يتمتع طريق الكاستيلو، شمالي مدينة حلب، بأهمية كبيرة، إذ يعد المنفذ البري الوحيد للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة في حلب ويصل المناطق المحررة في المدينة بالريف وتركيا، كما يعتبر الشريان الرئيسي الذي تستطيع المدينة التنفس من خلاله باستمرار الحركة المرورية للشاحنات التي تنقل البضائع وبإشراف حواجز المعارضة على الطريق أمنياً.
طريق الكاستيلو هذا الطريق الذي أصبح الشغل الشاغل للنظام وهمه الأكبر للحصول عليه؛ للضغط على المعارضة بالسيطرة على طريقها الذي يمدها بالبضائع والمساعدات الإغاثية وبالتالي تطبيق الخناق على حلب فعليا.
لم يكن الطريق مطمعاً للنظام وميليشياته فحسب بل وأيضا حاولت وحدات حماية الشعب الكردية السيطرة عليه عدة مرات لكونه قريبا من مناطق سيطرتهم.
حاول النظام السيطرة عليه عدة مرات فيما استطاع الثوار فك الحصار عنه، لكن يبدو أن النظام هذه المرة في سباق مع الزمن للسيطرة على مناطق جديدة وتضييق الخناق على المعارضة من خلال قطع طريق إمدادها الأخير بتقدمها على عدة محاور في منطقة الملاح.
حشد النظام وعد العدة لخوض المعركة واستطاع قطع الطريق لمدة يومين, فيما حاولت المعارضة أن تفك الحصار عنه واستطاعت التقدم في عدة مناطق محرزة انتصارات كبيرة وبالنظر إلى حجم التعزيزات البشرية واللوجستية والعسكرية التي يمتلكها قوات النظام و”الحرس الثوري”.
فقد حظيت المليشيات بتذخير استثنائي هذه المرة، من مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، ما سمح لها باستخدام النار على مدار الساعة, وأيضاً استقدمت تعزيزات ضخمة من معقليها في نبل والزهراء في ريف حلب الشمالي. وتجاوزت التعزيزات ألف مقاتل، تابعين في غالبهم لمليشيا “حزب الله” اللبناني ومليشيا “لواء القدس” الفلسطيني. كما شاركت في التعزيزات مليشيا “حركة النجباء” العراقية، وميليشيات شيعية مسلحة أخرى.
تمكنت قوات النظام والميليشيات التابعة لها من خوض هجوم معاكس عبر المناورة والالتفاف وتقطيع أوصال الأرتال العسكرية المتقدمة للمعارضة وضرب طرق إمدادها بمختلف أنواع الأسلحة، براً وجواً.
فيما تمكنت أيضاً من قطع الطريق بشكل كامل أمام المدنيين، وبقي مفتوحاً للاستخدام العسكري. كما بدأت المعارضة تستخدم طريقاً ترابياً موازياً، أقل خطورة.
وما ساعدها أيضاً هو الغطاء الجوي المكثف حيث قصفت الطائرات الحربية الروسية الطريق بالقنابل الفسفورية؛ لمنع أي حركة عليه وتضييق الحصار على أحياء المدينة وقطع خطوط إمدادها.
ولكن المعارضة تعتمد على القوة البشرية التي تبدو مصممة على إستعادة ما خسرته والحفاظ على طريقها نحو المدينة، يحدوها الأمل للاشتباك وجهاً لوجه مع المليشيات التي لطالما وصفتها المعارضة بـ”جبانة” تخشى المواجهة المباشرة، وتعتمد على الكثافة النارية والسلاح النوعي، والتغطية الجوية الروسية.
فبين “عملية بتر الأذرع” التي أطلقها “الحرس الثوري” على العملية العسكرية التي تهدف إلى حصار المدينة والمعركة التي أطلقها الثوار “كسر الحصار عن حلب”, فكلا الطرفين يعوّل على جهده العسكري خلال الساعات المقبلة، التي تبدو مصيرية.
وسيكون هناك المزيد من استنزاف الأرواح والعتاد لكل الأطراف المتنازعة, ولكن في النهاية مهما حاول النظام استنزاف ما لديه من عدة وعتاد فلن يستطيع قطع الشريان الأخير الذي من خلاله تنبض المناطق المحررة في حلب كبرياءً وعزة.
المركز الصحفي السوري– أسماء العبد