كما يُتهم هيثم مناع، وهو شريكه في ما يُسمى مجلس “سورية الديمقراطية”، بقربه الشديد من روسيا التي تدخلت دموياً في سورية أواخر سبتمبر/ أيلول 2015 وهي ترتكب مجازر يومية. الأمر ذاته ينسحب على كل من: رئيس ما يُسمى “جبهة التغيير والتحرير”، قدري جميل، ورئيسة حركة “المجتمع التعددي”، رندة قسيس.
تعرض “العربي الجديد” أبرز مفاصل السيرة الذاتية لهؤلاء الذين يطلق عليهم السوريون لقب “معارضة موسكو”.
هيثم مناع
لم تثر شخصية سورية منذ بدء الثورة عام 2011 جدلاً واسعاً مثلما فعلت شخصية هيثم مناع. اسمه الحقيقي هيثم العودات، كان واحداً من معارضي النظام السوري قبل الثورة. لكن مسيرته السياسية شهدت تقلبات شتى جعلت أسهمه كمعارض تتراجع لدى أغلب السوريين، وخصوصاً بعد تحالفه مع صالح مسلم. وشكل الطرفان “مجلس سورية الديمقراطية”، الذي يضم خليطاً من عرب وكرد وتركمان. وهذا ما يفسر إصرار مناع على اصطحاب مسلم معه إلى جنيف 3، إذ قال إنّه لن يذهب من دونه، “إما أن أذهب مع أصدقائي أو لا أذهب. لا حل وسط في هذه المسألة”.
عرف السوريون هيثم مناع مع بدء ظهور الفضائيات العربية، إذ كان يظهر متحدثاً بجرأة عن حقوق الإنسان، وينتقد الأنظمة العربية. مع بداية الثورة، تطلّعت عيون السوريين إليه ليكون من بين عناوينها السياسية. لكن مناع انتقد تحوّل الثورة إلى العسكرة قبل أن ينضم إلى “هيئة التنسيق الوطنية” المتهمة بـ”مهادنة النظام”، وأصبح ممثلها في الخارج. شارك في أغلب مؤتمرات المعارضة في الخارج، إذ كانت أطروحاته تدور حولها دوائر “شك ثوري”، خصوصاً أنّه يدعو لحل سياسي مع نظام قتل وهجّر ملايين السوريين ومنهم شقيقه معن العودات الذي قتله النظام أواخر العام الأوّل من الثورة.ولد هيثم مناع المتحدّر من بلدة أم المياذن في محافظة درعا، جنوب سورية. درس الطب في جامعة دمشق، وجامعة “ماري وبيار كوري” في باريس. اضطر لمغادرة البلاد سراً بعد ملاحقة استمرت عامين بسبب نشاطه السياسي والحقوقي، إذ كان عضواً في “رابطة العمل الشيوعي”. وصل إلى فرنسا في مايو/ أيار 1978، حيث شارك في تأسيس “اللجنة العربية لحقوق الإنسان”. كان له نشاط حقوقي في العديد من المنظمات المهتمة في هذا الشأن بالعالم، وله العديد من المؤلفات في قضايا المرأة والتنوير وحقوق الإنسان.
انسحب مناع من “هيئة التنسيق” ليشكل “مجلس سورية الديمقراطية”، مع فصائل كردية وتركمانية، وهو الذي تمخضت عنه قوات تعلن أنها تعمل على محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش). يُعرف عن مناع قربه من القيادة الروسية، بل يعتبره كثيرون أنّه “رجلها” في المعارضة السورية التي ترفض وجوده في صفوفها.
صالح مسلم
ولد صالح محمد مسلم في إحدى قرى مدينة عين العرب في ريف حلب عام 1951. درس الهندسة الكيماوية في إحدى الجامعات التركية. غادر إلى السعودية حيث عمل هناك قبل أن يعود إلى سورية عام 1983، حيث التقى زعيم حزب “العمال الكردستاني”، عبد الله أوجلان، في دمشق. اعتقل مسلم لأشهر عدة لدى أجهزة النظام السوري الأمنية عقب “انتفاضة” الكرد في القامشلي في مارس/ آذار 2004. ذُكر أنّه تعرّض لتعذيب شديد. كما اعتقل عام 2005 في سجن المسلمية في حلب، ثمّ توارى عن الأنظار حتى 2010. وتؤكد مصادر عدّة، أنّه أقام في مقر حزب “العمال الكردستاني” في جبال قنديل على الحدود التركية العراقية.
