيام من الموجات الهجومية الكثيفة ــ كان أخطرها ليل الثلاثاء إلى صباح الأربعاء، وليل الجمعة إلى صباح اليوم السبت، يمكن القول إن “الملحمة” اقتربت من تحقيق أهدافها الرئيسية عبر كسر الطوق عن حلب وقطع طريق الراموسة الذي وصل مقاتلوها إلى تخومه بانتظار ما ستوضحه مجريات لمعارك خلال الساعات القادمة.
زيتون