أصارحكم بأن علاقتي بالكرة فيها جفاء ولا ترقى أن تكون صداقة، فضلاً أن تصل لعلاقة حب وود ومتابعة دائمة.
ليس لموقف فكري بأن متابعة المباريات ضرب من تضييع الوقت وحرق للأعصاب وهدر للصداقات، بل بسبب سلسلة من الحسرات أصابتني خلال سنوات من التعلق بفريق محلي أو وطني أو عربي، على أمل أن يترك بصمة على الساحة الكروية وينعش الطموح بوجود فريق ينتمي لنا، قادر على اجتراح المستحيل وتحقيق النصر وتقديم فرحة لجماهيره ومتابعيه.
لكن للأسف ما إن يبدأ الفريق العربي بتحقيق بصيص من الأمل حتى تتوالى عليه الانتكاسات والخسارات وسوء الإدارة والفضائح، ونعود نبحث عن فريق “لا يسود الوجه” في الاستحقاقات الدولية، في مقابل حضور عالمي متميز تجتمع فيه المهارة مع العمل الجماعي مع التخطيط الدقيق، مع وضع الرجل المناسب بفتح الراء في المكان المناسب.
ربما أحوالنا الكروية هي مرآة لأحوالنا في بقية الأمور الاقتصادية والسياسية، فالفشل والخسارات هي نفسها نتيجة سوء الإدارة وغياب أصحاب الكفاءات والاعتماد في التوظيف على التوريث والولاء، بعيداً عن الاستحقاق وامتلاك المهارة.
ولنا في ثنائية المنتخب السوري وسياسة النظام خير مثال حيث تنتشر في كليهما الخسارات “وسواد الوجه” بلا أي انجاز لسنوات، والسبب بكل بساطة الاعتماد على الولاء وانتشار الفساد من الرأس للقدم.
فالصفات المطلوبة للانتساب للمنتخب ليست رياضية بل “تنفيعات” ومحسوبية كما هي الصفات المطلوبة في المسؤول السياسي” ولاء أعمى”، ولنا في تصريح وزير خارجية النظام فيصل المقداد في تبريره، لعدم الرد على الضربات الإسرائيلية خير مثال لعقل المسؤول الفارغ من كل منطق مقبول.
هؤلاء اللاعبون والمسؤولون عديمو الموهبة هم النوعية المفضلة لدى النظام يمسح بهم أخطاءه ويبرر فشله الدائم سياسياً واقتصادياً ورياضياً.
وعودة إلى أجواء كرة القدم ونحن على بعد أيام من انطلاق مباريات كأس العالم في قطر، لابد من استراتيجية تحمينا من حالة الإحباط التي أصبحت لازمة لا مفر منها مع المنتخبات العربية.
هذه الاستراتيجية التي اقترحها وقد واظبت عليها لسنوات وانجتني من تعليقات الأصدقاء “وتشفيهم” غير الرياضي، هي تشجيع الفريق صاحب الحظ الأوفر في الفوز بغض النظر على انتمائه الجغرافي، أو كما يقولون في التعابير الدبلوماسية الكروية “شجع اللعب الحلو”، واستمتع بتسعين دقيقة من المباراة دون أن تتعرض لأعراض جانبية لا قدر الله، من “حرق الأعصاب” وكسر الشاشة وتعليقات الأصدقاء اللدودين.
محمد مهنا / مقالة رأي