أجري الحوار مع الرئيس عباس على مرحلتين لضيق الوقت. تمت الأولى على هامش القمة العربية العادية الـ 28 في البحر الميت يوم الأربعاء الماضي. والجزء الثاني في اليوم التالي اي يوم الخميس الماضي، في منزله في منطقة عبدون في العاصمة الأردنية عمان، قبيل مغادرته عائداً الى رام الله.
بدا الارتياح على ملامح ابو مازن خاصة انه كان قادماً من لقاء ثلاثي جمعه مع الملك الاردني عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اتفقوا فيه على التحدث بلغة واحدة خلال لقاءاتهم القريبة مع الرئيس الامريكي دونالد ترامب في البيت الابيض.
وكان الرئيس عباس خلال الحوار بشقيه يقظاً وذاكرته حاضرة وحية الى ابعد الحدود. وما يميز ابو مازن عن غيره ولا اتحدث فقط عن زعماء بل مسؤولين عاديين، انه اولاً لا يطلب ممن يجري الحوار معه الاطلاع على الأسئلة أو على الأقل محاور الحوار مسبقاً. ولهذا جاء اللقاء تلقائيًا. وثانياً أنه لا يتردد في الرد على اي سؤال يوجه اليه حتى وان كان محرجاً، وأحياناً رغم معارضة مستشاريه. فجاء هذا الحوار شافياً ووافياً وغطى معظم القضايا الراهنة.
والمحاور التي جرى الحوار حولها هي القمة العربية باعتبارها لا تزال حاضرة ونتائجها طازجة، وأعرب ابو مازن عن ارتياحه من نتائجها، بعد ان شدد جميع الزعماء العرب على مركزية القضية الفلسطينية وعودتها إلى صدارة القضايا العربية الاخرى وهي عديدة في هذا الزمن. المحور الثاني قرار بريطانيا احياء الذكرى المئوية لوعد بلفور الذي أعطى لليهود وطنا في فلسطين، وأوضح الخطوات التالية التي ستلجأ اليها السلطة الفلسطينية، في حال رفضت بريطانيا إلغاء قرار الاحتفال بالوعد المشؤوم والاعتذار للشعب الفلسطيني عن جريمتها، بما في ذلك اللجوء الى عدد من المحافل الدولية. وقال «إننا نجهز الان ملفاتنا لهذا الموضوع.. الملفات القانونية لنقدمها للمحافل الدولية اذا لم تستجب بريطانيا الى مطالبنا المشروعة». والمحور الثالث المهم هو المصالحة مع حركة حماس وانهاء الانقسام، ملفات لا تزال قائمة، تشكل عقدة مستعصية على الحل رغم مرور نحو عشر سنوات عليها بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في يونيو/ حزيران 2007.
وَقّاد هذا المحور الى محور منظمة التحرير الفلسطينية وانعقاد دورة جديدة للمجلس الوطني الفلسطيني، وأكد الرئيس ابو مازن ان المؤتمر سيعقد قريباً حتى لو لم تتم المصالحة.
ولا يرى ابو مازن ان في عقده مشكلة أو استبعاداً لحماس، مؤكداً انه اذا ما حصل تقدم في عملية المصالحة فانه يمكن عقد مؤتمر جديد في اليوم التالي. ولكن ابو مازن متمسك بعقد المجلس في رام الله رغم معارضة حماس وحركة الجهاد الاسلامي وفصائل في منظمة التحرير. وتحدث أبو مازن بأريحية حول موضوع الخلافة واستحداث منصب نائب للرئيس.. وقال إنه كان اول من اقترح استحداث منصب نائب رئيس منظمة التحرير اي نائب لرئيس السلطة وكان ذلك عام 2006 لكن المجلس التشريعي اعترض عليه. وأضاف انه لا بد من تعديل في القانون الأساسي. وشمل الحوار محاور أخرى وتفاصيل جديدة.وفي ما يلي نص الحوار:
■ لنبدأ بما انتهيتم إليه مساء اليوم (يوم القمة اي يوم الاربعاء الماضي)، كيف تقيمون نتائج القمة فلسطينياً.. وهل انتم حقاً راضون عن نتائجها..؟ وهل كانت بمستوى توقعاتكم وطموحاتكم؟
□ القمة كما شاهدنا نتائجها تعبر عن نجاح حقيقي في مجالات عدة.. اولاً ثبتت كل بنود المشروع الفلسطيني الذي شارك في اعداده ايضاً وزير خارجية الاردن (ايمن الصفدي) ووزير خارحية مصر (سامح شكري) وغيرهما وجاءت مطابقة لما نريد.
ثانياً اتفق على ان تكون اللغة العربية في جميع المحافل الدولية لغة واحدة وهذا نجاح كبير. وثالثاً حلت المشاكل العربية خاصة بلقاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي. وأظن ان هناك دعوةً للسيسي لزيارة السعودية لحسم الخلافات بينهما. وهناك ايضاً الاجتماع الثلاثي (جمع الرئيس عباس والملك عبد الله الثاني والرئيس السيسي)، وتحدثنا فيه باللغة نفسها.. لغة الوحدة. ومن هنا نقول إن الملك عبد الله كتب له النجاح في هذه القمة. اضافة الى ذلك فان كل الضيوف عرباً (رئيس البرلمانات العربية) ومسلمين (منظمة المؤتمر الإسلامي) وأجانب اكدوا على أهمية ومركزية القضية الفلسطينة كأساس لحل مشاكل وازمات المنطقة. وهذا يعني ان القضية الفلسطينية عادت الى الصدارة من جديد.
بريطانيا وإحياء وعد بلفور
■ ونحن نقترب من موعد الذكرى المئوية لوعد بلفور الذي وعد اليهود بوطن في فلسطين (الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر 1917)، والتحضيرات البريطانية لاحياء هذه الذكرى التي دعت رئيسة وزراء بريطانيا تريزا ماي للمشاركة فيها، رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، هل هناك خطوات فلسطينية اكثر من مجرد دعوات للندن بالاعتذار عن هذا الخطأ التاريخي بحق الشعب الفلسطيني. وما هي ايضا التحركات الفلسطينية في حال تجاهلت بريطانيا الدعوات الفلسطينية.
□ بدأنا مطالبة للحكومة البريطانية بتقديم الاعتذار للشعب الفلسطيني في خطابي في الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الاخيرة في أيلول/سبتمبر 2016 وكذلك في القمة العربية في موريتانيا. طالبنا ونطالب بريطانيا بألا تحتفل بهذه المناسبة الكارثية على الشعب الفلسطيني ثم عليها ان تعتذر عن هذا الخطأ التاريخي الذي ارتكب بحقنا، وثالثاً ان تعترف بدولة فلسطين. ونحن من جانبنا سنتابع هذا الموضوع على كل المستويات السياسية والقانونية في بريطانيا وغيرها اذا لم تقبل بريطانيا اولاً بوقف الاحتفالات بهذه الذكرى ثم الاعتذار للشعب الفلسطيني ثم الاعتراف بدولة فلسطينية.
■ وإذا لم تستجب بريطانيا للمطالب الفلسطينية في هذا الشأن، فهل هناك خطوات أخرى، على سبيل المثال اللجوء الى محكمة الجنايات الدولية وغيرها من المنظمات الدولية.
□ أنا قلت اننا سنتوجه الى كل المحافل المحلية والدولية وسنتحدث اليها.. ونحن نجهز الآن ملفاتنا لهذا الموضوع.. الملفات القانونية لنقدمها للمحافل الدولية اذا لم تستجب بريطانيا الى مطالبنا المشروعة.
■حسب المعلومات المتوفرة انه سيكون هناك سفير جديد لفلسطين في لندن وهو معن عريقات (رئيس مفوضية منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن) وحسبما قاله وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، فإن وزارة الخارجية البريطانية لن تمنح السفير الجديد التأشيرة الدبلوماسية التي يتمتع بها السفير الحالي مانويل حساسيان.. ماذا يعني ذلك وهل ستردون على الخارجية البريطانية بالمثل؟
□ طلبنا من الحكومة البريطانية ان تتعامل مع المندوب الجديد كما تعاملت مع السفير السابق، ويجب ألا تغير المعاملة لأن ذلك يعني سوء نية وسوء تصرف من بريطانيا وسيكون لنا موقف ورد فعل على ذلك. نحن سنطالب وسنستمر في المطالبة بالمساواة في المعاملة.
