تغريد العبد الله(كفرنبل , إدلب)
“أطفالي أغلى من الدنيا في عيني”، هذا ما شعرت به حين رزقت بطفلي الأول، لتبدأ به حياتي وسعادتي التي لم تكتمل، ارتفعت حرارته الداخلية فجأة مما أدى إلى اختلاجه، وسببت له مرضاً دائماً يرافقه في حياته، ليبقى تحت مراقبتنا خوفاً من إغمائه فجأة دون أي عوارض مسبقة، والذي قد يسبب له أذيةً ما.
في ذات مرة كنت جالسة مع جارتي نشرب القهوة وهو بجانبي ولا يعاني من أي شيء، وفجأة أغمي عليه ليأتي رأسه على دلة القهوة، والتي سببت له بعض من الحروق، لذلك أخشى عليه بأن يبقى بمفرده، رزقت بطفلي الثاني، ليصبح ظل أخيه المريض ولا يتركه ويرافقه دائماً، لكنني كنت أنتظر معجزة من الله ليشفى ويستعيد صحته، ولتكتمل سعادتي بهم وتزول الغصة من قلبي.
بعد أن مضت ست سنوات رزقت بطفلي الثالث، الذي تعلقت به كثيراً، كان جميل جداً ولديه جاذبية تجعل الجميع يحبه، وعند بلوغه سنة من العمر، بدأت الثورة السورية لتبدأ الانشقاقات، وكان زوجي من الذين قرروا الانشقاق، والعودة إلى مدينتنا كفرنبل، حيث بدأ خوفي يزداد بدخول الجيش للمدينة، حتى حررت في شهر أب/أغسطس 2012، ليأتي العيد وأنا أحس براحة وسعادة بتحريرها.
حُدد رابع أيام العيد ليكون يوم خطبة شقيق زوجي، والذي يحب طفلي الصغير كثيراً ويأخذه معه أينما ذهب، في ذلك اليوم ألبسته ثياباً جديدة ليصطحبه عمه على دراجته النارية إلى السوق ليشتري خواتم خطبته، وفي طريق عودته حلقت طائرة النظام في سماء المدينة لتقصفها بأربعة صواريخ، تسببت في مجزرة كبيرة.
لم يخطر في بالي سوى طفلي الصغير وعمه، ليصل لنا بعد وقت قصير خبر إصابتهم، لم أصدق هذا الخبر، فذهبنا جميعاً إلى المستشفى لنتحقق من الخبر، حينا تفاجأنا بإصابة عميه الخطيرة وغيابهم عن الوعي دون وجود أي أثر لطفلي في المستشفى، وبعد دقائق وصلت سيارة إسعاف كان فيها طفلي الصغير الذي وجد مرمياً بعيداً بسبب ضغط الصواريخ المتفجرة. كان فاقداً للوعي وبعد أن قام الأطباء بفحصه، تبين بأن علينا نقله الى مشفى “سراقب” لإصابته الخطيرة ،ولم يسمح زوجي لي بمرافقته بسبب سوء حالتي، ولكن بات لدي أمل بأن طفلي سيشفى.
مضت ساعة على ذهابهم، لأسمع صوت سيارة الإسعاف خارج المنزل، خرجت مسرعتاً لأجد طفلي شهيداً جميلاً، لم أحتمل فكرة غيابه عني، فأخذته بين ذراعي وضممته إلى صدري، وطلبت من الجميع الابتعاد عنا كي يصل له الهواء ليتنفس، لأني لم أستوعب أنه توفي وذهب وسيدفن ويصبح بعيد عني، ولم أستطع البكاء لقد جفت الدموع في عيني.
وفي صباح اليوم التالي وصل خبر استشهاد عمه، والذي أحبه ليرافقه حتى في الموت، ليبدأ خوفي على طفليَّ الآخرين، فقررنا النزوح إلى مخيمات تركيا، وقد كان معي إخوتي وأهلي فوجودهم كان يخفف ألمي وحزني على طفلي، وبعد فترة بدأ أبي يشكو المرض حتى توفي بعد فترة قصيرة من مرضه، كانت مأساة لي أن أفقد والدي أيضاً، ولكن لم يكتفي الموت من أخذ من أحب، ليكون ابن أخي الفقيد الثالث لي، الذي استشهد في إحدى الجبهات، وبعد مدة وجيزة وصل خبر استشهاد أولاد عمي الاثنين في إحدى المعارك، ليصبح الحزن رفيق دربي، وبسبب هذا الضغط والحزن سقطت أمي مريضة في الفراش الذي نال منها لتموت وتتركني أيضاً.
كانت الصدمات تنهال على رأسي واحدة تلوى الأخرى، لأعاني الألم والحزن بفقدان من أحب وهذا جعلني منهارة دائماً، حتى نسيت ماهي الابتسامة، ولم يبقى سوى إخوتي بجواري، والذين قرروا العودة إلى سوريا، ولكن زوجي رفض العودة خوفاً علينا، فبقينا في المخيم لتمر الأيام وأنا أخاف الآن من أن يصلني أي خبر يصدمني بفقدان من بقي لدي، وأرجو من الله الصبر حتى أستطيع الوقوف في وجه هذه الدنيا، لأني لا أعرف ما الذي سوف تجره الأيام علينا.
