عندما تواصلت أسماء، صديقة ابنة الدكتور عدنان الزطمة، بهدف إعداد مفاجأة لصديقتها حول والدها، لم تتوقع أن تكون القصة استثنائية، فكل أطباء غزة في ظل الحصار والحروب المستمرة، يقدمون حياتهم في خدمة المرضى، إلا أن ما اكتشفته عن الدكتور عدنان كان مختلفًا تمامًا، حتى بعد التقاعد الرسمي، يواصل الزطمة صباح كل يوم مسيرته في خدمة المرضى، محافظًا على ردائه الأبيض الذي يمثل أكثر من مهنة، إنه رمز للالتزام والإنسانية والنبل
وُلد الدكتور عدنان عبد الله الزطمة في خان يونس عام 1958، بعد تهجير عائلته من قرية يبنا قضاء الرملة عام 1948، نشأ في المخيمات بين أزقة المدينة، حيث غرس في نفسه روح المقاومة والنضال منذ الصغر.
تلقى تعليمه الأول في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين وأكمل الثانوية بتفوق، قبل أن يلتحق بجامعة دمشق، ويستقر في حي الشاغور، الذي شكل له بيئة مثالية للنجاح العلمي والاجتماعي بعد سنوات من التميز. واصل دراسته في مصر، متخصصًا في الجراحة بجامعة أسيوط.
مع حصوله على شهادته، عاد الدكتور عدنان لخدمة غزة، حيث التحق بمستشفى ناصر الحكومي كجراح عام، شهد الانتفاضة الأولى والثانية وكان دائمًا في الصفوف الأمامية لإنقاذ المصابين، متجاوزًا كل الصعوبات التي فرضتها آلة الحرب الإسرائيلية.
تدرج في العمل ليصبح رئيسًا لقسم الجراحة، وظل يواصل مهامه حتى تقاعده في عام 2018، محافظًا على تميزه وكفاءته العالية في كل لحظة.
خلال العدوان الإسرائيلي، لم يتوقف عن العمل، بل استجاب للنداءات الطارئة للعمل في المشافي الميدانية في خانيونس، وتولى رئاسة قسم الطوارئ في مشفى الهلال الأحمر بحي الأمل، رغم أن المشفى كان مستهدفًا جويًا ومحاصرًا بالكامل.
يشبهه زملاؤه بالدكتور جواد الفرا ، بأنه مثال للالتزام والكفاءة، حاضر في أصعب الظروف وذو تعامل إنساني راقٍ. ويضيف الدكتور سليمان عابدين أن الدكتور عدنان كان نموذجًا للأمانة والإخلاص المهني
بعيدًا عن عمله الطبي، يُعرف الدكتور عدنان بدوره كأب ملتزم وعائلة حريصة على القيم حافظ على علاقة قوية مع أولاده وأحفاده وغرس فيهم الأخلاق والالتزام والتميز العلمي، ليصبح قدوة على المستوى الأسري والاجتماعي
قصة الدكتور الزطمة تعكس الدور الكبير لأطباء غزة، الذين يقدمون حياتهم في خدمة شعبهم ويثبتون أن التضحية ليست مجرد كلمة، بل واقع يومي يعيشونه هؤلاء الأبطال سيظل التاريخ يخلد تضحياتهم بحروف من ذهب