وزير ومعارِض!عاد مسلم إلى سورية مع بداية الثورة عام 2011، إذ ترأس حزب “الاتحاد الديمقراطي” (الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني)، وانضم إلى “هيئة التنسيق الوطنية” وكان نائباً لرئيسها حسن عبد العظيم قبل أن ينسحب منها ليؤسس ما سمي بـ”مجلس سورية الديمقراطية”. سيطرت وحدات “حماية الشعب” الكردية، ذراع مسلم العسكرية، على مناطق واسعة شمال سورية، خصوصاً في الحسكة وريف حلب، إذ أقامت الوحدات ما يُسمى “الإدارة الذاتية” لهذه المناطق. مسلم، المقيم في أوروبا، تربطه علاقات متينة مع القيادتَين الروسية والإيرانية (حليفتَي النظام)، وهو من سهّل لروسيا البدء في إقامة قاعدة لها في محافظة الحسكة. ويُتهم مسلم من قبل منافسيه في المجلس الوطني الكردي بمحالفة النظام، والتنسيق المباشر مع قواته، والعمل على إعادة إنتاجه. تتصلّب المعارضة في موقفها الرافض تجاهه، إذ صدرت بيانات عدة من “الائتلاف السوري المعارض” تدين ممارسات حزبه ضد العرب والتركمان، ومعارضيه من الكرد.
لم تنقل شخصية سياسية سورية البندقية من كتف إلى آخر، كما فعل نائب رئيس الوزراء السوري حالياً، قدري جميل (مواليد 1952)، المتحدّر من بلدة الدرباسية في الحسكة، والمتزوج من ابنة الأمين العام للحزب “الشيوعي” السوري الراحل، خالد بكداش. وعلى الرغم من كونه من أصول كردية، لا يتبنى فكرة انفصال الكرد عن سورية، بل يدعو إلى تغيير تحت إدارة الرئيس السوري بشار الأسد.
جميل، كما يصفه مراقبون، “لا موال ولا معارض”. كان وزيراً للتجارة الداخلية في حكومة النظام قبل أن يغادر سورية مع عائلته قبل عشرين يوماً من قرار إقالته بموجب مرسوم رئاسي بتاريخ 29 أكتوبر/ تشرين الأول 2013، ليعود إلى صفوف ما يسميه المعارضة، ولكن هذه المرة من بوابة موسكو التي يعرفها جيداً، إذ درس الاقتصاد السياسي في جامعاتها. يرأس جميل حزب “الإرادة الشعبية” ذا الخلفية الماركسية. هو من أبرز الأسماء التي تدفع بها موسكو إلى الواجهة السياسية والإعلامية، لكنه لا يجد له مكاناً في صفوف المعارضة التي ترى أن مكانه في صفوف وفد النظام في جنيف 3.
رندة قسيس
شخصية إشكالية (مواليد 1970)، متحدّرة من درعا، جنوب سورية، بدأت حياتها المهنية كفنانة تشكيلية، قبل أن تنتقل إلى مجال المسرح والأبحاث النفسية. ترأست “الائتلاف العلماني الديمقراطي” السوري الذي أبصر النور في العاصمة الفرنسية باريس أواخر عام 2011، قبل أن تُقال لتؤسس ما يُسمّى حركة “المجتمع التعددي”. كانت قسيس عضواً في “المجلس الوطني السوري” الذي أُعلن عن تشكيله في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2011 في إسطنبول. قسيس من الشخصيات التي تُدعى دائماً إلى اجتماعات موسكو. شاركت في اجتماعات عدة في العاصمة الكازاخستانية أستانا، منتصف العام الماضي، والتي ضمت شخصيات سورية (معارضة) مهادنة للنظام، وتدعو لتغيير سياسي تحت رعايته.
العربي الجديد