كان لطلاب الجامعات السورية نصيبهم من الحراك الثوري والتأثر الكبير جراء الحرب الدائرة على الأرض السورية، فلم يتخلف طلبة الجامعات السوريّة عن المشاركة في الحراك المجتمعيّ، وعلاوة على تضامنهم مع طلاب المدارس المعتقلين وقضايا شعبهم المتعددة، كانت لديهم أسبابهم الإضافية لتخلي عن جامعاتهم والالتحاق بركب الثورة، والتي ترفض الفساد المنتشر في القطاع التعليميّ، وانتشار الرشوة والواسطة لدى دكاترة الجامعات في تحديد علامات النجاح ومعدلات التخرج، وغير ذلك من الفساد السياسيّ والإداريّ في الدوائر الحكومية.
ومع الفرق الكبير في الوعي والمعرفة بينهم وبين طلبة المدارس الابتدائية، تمكن طلاب الجامعات السوريّة مع بداية تفاعلهم في الحراك الثوريّ من تنظيم مجموعات طلابيّة، تنشط في مختلف المجالات، وتأخذ على عاتقها تنظيم الحراك السلميّ لطلبة الجامعات، بالإضافة إلى توثيق انتهاكات النظام الصارخة بحق طلبة الجامعات.
يروي “خالد” الذي تخلى عن جامعته مرغماً بالقول:” إن عمليات الاعتقال الواسعة التي تمارس ضدنا كطلاب جامعات بعد التحاقنا بركب الثورة، دفعنا للتخلي عن أحلامنا في مواصلة مشوار الدراسة، وأبرز ما نتعرض له بشكل دائم هو عمليات النهب من الحواجز المنتشرة على مداخل المدن، حيث ندفع لبعض الحواجز ما يقارب 3000 آلاف ليرة سورية، كي يسمح لنا بالعبور”.
لاحق النظام السوريّ الطلبة الناشطين، وعمل على اعتقالهم وتعذيبهم بشكل وحشيّ بغية ردعهم عن عملهم الثوريّ، وسحبهم لخدمة العلم بحجة الاحتياط، الذي أصبح الذريعة الأكبر لاعتقال الشباب السوري.
“أحمد الحسين” طالب في كلية الهندسة المدنيّة في جامعة دمشق، تحدث لنا عن “التشبيح الممنهج” الذي يتعرض له طلاب الجامعات السوريّة في جامعاتهم، واصفًا ممارسات النظام السوريّ بـ “الرحيمة” أمام ممارسات اتحاد الطلبة في سوريا، وهذا ليس رأيه فحسب بل رأي عشرات الطلبة منذ مارس 2011، حيث تحول هذا الاتحاد إلى أحد أذرع الأجهزة الأمنيّة، والذي يتولى قمع الناشطين في الجامعات السوريّة الحكوميّة والخاصة.
يضيف “أحمد” حول عمليات الاعتقال التي يشرف عليها اتحاد الطلبة في الجماعات السوريّة: “المشهد الذي كان يتكرر أمامنا في الجامعة، وقوف عناصر الاتحاد على الباب الرئيسيّ للجامعة، لينفذوا وبشكل شبه يوميّ عمليات اعتقال للطلاب، حيث يسوقونهم بعدها إلى مفرزة الاتحاد، والتي يجتمع فيها أعضاء الاتحاد وهم مجموعة من الطلبة الجامعيين، امتهنوا مهارة التعذيب والتشبيح، فيتعرض المعتقلون لشتى أنواع الضرب والشتائم والإهانات من قبلهم، حتى يصل عناصر المخابرات الذين يسوقونهم بدورهم إلى أحد الأفرع الأمنية”.
لم يكن اعتقال النظام لهم ما يؤلمهم، يقول يوسف، طالب في كلية الهندسة المعماريّة في جامعة تشرين السوريّة:” ما يزعجنا ليس الاعتقال على أيدي النظام، بل تحول زملائنا إلى أعين لقوات النظام”.
وبحسب فرع حمص لاتحاد الطلبة الأحرار فقد تمّ توثيق نحو 524 حالة اعتقال حتى منتصف عام 2014، من بينهم 497 طالباً و27 طالبة، في مشهد يتكرر يوميًا داخل الجامعات في سوريا، منهم حوالي 155 معتقلاً في جامعة حلب، بينهم 147 ذكرًا و8 إناث، فيما اعتُقل من جامعة دمشق ما يقارب الـ 168 معتقلاً بينهم 156 ذكرًا و12 أنثى، إلّا أنّ فرع الاتحاد في حمص نوّه أنّ هذه الإحصائيّة غير دقيقة ببعض الجامعات لكثرة المعتقلين وصعوبة إمكانية إحصائهم، والأعداد الإجمالية تقدر بالآلاف، ولعلّ ذاكرة الطلاب تزخر بالكثير من قصص الاعتقال داخل الجامعات منذ بداية الثورة السوريّة، منهم من نال الحريّة ومنهم لا يزال في أقبية سجون الأسد.
المركز الصحفي السوري
أحمد الإدلبي