المركز الصحفي السوري
أحمد الأحمد
محمد أبو عرب و مادس جيلبرت طبيبان عائدان من غزة كانت دموعهما هي المعبر الأكبر عما يحدث في غزة التي تتعرض للقصف العنيف بكل أنواع الأسلحة منذ 25 يوما
الطبيبان عملا مع مجموعة أطباء عقدوا يوم أمس مؤتمرا صحافيا في بروكسل لشرح حال الوضع الصحي تحت الحرب. نقلوا أن النقص حاد للغاية، والاحتشاد في المستشفيات كبير، ما يجعلهم يعملون ضمن منطق طب الحروب: الأولوية لمن يمكن إنقاذه.
يعمل جيلبرت مع مستشفيات غزة منذ أكثر من 30 عاما. خلال المؤتمر الصحافي، قال عملت هناك «بدافع بسيط للغاية هو إظهار تضامن عملي وحتى اكون في نهاية اليوم، عندما أذهب للنوم أجد جواب لما أطرحه على نفسي ، علينا أن نطرح على أنفسنا سؤالا واحدا: هل قمت بأي شيء، أو أني اكتفيت بالنوم؟
يتحث العائدون من غزة أن آلة الحرب الإسرائيلية لم توفر شيئا، 13 مستشفى قصفت . تم استهداف تسع سيارات إسعاف، فيما قتل سبعة من الكوادر الطبية. العدوان أدى إلى إغلاق 27 مركزا طبيا، كان يمكنها تقديم المساعدة الأولية. بالنتيجة، خرجت نسبة 20 في المئة من المقدرات الصحية من الخدمة بفعل القصف، في وقت يوجد نقص سابق في المعدات والأدوية جراء سبع سنوات من الحصار الإسرائيلي المستمر. يضاف لهذا الواقع، الضغط الشديد على المستشفيات التي تستقبل فوق طاقتها.
يقول الطبيب محمد أبو عرب إنه اضطر للتخلي عن علاج طفل كان بين يديه. كان لديه إصابات فظيعة جدا، كنت أعلم أن هذا الطفل لو عاش سيكون معاقا طوال حياته. لا أعرف أهله، لكن لا أتوقع أنه يمكنهم تحمل علاجه، كما لا يوجد نظام صحي يستطيع أن يؤمن العلاج له. كانت إمكانية أن أنقذه ضئيلة جدا جدا، فقررت..قررت أن أتعامل معه كطبيب، وقلت لن يمكنني مساعدته ».
يقول أبو عرب أنه «في حالات الحروب لدينا مبدأ التصنيف، وفي ظروف الاحتشاد الحالية كنا نتعامل على أساس نوعية الإصابة وحجمها وخطورتها. كنا نقيّم مدى احتمال إنقاذ حياة المصاب. إنها قضية طبية بحتة، فأنت لا تتعامل مع مصاب لساعات من أجل إنعاشه إذا كانت إمكانية أن يحيا ضئيلة». يؤكد الطبيب أن المسألة تركز على الخروج بنتيجة: «تضطر للتعامل مع حالات فيها أمل أكبر. هكذا يفكر طبيب الحروب، كلما زاد الأمل في علاج شخص 5 في المئة كلما زاد تعاملي معه 5 في المئة».
الطبيب جيلبرت عرض صور التقطها بنفسه لحالات و ضحايا فقدوا حياتهم في المستشفى. وهو يعرض صور الأطفال، ومن بينهم من لم يتجاوز عمره بضع سنوات،
يتوجه للصحافيين بالقول «أريد أن أسأل (الرئيس الأميركي باراك) أوباما ورؤساء الدول الغربية، كيف سيكون ردهم لو قتل الفلسطينيون 287 طفلا إسرائيليا وجرحوا أكثر من ألفين غيرهم خلال ثلاثة أسابيع»ثم يجيب بنفسه «لا أجد وصفا آخر سوى أنه تطهير عرقي نراه أمام أعيننا».
ينتقد الأطباء الأوروبيون موقف حكوماتهم بشدة. يقول أبرلين إن بيانات الحكومات يجب أن تجعل «كل المواطنين الأوروبيين يشعرون بالعار».
جيلبرت يقول إنه لا يمكن انتظار أن تستفيق الحكومات الأوروبية: «أعتقد أنه، في هذا العالم، كل واحد منا يحتاج لأن يقف، ويقرر ما هو الصح وما هو الخطأ، ما الذي سيقبله وما الذي لن يقبله، ثم علينا فعل شيء. كل واحد يمكنه فعل شيء»