– راديو فرش – مدونة المرأة
“أطفالي أغلى من الدنيا في عيني”، هذا ما شعرت به حين رزقت بطفلي الأول، لتبدأ به حياتي وسعادتي التي لم تكتمل، ارتفعت حرارته الداخلية فجأة مما أدى إلى اختلاجه، وسببت له مرضاً دائماً يرافقه في حياته، ليبقى تحت مراقبتنا خوفاً من إغمائه فجأة دون أي عوارض مسبقة، والذي قد يسبب له أذيةً ما.
في ذات مرة كنت جالسة مع جارتي نشرب القهوة وهو بجانبي ولا يعاني من أي شيء، وفجأة أغمي عليه ليأتي رأسه على دلة القهوة، والتي سببت له بعض من الحروق، لذلك أخشى عليه بأن يبقى بمفرده، رزقت بطفلي الثاني، ليصبح ظل أخيه المريض ولا يتركه ويرافقه دائماً، لكنني كنت أنتظر معجزة من الله ليشفى ويستعيد صحته، ولتكتمل سعادتي بهم وتزول الغصة من قلبي.
بعد أن مضت ست سنوات رزقت بطفلي الثالث، الذي تعلقت به كثيراً، كان جميل جداً ولديه جاذبية تجعل الجميع يحبه، وعند بلوغه سنة من العمر، بدأت الثورة السورية لتبدأ الانشقاقات، وكان زوجي من الذين قرروا الانشقاق، والعودة إلى مدينتنا كفرنبل، حيث بدأ خوفي يزداد بدخول الجيش للمدينة، حتى حررت في شهر أب/أغسطس 2012، ليأتي العيد وأنا أحس براحة وسعادة بتحريرها.
حُدد رابع أيام العيد ليكون يوم خطبة شقيق زوجي، والذي يحب طفلي الصغير كثيراً ويأخذه معه أينما ذهب، في ذلك اليوم ألبسته ثياباً جديدة ليصطحبه عمه على دراجته النارية إلى السوق ليشتري خواتم خطبته، وفي طريق عودته حلقت طائرة النظام في سماء المدينة لتقصفها بأربعة صواريخ، تسببت في مجزرة كبيرة.
لم يخطر في بالي سوى طفلي الصغير وعمه، ليصل لنا بعد وقت قصير خبر إصابتهم، لم أصدق هذا الخبر، فذهبنا جميعاً إلى المستشفى لنتحقق من الخبر، حينا تفاجأنا بإصابة عميه الخطيرة وغيابهم عن الوعي دون وجود أي أثر لطفلي في المستشفى، وبعد دقائق وصلت سيارة إسعاف كان فيها طفلي الصغير الذي وجد مرمياً بعيداً بسبب ضغط الصواريخ المتفجرة. كان فاقداً للوعي وبعد أن قام الأطباء بفحصه، تبين بأن علينا نقله الى مشفى “سراقب” لإصابته الخطيرة ،ولم يسمح زوجي لي بمرافقته بسبب سوء حالتي، ولكن بات لدي أمل بأن طفلي سيشفى.
مضت ساعة على ذهابهم، لأسمع صوت سيارة الإسعاف خارج المنزل، خرجت مسرعتاً لأجد طفلي شهيداً جميلاً، لم أحتمل فكرة غيابه عني، فأخذته بين ذراعي وضممته إلى صدري، وطلبت من الجميع الابتعاد عنا كي يصل له الهواء ليتنفس، لأني لم أستوعب أنه توفي وذهب وسيدفن ويصبح بعيد عني، ولم أستطع البكاء لقد جفت الدموع في عيني.
وفي صباح اليوم التالي وصل خبر استشهاد عمه، والذي أحبه ليرافقه حتى في الموت، ليبدأ خوفي على طفليَّ الآخرين، فقررنا النزوح إلى مخيمات تركيا، وقد كان معي إخوتي وأهلي فوجودهم كان يخفف ألمي وحزني على طفلي، وبعد فترة بدأ أبي يشكو المرض حتى توفي بعد فترة قصيرة من مرضه، كانت مأساة لي أن أفقد والدي أيضاً، ولكن لم يكتفي الموت من أخذ من أحب، ليكون ابن أخي الفقيد الثالث لي، الذي استشهد في إحدى الجبهات، وبعد مدة وجيزة وصل خبر استشهاد أولاد عمي الاثنين في إحدى المعارك، ليصبح الحزن رفيق دربي، وبسبب هذا الضغط والحزن سقطت أمي مريضة في الفراش الذي نال منها لتموت وتتركني أيضاً.
كانت الصدمات تنهال على رأسي واحدة تلوى الأخرى، لأعاني الألم والحزن بفقدان من أحب وهذا جعلني منهارة دائماً، حتى نسيت ماهي الابتسامة، ولم يبقى سوى إخوتي بجواري، والذين قرروا العودة إلى سوريا، ولكن زوجي رفض العودة خوفاً علينا، فبقينا في المخيم لتمر الأيام وأنا أخاف الآن من أن يصلني أي خبر يصدمني بفقدان من بقي لدي، وأرجو من الله الصبر حتى أستطيع الوقوف في وجه هذه الدنيا، لأني لا أعرف ما الذي سوف تجره الأيام علينا.
– راديو فرش – مدونة المرأة