■ هل هذا يعني ان الجانب الفلسطيني سيتعامل مع بريطانيا بالمثل؟
□ كل الخيارات المحتملة ستكون مفتوحة امامنا..
■ هل لمستم من ذلك انها محاولة بريطانية لخفض المستوى التمثيلي الفلسطيني؟
□ يحاول البريطانيون ان يتراجعوا ويحاولون وضع القيود والعراقيل ولكن قلنا لهم إننا نريد معاملة كالسابق… تتعاملون مع السفير الجديد كما السفير السابق والآن المشاورات مستمرة لم تنته بعد ولم تحسم واعتقد انها ليست مشكلة كبيرة.
حماس والانقسام والمصالحة
■ لننتقل الى موضوع المصالحة التي قيل فيها وعنها الكثير وصار فيها «لت وعجن كثير» على مدى سنوات طويلة.. عقدت عشرات جلسات المصالحة وسافرتم الى قطر اكثر من مرة ومن قبلها الى القاهرة، وتمت لقاءات واتفاقات في مخيم الشاطئ في غزة ولقاء مطول في موسكو…. الخ .. وفي كل مرة ترتفع الامال ومن ثم تهوي الى الحضيض.. فهل ثمة امكانية ان تتحقق هذه المصالحة وانهاء الانقسام الذي يقترب من نهاية عامه العاشر (14 حزيران /يونيو المقبل).
– أولا بالنسبة لما ارتكبته حماس من انقلاب عسكري فانه يعتبر جريمة بحق وحدة الشعب الفلسطيني ومستقبله. وثانياً ونحن نقول مقولة يجب ان ترسخ في عقل كل مواطن وانسان، إنه لن تكون هناك دولة في غزة ولن تكون هناك دولة فلسطينية بدون غزة. ثالثاً نحن تعاملنا مع الجامعة العربية في هذا الملف في عام 2007 (عام الانقسام) لكن الجامعة العربية أوكلت مصر بهذا الملف. لكن العلاقة بين مصر وحماس كانت تشوبها شوائب كثيرة وبالتالي تبرعت قطر بان تقوم بالواجب.. وفعلاً المساعي الآن عند القطريين.. ماذا لدينا وماذا قلنا للقطريين؟…. قدمنا مؤخراً لهم مشروعاً من نقطتين الأولى ان نشكل حكومة وحدة وطنية تلتزم بالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية.. ثم نذهب الى الانتخابات التشريعية والرئاسية. جاءتنا قطر ببعض التعديلات الطفيفة على هذا المشروع وقدمنا تعديلات طفيفة مقابلة منذ اكثر من شهر ولم ترد علينا حماس ولم ترد حتى على قطر. وبالتالي أصبح الامر اكثر تعقيداً. وما زاد الامور تعقيداً ان حماس شكلت ما يمكن اعتباره حكومة في غزة، أي ادارة تتولى عمل الحكومة نفسه وهذا يعني ان حماس سائرة في غيها الى النهاية.. وسيكون لذلك ردود غير مسبوقة من قبلنا..
■ وما ستكون عليه هذه الردود؟
□سنناقش ذلك في الحكومة الفلسطينية وكذلك في القيادة الفلسطينية وسنتخذ الإجراءات الضرورية في هذا الموضوع.
