استعرت الحرب على شركة هواوي والصين من قبل الولايات المتحدة وشركائها في العام الماضي، والتي كانت تهدف إلى منع انتشار تكنولوجيا الجيل الخامس التي تقدمها الشركة الصينية، بدعوى خطرها على الأمن القومي، ويمكن استخدامها في التجسس لصالح الصين.
وظهرت مؤخرا خلافات بين الولايات المتحدة وبريطانيا، التي يجب أن تحدد قريبا الشركات التي ستعمل على هذه التكنولوجيا.
ولكن، ما سر هذه التكنولوجيا؟ ولماذا هذا الخلاف الكبير بين الدول بشأنها؟ وما تأثيرها على مستقبل وأمن الشعوب؟
هذه الأسئلة وغيرها نستعرضها في هذا التقرير:
ماذا يعني مصطلح الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية؟
أشار الكاتب توم نولز -في تقريره الذي نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية- إلى أن تقنيات الجيل الخامس للشبكات اللاسلكية التي ستحل في نهاية المطاف محل الاتصالات السلكية في جميع أرجاء المنزل، وحتى في كافة أنحاء العالم الخارجي، تمثل مجموعة من تقنيات الشبكات التي من شأنها أن تعمل معا على ربط كل الأجهزة بعضها البعض، انطلاقا من الحاسوب المحمول إلى الثلاجة الذكية، وصولا إلى المركبة ذاتية القيادة.
ما الجانب الجيد في هذا الأمر؟
ستتيح هذه التقنية الجديدة اتصالا شبكيا أسرع على الهواتف والمعدات والبنية التحتية، حيث أصبح من الممكن تنزيل فيلم بتقنية عالية الوضوح على هواتفنا في غضون 25 ثانية. وتفقد تقنيات الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية الإشارة في كثير من الأحيان بنسبة أقل من شبكات الجيل الرابع للشبكات الخلوية.
كما تعد تقنية الجيل الخامس قادرة أيضا على تحسين زمن السكون، وهو الوقت المستغرق بين النقر على زر ما وحدوث الأمر، الذي يعد أمرا حاسما في مجال التكنولوجيا الحديثة.
هل هي ضرورية للدول؟
إلى جانب جعل هواتفنا الذكية أسرع بكثير، وتمكيننا من مشاهدة فيديوهات بجودة عالية؛ ستكون تقنيات الجيل الخامس حاسمة في ما يتعلق بعدد من التقنيات الجديدة التي تتطلب أزمنة سريعة للغاية للاستجابة.
وتشمل هذه التقنيات المركبات ذاتية القيادة، التي ستكون قادرة على “التحدث” إلى بعضها البعض، بالإضافة إلى أنظمة إدارة حركة المرور الأخرى، إلى جانب الطائرات المسيرة وروبوت الجراحة الآلي وأجهزة الواقع الافتراضي وأجهزة الاستشعار البيئية.
ما الذي تقدمه شركة هواوي؟
أورد الكاتب أن شركة هواوي تشتهر بتوفير الهوائيات الضرورية لتشغيل تكنولوجيا الجيل الخامس لشبكات الخليوي. إنها شركة رائدة عالميا تتميز بتقنية تُعرف باسم “ميمو”، التي تسمح لمئات الهوائيات بالعمل بالتوازي، كما تسهم في زيادة السرعة، وخفض زمن الاتصال بالشبكات اللاسلكية، وتمكين المزيد من الأجهزة من الاتصال في الوقت ذاته.
ما الجانب المخيف في هواوي؟
نظرا لوجود العديد من الأجهزة الأخرى التي من المحتمل أن تكون متصلة عبر تقنيات الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية، ناقشت خدمات الأمن الأميركية هذه المسألة قائلة إنه يمكن لشركة هواوي التجسس علينا من خلال هذه الأجهزة إذا كانت المسؤولة عن هذه التكنولوجيا.
