“كان من المتميزين في دراسته، لا يرضى إلا أن يكون في المرتبة الأولى أثناء دراسته في المرحلة الابتدائية وحتى الإعدادية، وعلى ذلك كافأهُ والدهُ بهدية، وهي هاتفٌ من النوع الحديث، لكننا لم نكن نعلم أن تلك الهدية ستكون سبباً في تأخره الدراسي وتراجع مستواه”.
بكلمات بسيطة يغلب عليها طابع القهر والحسرة على حال ابنها، تتحدث أم مصطفى حول ما صنعت لعبة البوبجي بمستقبل ولدها وحتى سلوكه النفسي، إذ باتَ سريعَ الغضب وحاد الطباع، بعدما كان لطيفاً وهادئاً مطيعاً لوالديهِ ومحافظاً على دراسته.
“حاولنا مراراً أن نوقف تلك الكارثة بحق ولدنا، وأن نمنع عنه هاتفه النقال لكي يهتم بدراسته أكثر حيث أنه أصبح في المرحلة الثانوية، لكننا فوجئنا برفض غريب منه، وبردود فعلٍ غاضبة، منها أنه ترك المنزل لعدة أيام وشغلنا بالبحث عنه، عدا عن الغضب وإهمال الدراسة عمداً”.
تعيش عائلة أبو مصطفى في مخيم للنازحين في الشمال السوري، مضى على نزوحهم إلى هناك ما يقارب الثلاث سنوات، ويسعى رب الأسرة أن يعمل بكدٍ ليؤمن حياةً كريمة لأطفالهِ في زمن ومكان بات العيش فيه صعباً جداً، لكنه يقول أن ما يرهقهُ أكثر هو تربيةُ الأطفال والحرص عليهم في بيئةٍ تعاني من أزمات كثيرة.
يقول أبو مصطفى “هناك شيء واحد يرهقني اليوم، ليس تعبي في العمل وإنما هموم الأطفال التي باتت تكبر معهم كلما تقدموا في العمر، وأما حول مصطفى فأنا في حيرة من أمري، الهاتف النقال بات ضروريا اليوم، لكن الألعاب الإلكترونية باتت إدماناً ووسواساً يدمر حياتهم ويسرقهم من عالمهم المحيط”.
ليست عائلة أبو مصطفى وحدها من تشتكي، ففي معظم البيوت هناك مدمنٌ على الألعاب الإلكترونية من فئتي الأطفال واليافعين وحتى المراهقين، وهناك العديد من الأشخاص دمرت حياتهم بالكامل وعوائل انفصلت بسبب لعبة البوبجي، مثل عائلة “ابو عبدو” ابن مدينة إدلب الذي انفصل عن زوجته بعد إدمانها لعبة البوبجي واختيارها اللعبة بدلاً عن أطفالها وزوجها.
يقول أبو عبدو “كنا عائلة مستقرة وهانئة، لا شيء يكدر صفونا في هذه الحياة، حتى بدأت لعبة البوبجي بالانتشار في مجتمعنا، ووجدت زوجتي تنخرط فيها وتبدأ بإدمانها وإمضاء الوقت الطويل فيها على حساب المنزل والأشغال اليومية فيها”.
انفصل أبو عبدو عن زوجته منذ أشهر، تركت الزوجة خلفها طفلتين اثنتين، وذلك بعدما تدمرت العائلة بسبب اللعبة، وضاق أبو عبدو ذرعاً من كثرة إدمانها وإهمال المنزل حيث تحدث عن أنه بات يدخل المنزل فلا يجد طعاماً وعدم ترتيب أو تنظيف للمنزل لأسابيع ليختار الانفصال عن تلك الحياة.
وفي الحديث عن مخاطر لعبة بوبجي ولماذا تؤثر بهذا الشكل على صحة مدمنيها النفسية نشر موقع “ثقفني” مقالاً جاء فيه أن اللعبة تشكل خطراً على الأطفال والشباب لاحتوائها على عمليات عنف نظراً لهيكلية اللعبة والتي تقام على القتال في الساحات بمختلف أنواع الأسلحة مما تنمي جانب الشر في نفوس مدمنيها، ويؤدي إدمانها إلى اضطرابات عقلية ونفسية واكتئاب عند فئة الأطفال والشباب.
وأضاف الموقع أن التأثير المباشر للعبة هو استنزاف طاقة الدماغ، وتؤدي إلى تخلي مدمنيها عن المسؤولية وإضاعة الوقت الطويل في ممارسة تلك اللعبة، وتسبب لعبة بوبجي حالات التوتر الشديد لدى الأطفال والشباب، وتصيبهم بالعزلة والوحدة وعدم الرغبة في التفاعل الاجتماعي مما قد يصيبه بالإرهاب الداخلي.
قصة خبرية/ إبراهيم الخطيب
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع