هبة عبود (كفرنبل , إدلب)
هلع في إحدى مدارس كفرنبل، التلاميذ يركضون بسرعة ويتدافعون على باب المدرسة، يريدون أن يخرجوا منها، صوت الطائرة يملأ المكان.
سكان كفرنبل حائرون، خائفون، مصعوقون، الطائرة تنقض على المدينة.. الطائرة تلقي جحيماًً على المدينة.
لحظات وتغادر الطائرة، السكان تدريجياًً يعودون للحياة ويتساءلون، أين قصفت؟
تجيب القبضات: “قصفت المجلس المحلي.. لا شهداء.. على سلم.. جريحان فقط”.
مدير المدرسة يأمر من تبقى من التلاميذ بالانصراف، ويقول: “أخاف من غارة أخرى.. غالباًً ما يتبع القصف قصف آخر.. تعودنا على ذلك”. ويضيف: “أرواح التلاميذ أغلى من التعليم”.
مدينة كفرنبل منذ العاشر من آب/ أغسطس 2012 وهو تاريخ تحريرها من قوات النظام تكوى بنيران طائرات هذا النظام، تارة كل يوم، وأخرى في اليوم الواحد أكثر من مرة، وأحياناًً كل أسبوع أو كل بضعة أيام.
لكن منذ أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2015 لم تعد تكوى هذه المدينة بنيران طائرات بشار الأسد فقط، وإنما حمم الطائرات الروسية، ذات القوة التدميرية الأشد دخلت على الخط.
تقول أم باسل وهي أم لثلاثة أطفال: “تعودنا على طائرة الأسد.. نكاد نعرف أين ستقصف؟ لكننا لم نتعود بعد على الطائرات الروسية التي تحلق بشكل سرب، ولا نعرف أين ستضرب؟”.
بالرغم من كل ذلك، بالرغم من أن الخوف من الموت يطغى على مشاعر الكفرنباليين، ما زال سكان كفرنبل مصرين على مواصلة الحياة، ما زالوا يرسلون أولادهم إلى المدرسة.
تقول أم باسل: “لم يعد بوسعنا شيء نقوم به.. نحن مجبرون على إرسال أولادنا إلى المدرسة ليتعلموا القراءة والكتابة على الأقل”.
وهو ما يروق لإيمان، وهي أم لأربعة أولاد، والتي تقول: “ليس لدي مشكلة بإرسال أولادي للمدرسة.. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. فأنا لا أضمن سلامة أولادي حتى لو كانوا في البيت.. لا نعرف أين ومتى سيكون حتفنا؟”.
لا شيء يوقف ضحك التلاميذ وضجيجهم سوى صوت الطائرة، فالتلميذة وئام المحروق (12 سنة) تقول: “نلعب، ولكن عندما نسمع صوت الطائرة نخاف كثيراًً وننزل إلى الطابق السفلي في المدرسة”.
وتقول التلميذة بيان البرهوم (8 سنوات): “عندما أسمع صوت الطيارة وأنا في المدرسة أهرب ولكن لا أعرف إلى أين”.
بيان وأختها غفران تعودتا قبل الذهاب إلى المدرسة على ترديد دعاء “باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم.. يا رب تحمينا وتحمي كل الأطفال”.
تقول غفران: “أنا إذا كانت معي رفيقتي مرح أخاف كثيراًً لأنها تصرخ وتبكي، أما إذا كانت معي رؤى فلا أخاف، وإنما فقط نسرع إلى القبو”.
اعتاد بعض المعلمين على حمل القبضات ليعرفوا مكان الطائرة ويأمروا التلاميذ بالنزول إلى الأقبية أو الطوابق السفلية في حال اقترابها. المعلمة بسمة تقول: “الطلاب أمانة عندنا فنحن نحاول قصار جهدنا حمايتهم عند سماع صوت الطائرة”.
وهو ما يؤكده أحد مديري المدارس ويقول: “أياً كان المكان المستهدف من المدينة فأنا أقوم أولاًً بتنزيل الطلاب لقبو المدرسة خشية الضربة الثانية وأطمئنهم بكلام لا يخلو من المزاح لتغيير نفسيتهم ولأنسيهم سبب نزولهم حتى يذهب الرعب من قلوبهم”.
الرفرفة في العينين والتأتأة في الكلام والبكاء والضحك الزائد هذه الأعراض ظهرت على الطفل سامح البيوش منذ تحرير كفرنبل، ولم يعد يجرؤ هذا الطفل على الذهاب للمدرسة. تقول الأم: “طفلي بحاجة لطبيب نفسي وهذا الاختصاص مفقود في مناطقنا المحررة وأنا أساعده بقراءة القرآن والدعاء لشفائه”.
باستثناء ثانوية كفرنبل شبه المدمرة والخارجة عن العمل، لم تتعرض مدارس كفرنبل لقصف مباشر من قبل الطائرات.
أي صوت قريب من صوت الطائرة قد يثير الرعب في قلوب الأهالي وخاصة الأطفال، فمحمود ابن الأربع سنوات كان جالساًً أمام بيته يشاهد الأطفال وهم يلعبون، مرت دراجة نارية (موتور) صوتها مرتفع، فأسرع إلى أبيه خائفاًً معتقداًً أنه صوت طائرة.
تقول التلميذة نغم الدامور: “أحب المدرسة وسأذهب إليها كل يوم ولم يعد يهمني لا طائرات ولا غيرها.. أريد أن أدرس لأصبح صحفية مشهورة وأقول للعالم ما يحدث في سوريا”.