■ هل ستضمن هذه الاجراءات عقد مؤتمر وطني فلسطيني من دون مصالحة ومن دون مشاركة حماس؟
□ بالنسبة للمجلس الوطني الفلسطيني.. نحن سائرون في عقده وفق تركيبته القديمة لاننا لا نستطيع ان نعطل الشرعية الفلسطينية اكثر مما تعطلت. في الوقت نفسه سنستمر في مساعينا في المصالحة.. هذا موضوع وذاك موضوع آخر. لكن سأعود قليلاً الى عام 2014 عندما اتفقنا مع حماس على تشكيل حكومة الوفاق الوطني (برئاسة رامي الحمد الله في الثاني من حزيران/يونيو من عام 2014) واتفقنا على كل وزير ولكن بعد ذلك باسبوع او عشرة أيام نفذوا عمليات قتل (المستوطنين الثلاثة الذين جرى اختطافهم ثم قتلهم) في الخليل، مما تسبب في الهجوم على قطاع غزة (صيف 2014) كأنهم يريدون تدمير الجهود التي بذلناها نحن وإياهم.. هذا من جانب في الجانب الآخر إنهم لم يسمحوا لحكومة الوفاق الوطني بأن تعمل في غزة بل اكثر من ذلك حاولوا ضرب وزير الصحة عندما وصل الى القطاع. هذا يعني انهم ما زالوا يؤمنون بعدم الحل. ولذلك فاننا نتوجه الى الدول العربية والإسلامية لنقول لها الحقيقة.. حقيقة موقف حماس من الوحدة الوطنية ومع ذلك سنستمر في مساعينا وصولاً الى المصالحة.
■ حماس انتخبت قيادة جديدة في غزة وربما تكون قد انتخبت مكتباً سياسياً جديداً لمجمل الحركة يترأسه كما هو متوقع اسماعيل هنية خلفاً لخالد مشعل… هل تعتقد ان حماس ستشهد تغييراً في المواقف؟..
□ ما جرى في حماس من انتخابات في غزة وصعود يحيى السنوار (رئيس المكتب السياسي لحماس في غزة) واحتمال تعيين او انتخاب اسماعيل هنية خلفاً لمشعل، هذا شأن داخلي لحماس لا نعلق عليه ولا نعقب عليه.
■إذا كانت مشكلة موظفي حماس الذين يبلغ عددهم حوالي 40 ألفاً هي العقدة التي توضع في المنشار وتعيق تحقيق المصالحة، فلما لا تحل هذه القضية وبذلك تلقون الكرة في ملعب حماس؟
□ نحن قلنا لهم يجب ألا تضعوا موضوع الموظفين كعقبة أمام المصالحة، لانه أولا ليس لدينا المال لتغطية الرواتب.. المبالغ كبيرة جداً والقضية معقدة، ولذلك فاننا وبعد تشكيل حكومة وحدة وطنية ونذهب الى الانتخابات، توضع كل هذه القضايا أمام السلطة الجديدة وتعمل على حلها دون اي مشكلة.
■ لكن حركة حماس تصر على حل هذه المشكلة أولاً.. فكيف المخرج؟
□نحن فقط نطلب منهم التأجيل حتى تأتي الحكومة الجديدة وتدرس هذه المواضيع.
عقد المجلس الوطني
■ في موضوع عقد المؤتمر الوطني الفلسطيني، هناك فصائل بعضها ينضوي تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية ، تطالب بعقد المؤتمر الوطني في الخارج، لان عقده في الداخل يفرض عليها قيوداً ويعرقل مشاركة قياداتهم الموجودة في الخارج بسبب الاحتلال.. فهل هناك امكانية لعقد المؤتمر في الخارج تلبية لمطالبهم التي يمكن تفهمها؟
□ في الماضي كنا نعقد المجلس الوطني في الخارج بسبب وجود منظمة التحرير وفصائلها خارج الوطن. ولكن بعد ان عدنا الى الوطن في عام 1995 عقدنا دورات للمجلس الوطني في الوطن وكررناها مرتين، ولا يوجد ما يبرر عقده خارج الوطن. ومع ذلك قلنا لهم انه اذا كان هناك بعض الشخصيات التي لا تستطيع الدخول الى الوطن لعدم وجود هويات معها فان في امكاننا ان نعمل «فيديو كونفرانس»، ان يكون هناك في الخارج تجمع وليكن في دمشق مثلاً يلتقي فيه الأشخاص الذين لا يستطيعون الدخول الى الوطن ليمارسوا دورهم في عضوية المجلس من حيث المشاركة الفعلية عبر الكونفرانس، والمشاركة في النقاش ومن حيث التصويت وغيره، كما حصل في مؤتمر فتح (السابع الذي عقد في رام الله اواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر مطلع كانون الاول/ديسمبر الماضيين) عندما تعرقل وصول نحو 50 شخصاً من قطاع غزة.. فشاركوا عبر الفيديو كونفرانس) وأدلوا باصواتهم من هناك وانتهى الأمر على خير ما يرام. اما ان نذهب بقدنا وقديدنا لعقد دورة للمجلس الوطني في الخارج فهذا يطرح تساؤلاً أين هو المكان الذي يمكن ان يعقد فيه المجلس الوطني.. هذا اولاً وثانياً لماذا نذهب الى الخارج وغالبية بل 90% من أعضاء المجلس يمكن ان يكونوا موجودين في الداخل.. لا يوجد مبرر لعقد المجلس في الخارج. ولذلك فاننا نرى انه لا بد وان يعقد في الداخل..
■ ألا تعتقد ان الإقدام على عقد المجلس الوطني بمعزل عن حماس سيعمق الشرخ وسيدفع حماس الى اتخاذ خطوات قد تزيد الامور تعقيداً؟
□ لا.. لا يزيد لأنه سبق وان عقدنا دورات للمجلس الوطني منها لاستكمال أعضاء اللجنة التنفيذية وبالتالي فان انعقاد المجلس لن يكون عقبة بمعنى انه إذا عقد المجلس الوطني بشكله اليوم، وتحققت المصالحة، سنعقد مجلساً وطنياً بشكله الجديد في اليوم التالي. هذا اولاً وثانياً المجلس الوطني سيترك مجالاً في عضوية المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لأعضاء حماس الذين يمكن ان يأتوا في المستقبل.
لقاء غرينبلات
■ لقاؤك مع جيسون غرينبلات سواء في رام الله او قبيل القمة في البحر الميت، كان كما ذكر من مسؤولين فلسطينيين ايجابياً الى ابعد الحدود الى درجة كما يقال انه تفهم جداً الموقف الفلسطيني. ما صحة ما يقال؟
دعني أصفه بطريقتي نحن في البداية وخلال الحملة الانتخابية الامريكية وحتى نجاح السيد دونالد ترامب في الانتخابات ووصوله الى البيت الابيض، التزمنا الصمت. وبعد الانتخابات دعا الامريكيون رئيس المخابرات الفلسطينية (ماجد فرج) لزيارة واشنطن. والتقى مع مختلف القيادات الامريكية وبعد عودته ارسلوا الينا مدير سي اي أيه الجديد مايك بامبيو، وجلس معنا جلسة طويلة. وكان مرتاحًا بدليل انه قال انه سيذهب الليلة (ليلة اللقاء) الى ترامب وسيضع التقرير امامه قبل ان يصل (رئيس الوزراء الاسرائيلي) نتنياهو. بعد ذلك جرى حديث هاتفي بيننا وبين الرئيس ترامب (في 10 آذار/مارس) وكان حديثاً ودياً.. حديثاً ودياً (كرر) ودعانا خلال المكالمئة الهاتفية، ثلاث مرات الى البيت الأبيض وفعلاً سنزور البيت الأبيض قريباً. وقال إنه سيبعث غرينبلات. وجاء غرينبلات وجلس معي جلسة طويلة وتسع جلسات اخرى مع مختلف الشرائح الفلسطينية وحتى اليهودية.. بعض الحاخامات اليهود ورجال دين مسيحيين ومسلمين، واستمع اليهم. وكانت تلك الجلسات مفيدة جداً. وبالامس اي عشية القمة العربية زارني غرينبلات وتحدثنا مطولاً. وكان لديه تساؤلات اوضحناها له.. وجلس في اليوم التالي مع الاخ صائب عريقات (امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية) ومع ايمن الصفدي (وزير الخارجية الاردني) ومع سامح شكري (وزير الخارجية المصري). من المفيد ان نقول انهم جاءوا ليستمعوا.. وجاءوا ليستفهموا.. هذه مؤشرات الى جدية الموقف الامريكي. لكن الى اي مدى سيصل هذا الموقف… هذا ما لا نعرفه. وهل سيظل الموقف الامريكي يتبنى موقف اسرائيل.. وهذا ايضاً لا نعرفه.. سنعرفه بعد اللقاءات التي ستتم. اضافة الى اننا جلسنا اليوم (يوم القمة) مع الملك عبد الله والرئيس السيسي، جلسة مهمة، واتفقنا كيف سنتوجه الى الادارة الامريكية، وماذا نحمل معنا بلغة واحدة.. وهذا مهم جداً للادارة الامريكية. فهو يعني ان الدول العربية ستكون ان شاء الله كلها على قلب رجل واحد في الحديث ليس مع الامريكيين فقط بل مع غيرهم. وأيضاً السيد احمد ابو الغيط قال إنه سيلتقي مع كل وزراء اوروبا لينقل إليهم الصورة نفسها التي سمعها خلال اللقاء الثلاثي الذي كان حاضرًا فيه.
