“عائشة” زوجة “أبي محمد” عامل البناء, لم ترتسم بعد على وجهها ضحكة الفرح والشعور بالسعادة، اعتادت حياة الفقر والحرمان وزادت الحرب من طول تلك الأوجاع (يوم منصوم.. ويوم منفطر) على حد قولها، حظيت بفرصة عمل عن طريق إحدى المنظمات الإنسانية، كما أخبرتنا أنها فرصة العمر المنتظرة كون الأجر مناسب لينشل عائلتها من الفقر، تلاشت أحلامها سريعاً بعد استهداف مكان العمل (مشفى شنان).
خرج مشفى “شنان” في جبل الزاوية في ريف إدلب عن الخدمة، يوم الإثنين(17 نيسان/أبريل) إثر غارات جوية روسية استهدفت المشفى بشكل مباشر، وتسببت بسقوط جرحى في صفوف كادره والعاملين فيه.
“عائشة” السيدة الأربعينية لم تستطع أن تخفي مشاعر الخوف أمام المرضى التي من المفترض أن تكون هي من يرشدهم ويخفف عنهم كونها “مرشدة نفسية”.
بكلمات مرتجفة وأعصاب متوترة روت عائشة لنا لحظات الاستهداف قائلةَ “منذ الصباح شنت الطائرات الروسية عدة غارات جوية بالقنابل العنقودية، نظرت بعين الحائرة إلى الطبيب المتواجد في الغرفة، لكنه أصر على العمل وبكلماته الهادئة الموجهة إلي واصلت عملي راجية من الله أن يكفنا شر الطيران”.
لاحظ أهالي إدلب حملة تكثيف للطائرات الروسية والحربية بعد استهداف مطار الشعيرات، وتكثفت أكثر منذ بداية شهر نيسان، ليشهد الأهالي نيران حرب لم تنته بعد، والسبب كما يقول السوريون هو شخص يضحي بسوريا وشعبها ليحافظ على منصبه المورّث “بشار الأسد”.
بخطوة تتقدم للأمام وأخرى تعاود للرجوع تحاول “عائشة” الثبات، لكن حدث ما كان يخشاه الجميع واستهدف المشفى بنيران القصف، وكأن يوم القيامة أتى قريباً على حد وصف عائشة قائلة “أسرعت لأساعد الممرضات في حمل المرضى.. نساء مازلن تحت تأثير المخدر وأخريات يخضعن للعمل الجراحي، لم أشعر بألم إصابتي أمام إصابة زملائي من الكادر”.
بهلع وخوف خرج من استطاع من المشفى ليفترش البساتين المجاورة أرضاً تحت أغصان الأشجار، ليكمل الطيران تنفيذه بعد استهداف المشفى.
عادت عائشة التي لم تستطع أن تحبس دموع الحزن طوال طريق العودة لمنزلها في مدينة إدلب بعد سبعة أيام من ممارسة العمل، بآمال منكسرة بعد خروج المشفى عن الخدمة واضطرارها للمكوث في المنزل بانتظار عودة فرصة عمل أخرى.
بعصابة بالرأس ويدين ملونتين بدماء الحرية دخلت عائشة المنزل وهي تدمدم كلمات التفاؤل رافضة الاستسلام للحزن قائلة “سيعود الشرفاء لبناء المشفى وسنعاود العمل وإنقاذ الأهالي رغم أنف الظالمين.. إنها سوريا وطن الحرية ووطن الأجداد.. وليست سوريا آل الأسد”.
ليس مشفى “شنان” الوحيد الذي خرج عن الخدمة، فقد خرجت مشافي عديدة من قبل لتكون شاهداً على همجية النظام وأعوانه الذي يعمد على قتل كل مظاهر الحياة في المناطق التي خرجت عن السيطرة.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد