أصدرت النيابة العامة في فيينا قرارًا بتوجيه اتهامات رسمية إلى ضابطين سوريين سابقين ينتميان إلى أجهزة الأمن في فترة النظام البائد، بعد تحقيقات امتدت سنوات حول انتهاكات ارتُكبت بحق مدنيين في مدينة الرقة خلال الفترة بين عامي 2011 و2013، ووفق ما نشرته صحف نمساوية، فإن التحقيقات اعتمدت على شهادات ناجين ووثائق جمعها محققون دوليون وأجهزة نمساوية، قبل أن تنتهي النيابة إلى توجيه لائحة اتهام تعتبر الأولى من نوعها في البلاد ضد مسؤولين أمنيين سوريين بهذه الرتبة
وتشير لائحة الاتهام إلى أن المسؤولين المتهمين هما العميد السابق “خالد الحلبي”، الذي شغل منصب رئيس فرع أمن الدولة في الرقة، والضابط “مصعب أبو ركبة” الذي كان يشغل رتبة مقدم في مكتب التحقيق الجنائي، وتتهم النيابة كلاهما بالمشاركة في عمليات تعذيب ممنهجة داخل مراكز الاعتقال، واستخدام العنف الجسدي القاسي، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية ضد معتقلين مدنيين، وذكرت النيابة أن أحد المتهمين، وهو الحلبي، يواجه كذلك اتهامات بارتكاب أفعال تعذيب مباشرة، مشيرة إلى أن التحقيقات تمكنت حتى الآن من تحديد هوية 21 ضحية ممن تعرضوا لهذه الانتهاكات
فإن هذه الجرائم تأتي ضمن حملة قمع واسعة استهدفت المحتجين في بدايات الصراع السوري، حيث كان فرع أمن الدولة في الرقة واحدًا من المراكز التي شهدت ظروف احتجاز وصفت بأنها وحشية في شهادات المعتقلين السابقين، كما نقلت الصحيفة أن الحلبي وصل إلى النمسا عام 2015 بعد فراره من سوريا، وأنه عاش في البلاد لسنوات متخفيًا قبل أن تبدأ التحقيقات الرسمية حول دوره في انتهاكات حقوق الإنسان
ومن جانبها، ذكرت صحيفة “Die Presse” أن كلا المتهمين تقدما بطلبات لجوء فور وصولهما إلى النمسا، وقد عاشا فيها بشكل طبيعي خلال السنوات الماضية، قبل أن تتوصل النيابة إلى أدلة كافية لرفع دعوى ضدهما وفق مبدأ الولاية القضائية العالمية، الذي يسمح بمحاكمة مرتكبي جرائم التعذيب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان حتى لو ارتُكبت خارج الحدود
وتشير تقارير صحف نمساوية أخرى مثل “VOL.AT” إلى أن محامي ضحايا التعذيب في سوريا رحّبوا بقرار النيابة، واعتبروه خطوة مهمة في مسار محاسبة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة خلال سنوات الحرب، كما توقعت وسائل إعلام نمساوية أن تبدأ المحاكمة في فيينا خلال عام 2026، وأن المتهمين يواجهان عقوبات قد تصل إلى السجن عشر سنوات في حال إدانتهما
وبهذا التطور، تدخل النمسا إلى قائمة الدول الأوروبية التي بدأت إجراءات قضائية ضد مسؤولين سوريين سابقين بتهم تتعلق بجرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان، في خطوة تعكس اتجاهًا متزايدًا لدى القضاء الأوروبي لفتح ملفات الانتهاكات التي ارتُكبت خلال السنوات الأولى من النزاع السوري