■ هل سيكون هناك مؤتمر ثان بعد مؤتمر باريس في مطلع العام الحالي للمتابعة.. وهل ستعترف فرنسا كما وعدت بدولة فلسطين؟
□ هذا المؤتمر عقد بناء على طلبنا. كنت قد تحدثت مع الرئيس (الفرنسي فرانسوا) أولاند وقلت له إننا نريد صورة جديدة شبيهة بمحادثات خمسة زائد واحد (تلك المحادثات بشأن الموضوع النووي الإيراني) تقوم انت بها، وبالفعل دعا 28 دولة ثم دعا في الاجتماع الثاني (في مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي) 70 دولة وخمس منظمات دولية.. واتخذوا قرارات وليس بالضرورة ان تعجبنا بالكامل ولكنها على الاقل كانت خطوات الى الأمام وهي تمثل موقفا دوليا جيدا في ما يتعلق بدولة فلسطينية. اما بالنسبة لامكانية عقد مؤتمر آخر فهذا يتوقف على الادارة الفرنسية الجديدة.
■ الفرنسيون وعدوا بالاعتراف بدولة فلسطين رسمياً إذا لم يقبل الإسرائيليون بما ينتج عن اجتماع باريس.. وهذا ما حصل، فقد رفضت اسرائيل نتائج المؤتمر ولم تتخذ فرنسا اي خطوة في هذا الأتجاه.. هل هناك امكانية ان تنفذ وعدها؟
□ ايضا تحدثنا مع الرئيس أولاند في هذا الموضوع وهو سيتعامل بذلك جديًا ولكن لا ادري ان كان يستطيع ان يفعل ذلك أم لا ولكننا نتمنى عليه انه ان فعل ذلك، فإن هناك دولاً أوروبية اخرى سوف تسير على خطاه. فهناك خمس او ست دول اوروبية ربما تعترف بدولة فلسطين إذا ما اعترفت بها فرنسا.
■ اثناء زيارتك لالمانيا مسؤول في الحزب المسيحي على ما اذكر دعا الى البت في موضوع نائب رئيس السلطة واقترح اسم مروان البرغوثي.. الا تفكرون في القيام بمثل هذه الخطوة .. الا تعتقد ان الاوان قد آن لذلك؟
□ كنت قد اقترحت قبل اجراء الانتخابات التشريعية في 2006، اموراً ثلاثة الاول ان يكون هناك نائب للرئيس والثاني إن يكون لدينا صلاحية لحل المجلس التشريعي ولا اتذكر الامر الثالث الآن. ولكن للاسف لم يوافق المجلس التشريعي على ذلك. فهذه الآن مشكلة امام المجلس التشريعي الجديد..
■ بمعنى انه ليس لديك مشكلة
□ لا لا ابداً ما عندي مشكلة ان يكون هناك نائب لرئيس منظمة التحرير على الاطلاق، شرط ان يكون هناك تعديل للنظام الداخلي لمنظمة التحرير استعداداً لتعزيز الوضع الداخلي لمنظمة التحرير.
اجرى الحوار علي الصالح- القدس العربي