علاوة على ذلك، يمكنها التعامل مع البيانات التي يتم إرسالها عبر الموجات الهوائية، مثل السجلات الطبية أو المصرفية، حيث تعد هواوي شركة صينية حكومية؛ مما يعني أنها ينبغي أن تلتزم بطلبات الحصول على المعلومات التي تأمرها بها جمهورية الصين الشعبية.
هل هذا الخوف مشروع؟
قال الكاتب إنه يمكن لشركة هواوي إدخال برامج التجسس في الهوائيات قبل إرسالها إلى المملكة المتحدة. ورغم أن هذا الأمر لن يسمح لشركة هواوي باختراق أجهزتنا وبرامجنا، فإنه قد يمكّن الشركة من إيقاف تشغيل شبكات بأكملها عن بعد، وهو أمر قد يكون له أثر تدميري على مدى عشرة أعوام عندما يقع التحكم في إشارات المرور ومعدات المستشفيات بواسطة تقنيات الجيل الخامس لأنظمة اللاسلكي، وحتى لو اعتُمد التصميم واعتُبر آمنا من قِبل خدمات الأمن في المملكة المتحدة، فهذا لا يعني أن المنتج الذي يقع تصنيعه في الصين آمن.
هل بدأ مزودو شبكة الجوال استخدام هذه التكنولوجيا؟
في الواقع، سئم مزودو خدمات الهاتف انتظار الحكومات لاتخاذ قرارها، وبدؤوا بالفعل طرح شبكات الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية في مناطق معينة باستخدام عتاد الحاسوب الخاص بأجهزة هواوي، سواء في المملكة المتحدة أو في دول أخرى.
ما الخيار البديل؟
في الحقيقة، لا تقوم المملكة المتحدة كغيرها من دول العالم ببناء أي من تكنولوجيات الجيل الخامس لشبكات الخليوي الخاصة بها، مما يعني أنها ستحتاج بالضرورة إلى الاعتماد على الشركات الأجنبية، وقد يشمل ذلك شركات أميركية مثل شركة سيسكو سيستمز، وشركة كوالكوم، إلى جانب الشركات الفنلندية والسويدية نوكيا، وإريكسون وعملاق التكنولوجيا الكورية سامسونغ.
ومع وجود هذه الشركات، فإنه وفقا لمُشغّلي شبكات الهاتف المحمول، تتفوق شركة هواوي على العديد من هذه الشركات المنافسة، خاصة في تقنية الهوائي “ميمو”. علاوة على ذلك، أشار عدة خبراء -مثل آلان وودوارد من مركز الأمن السيبراني بجامعة سري البريطانية- إلى أنه في حين أن جنسية شركة مثل سيسكو أميركية، فإن معظم أجهزتها لا تزال تصنّع في الصين.
ما الدول الأوروبية الأخرى التي تستخدم هواوي في أنظمة الجيل الخامس؟
بيّن الكاتب أن المخطط الألماني الذي يتعلق بتقنيات الجيل الخامس، والذي تم الانتهاء منه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ترك الباب مفتوحا أمام تكنولوجيات هواوي. ومنذ ذلك الحين، أكدت أفضل شركات الهاتف المحمول في ألمانيا أن هواوي من بين أفضل مورديها الذين تم اختيارهم لبناء الشبكة. فضلا عن ذلك، تستخدم إسبانيا والبرتغال وسويسرا مجموعة من معدات الشركة في سبيل ترقية شبكات المحمول الخاصة بها.
كيف يمكن لقرار المملكة المتحدة التأثير على تبادل المعلومات الاستخباراتية في تحالف الخمس أعين؟
تنظر الولايات المتحدة إلى هذه القضية بشكل جدّي، حيث قام دونالد ترامب -مع مستشار الأمن القومي الأميركي ووزير الدفاع، بالضغط على المملكة المتحدة لحظر شركة هواوي بشكل كامل من شبكة الجيل الخامس للأنظمة اللاسلكية الخاصة بها.
المصدر:الجزيرة