قصص ألف ليلة وليلة من الكورونا التي عايشناها لسنوات فجأة تختفي، مع صياح ديك الحرب بالوكالة في أوكرانيا بين القطبين النوويين روسيا وأمريكا، وما رافقها من مخاوف بتكرار مأساة تشيرنوبل بعد قصف محطة زاباروجيا النووية.
وبنفس سرعة المفاجأة الأولى تخفت أصوات طبول الحرب لتعلو أصوات طبول المشجعين في بطولة كأس العالم بقطر، ويصبح الحديث فقط عن الإنجازات والمفاجآت التي تصنعها الدول والتي لا تقل غرابة عن اختفاء الكورونا المريب.
السعودية تهزم أرجنتين ميسي والمانغا اليابانية تسحق الماكينة الألمانية في مشهد أبهر العالم.
هل نكتفي بالمفاجآت في المونديال عند هذا الحد؟ ..
المفاجأة هذه المرة تتعلق بنواميس الكون الطبيعية وجعلها محل نقاش، فقد أصبح لمن على غير الطبيعة حقوقاً يناضلون إليها ويظهرون للعلن وكأنهم مضطهدون، وتتبرع وزيرة الداخلية الألمانية
بتقديم حيلة تخرق بها القانون القطري الذي يمنع ارتداء شعار “الشواذ”
وهي المسؤولة عن تطبيق القانون في بلدها.
الغرابة لا تقف عن حد الحرب والرياضة فالتغيرات المناخية أصبحت واقعاً نعيشه،
وقد أسهب الكثير من العلماء في شرح ظاهرة الدفيئة التي يسببها الوقود التقليدي،
لكن هذه الشروحات اختفت أيضاً بعد أن قطعت روسيا شريان الغاز عن أوروبا،
التي عادت بشره لاستخدام الوقود الأحفوري وكأن ظاهرة الدفيئة موضة موسمية تتغير بتغير الظروف.
لكن ما استغربه أكثر هي حالة جنون الأسعار وتبريرات المسؤولين عنها،
فالدولار لايزال يراوح مكانه منذ فترة وحالته النفسية مستقرة ولم يقلب لنا وجهه صعودا أو نزولا أو يكشر عن أنيابه كما كان يفعل سابقا .
فإذا كان الدولار بهذه الوداعة لماذا الأسعار بهذا الجنون؟!!
..ما تشتريه اليوم ستضطر لأن تضيف ربع ثمنه إلى سعره لتشتريه غداً ..
إذا كانت الحجة هي الحرب الأوكرانية والحبوب المحبوسة في المرافئ فنعلمكم أن أوكرانية
صدرت 12 مليون طن من الحبوب لتاريخ اليوم، ووتيرة الحرب بردت وتحولت إلى حرب أقاليم أوكرانية،
فلماذا سعر زيت الذرة مازال يحلق عاليا وأصحاب المخابز يزيدون بالأسعار وينقصون بالوزن؟!
لكن تبقى المفاجأة التي لا يمكن تقبلها أن مجرم دمشق الذي أدانته أغلب دول العالم،
والبقية منها تتعامل معه على أنه رئيس منزوع الدسم تجده اليوم في رأي بعض المسؤولين الأتراك
رجلا جديرا بإقامة العلاقات الدبلوماسية معه.
هذا الوارث لمزرعة أبيه الذي يغوص حتى أذنيه بدماء السوريين لا يمكن أن يكون حليفاً لحليف الشعب السوري،
ولا يمكن أن نشاهده في مباحثات يضع يده الملوثة في أيدي من يحمون الشمال المحرر.
مفاجآت وتحولات تفوق التصور يشهدها الكوكب وتدفعنا بالتفكير جديا بأن خللا أصاب إعدادات هذا الكوكب ويحتاج لإعادة ضبط.
محمد مهنا – مقالة رأي