مستقبل مجهول وقلب مكسور وحالة نفسية هشة هكذا كانت حالة عبد الجبار بعد أن شتت النظام السوري عائلته بشكل كامل فاستشهد والده تحت التعذيب في سجون النظام السوري واستشهدت عائلته المكونة من ثلاثة أطفال و أمه في قصف النظام على مدينة ادلب.
كان عبد الجبار البالغ من العمر 17 عاما يطمح إلى إكمال مسيرته الدراسية، ولكن والده كان من ضمن المنخرطين في الحراك الثوري السلمي، ومع أول مظاهرة انطلقت في مدينة ادلب التحق والد عبد الجبار بها واستمر على هذه الحال إلى أن قامت عناصر الأمن التابعة للنظام السوري باعتقاله في أحد المظاهرات واستشهد والده تحت التعذيب في سجون النظام السوري.
ويذكر أن “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” أوضحت في تقرير نشرته يوم (الجمعة) 26 يونيو من عام 2015 على موقعها الالكتروني بمناسبة “اليوم العالمي لضحايا التعذيب” أن حصيلة الوفيات نتيجة عمليات التعذيب التي تمارس على المعتقلين في سجون النظام السوري بلغت 11385 شخصاً، منذ انطلاقة الثورة السورية في آذار (مارس) 2011، وأوضح التقرير أن “التعذيب يُمارس في أبشع صوره في سورية بطريقة يومية مستمرة لساعات طويلة قد تؤدي إلى الموت.
وبعد استشهاد رب الأسرة الذي كان المعيل الوحيد لها باتت الأسرة تحتاج إلى معيل جديد لها فما كان أمام عبد الجبار سوى أن يترك مدرسته الثانوية ويجد لنفسه صنعة يحصل من خلالها على بعض المال ليغطي فيه مصاريف عائلته اليومية، تعب يومي وجهد كبير مع أحلام تلاشت مع الزمن ويأس عبد الجبار من فرصة العودة إلى المدرسة الثانوية.
واستمر عبد الجبار على هذه الحال إلى أن تم تحرير مدينة ادلب من قبل كتائب جيش الفتح فقام عبد الجبار بالالتحاق بأحد كتائب الثوار للأخذ بثأر والده الذي قتله النظام تحت التعذيب. وفي أحد نوبات الحراسة التي كان يقوم بها عبد الجبار أتى أحد أقاربه ليأخذه على عجل، وأوصله للبيت ليرى منزله كومة حجارة امتزجت ببقع دم وأشلاء أمه وإخوته الممزقة بعد أن قام الطيران المروحي السوري بإلقاء برميل متفجر على منزله أثناء الليل، وكانت تلك الصدمة الأكبر له بعد استشهاد والده. حاول عبد الجبار البحث عن عائلته بين كوم الحجارة ولكن دون جدوى فلم يتبق الا الأشلاء.
و تشير إحصاءات حقوقيين سوريين إلى استشهاد أكثر من 2700 شخص منذ بدء الثورة جراء إسقاط طائرات النظام للبراميل المتفجرة عشوائيا. وبعد استشهاد عائلة عبد الجبار مات كل شيئ داخله، وازداد حقده على قوات النظام السوري وأخذ يشارك في جميع المعارك ضد النظام، وفي إحدى المعارك المحتدمة في ريف حماة بينما كان عبد الجبار يقتحم خطوط العدو قام قناص تابع لقوات النظام بقنصه برأسه ما أدى لاستشهاده على الفور وارتقى عبد الجبار إلى بارئه شهيدا جميلا بعد أن أنهى النظام كل حياته في لمح البصر.
لم تكن قصة عبد الجبار هي القصة الوحيدة في سورية فقد أنهى النظام منذ بداية الثورة حياة الكثير من العائلات السورية فكل منزل نجا من قصف النظام لا بد أن يكون قد فقد أحد أفراد العائلة خلال سنوات الأزمة المريرة.
. محمد المحمود
المركز الصحفي السوري