راديو فرش
هلع في إحدى مدارس كفرنبل، التلاميذ يركضون بسرعة ويتدافعون على باب المدرسة، يريدون أن يخرجوا منها، صوت الطائرة يملأ المكان.
سكان كفرنبل حائرون، خائفون، مصعوقون، الطائرة تنقض على المدينة.. الطائرة تلقي جحيماًً على المدينة.
لحظات وتغادر الطائرة، السكان تدريجياًً يعودون للحياة ويتساءلون، أين قصفت؟
تجيب القبضات: “قصفت المجلس المحلي.. لا شهداء.. على سلم.. جريحان فقط”.
مدير المدرسة يأمر من تبقى من التلاميذ بالانصراف، ويقول: “أخاف من غارة أخرى.. غالباًً ما يتبع القصف قصف آخر.. تعودنا على ذلك”. ويضيف: “أرواح التلاميذ أغلى من التعليم”.
مدينة كفرنبل منذ العاشر من آب/ أغسطس 2012 وهو تاريخ تحريرها من قوات النظام تكوى بنيران طائرات هذا النظام، تارة كل يوم، وأخرى في اليوم الواحد أكثر من مرة، وأحياناًً كل أسبوع أو كل بضعة أيام.
لكن منذ أوائل تشرين الأول/ أكتوبر 2015 لم تعد تكوى هذه المدينة بنيران طائرات بشار الأسد فقط، وإنما حمم الطائرات الروسية، ذات القوة التدميرية الأشد دخلت على الخط.
تقول أم باسل وهي أم لثلاثة أطفال: “تعودنا على طائرة الأسد.. نكاد نعرف أين ستقصف؟ لكننا لم نتعود بعد على الطائرات الروسية التي تحلق بشكل سرب، ولا نعرف أين ستضرب؟”.
بالرغم من كل ذلك، بالرغم من أن الخوف من الموت يطغى على مشاعر الكفرنباليين، ما زال سكان كفرنبل مصرين على مواصلة الحياة، ما زالوا يرسلون أولادهم إلى المدرسة.
تقول أم باسل: “لم يعد بوسعنا شيء نقوم به.. نحن مجبرون على إرسال أولادنا إلى المدرسة ليتعلموا القراءة والكتابة على الأقل”.
وهو ما يروق لإيمان، وهي أم لأربعة أولاد، والتي تقول: “ليس لدي مشكلة بإرسال أولادي للمدرسة.. قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. فأنا لا أضمن سلامة أولادي حتى لو كانوا في البيت.. لا نعرف أين ومتى سيكون حتفنا؟”.
لا شيء يوقف ضحك التلاميذ وضجيجهم سوى صوت الطائرة، فالتلميذة وئام المحروق (12 سنة) تقول: “نلعب، ولكن عندما نسمع صوت الطائرة نخاف كثيراًً وننزل إلى الطابق السفلي في المدرسة”.
وتقول التلميذة بيان البرهوم (8 سنوات): “عندما أسمع صوت الطيارة وأنا في المدرسة أهرب ولكن لا أعرف إلى أين”.
بيان وأختها غفران تعودتا قبل الذهاب إلى المدرسة على ترديد دعاء “باسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء، وهو السميع العليم.. يا رب تحمينا وتحمي كل الأطفال”.
تقول غفران: “أنا إذا كانت معي رفيقتي مرح أخاف كثيراًً لأنها تصرخ وتبكي، أما إذا كانت معي رؤى فلا أخاف، وإنما فقط نسرع إلى القبو”.
اعتاد بعض المعلمين على حمل القبضات ليعرفوا مكان الطائرة ويأمروا التلاميذ بالنزول إلى الأقبية أو الطوابق السفلية في حال اقترابها. المعلمة بسمة تقول: “الطلاب أمانة عندنا فنحن نحاول قصار جهدنا حمايتهم عند سماع صوت الطائرة”.
وهو ما يؤكده أحد مديري المدارس ويقول: “أياً كان المكان المستهدف من المدينة فأنا أقوم أولاًً بتنزيل الطلاب لقبو المدرسة خشية الضربة الثانية وأطمئنهم بكلام لا يخلو من المزاح لتغيير نفسيتهم ولأنسيهم سبب نزولهم حتى يذهب الرعب من قلوبهم”.
الرفرفة في العينين والتأتأة في الكلام والبكاء والضحك الزائد هذه الأعراض ظهرت على الطفل سامح البيوش منذ تحرير كفرنبل، ولم يعد يجرؤ هذا الطفل على الذهاب للمدرسة. تقول الأم: “طفلي بحاجة لطبيب نفسي وهذا الاختصاص مفقود في مناطقنا المحررة وأنا أساعده بقراءة القرآن والدعاء لشفائه”.
باستثناء ثانوية كفرنبل شبه المدمرة والخارجة عن العمل، لم تتعرض مدارس كفرنبل لقصف مباشر من قبل الطائرات.
أي صوت قريب من صوت الطائرة قد يثير الرعب في قلوب الأهالي وخاصة الأطفال، فمحمود ابن الأربع سنوات كان جالساًً أمام بيته يشاهد الأطفال وهم يلعبون، مرت دراجة نارية (موتور) صوتها مرتفع، فأسرع إلى أبيه خائفاًً معتقداًً أنه صوت طائرة.
تقول التلميذة نغم الدامور: “أحب المدرسة وسأذهب إليها كل يوم ولم يعد يهمني لا طائرات ولا غيرها.. أريد أن أدرس لأصبح صحفية مشهورة وأقول للعالم ما يحدث في سوريا”.
راديو فرش