في سوريا، حيث لم تكتمل فرحتُهم، بل تركتهم الحرب في حيرة ودمار و آثارٍ وخيمة على السكان والبنية التحتية. لم تقتصر الحرب على الضحايا البشرية والنزوح وسكن الخيام. بل تتجاوز هذه الآثار القاسية، إذ يُظهر الشبح الكبير لقصف نظام الأسد المخلوع وحلفائه تأثيراته المدمرة على جميع المناطق السورية. تحت هذا السياق الصادم، يتعين علينا استكشاف عمق الواقع المأساوي الذي يعيشه الشعب السوري ومدى تأثيرات القصف على كافة الجوانب الإنسانية والمادية والنفسية.
الدمار الهائل الذي طال منازل ومرافق الحياة الأساسية في مدن وبلدات ريف إدلب وحماة يزيد من معاناة المهجرين، حيث يقضي على أحلامهم ويحرمهم من فرصة تحقيق حلم العودة إلى ديارهم بعد سنوات طويلة من الصراع مع النظام السوري القمعي والتهجير القسري. يظهر المشهد المروع الذي رآه الناس، حيث تبدو المدن والبلدات والقرى وكأنها تمزّقت إلى شظايا صغيرة مثل حبيبات الرمل، مما يعكس حجم الدمار والخراب الذي تعرضت له تلك المناطق الحيوية.
من خلال رحلتنا في ريف حماة الشمالي، استمعنا إلى بعض العبارات المؤثرة من السكان الذين هرعوا بشوق إلى بلادهم التي حُرموا منها لسنوات. أحد السكان، أبو أحمد من سكان جبل شحشبو، شاركنا تجربته قائلًا: “جئت وقلبي ممتلئ بالفرحة والدموع في عينيَّ، والشوق الذي جرح قلبي لرؤية مناظر الدمار المروعة التي غيّرت معالم الأرض في المنطقة.حيث قال إنني للحظة ما خفت من صعوبة العثور على موقع بيتي السابق بسبب اختلاط المنازل المدمرة ببعضها ، وكانت الصدمة كبيرة بالنسبة لي، حيث تم تدمير قريتي بنسبة 100%، لم يبقَ لا حجر ولا شجر، والقرى امتزجت بالتراب.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظنا قطع أشجار الزيتون والفستق الحلبي والأشجار المثمرة الأخرى، التي تعد مصدر دخل أسري للعديد من العائلات في ريفي إدلب وحماة”.
أثناء لقاء مع المزارعين في ريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، أدلوا بتصريح جماعي يتحدث عن تحديات الزراعة والتكاليف الهائلة التي ستواجههم بسبب نقص الحياة في المنطقة، حيث يفتقرون إلى الجرارات الزراعية والبذور الزراعية الأساسية. تواجههم صعوبات في نقل الأدوات الضرورية لتنظيف وتجهيز الأراضي للزراعة.
يُظهر بيان المزارعين قلقهم من خطر الألغام والقنابل العنقودية وبقايا الحرب التي خلفها النظام البائد بشكل تعسفي في الأراضي وعلى الطرقات. الدفاع المدني السوري قد نبّه مرارًا وتكرارًا إلى خطر هذه المخلفات الحربية، حيث وقعت حوادث أدت إلى خسائر بشرية جسيمة، بما في ذلك إصابات ووفيات بين أفراده.
معاناة السوريين في عودتهم إلى منازلهم المدمّرة والمناطق المنهوبة تروي قصصًا مأساوية، حيث يعيشون واقعًا صعبًا ينجم عن جرائم نظام الأسد المخلوع وحلفائه، ويعمّق حالة النزوح وعجز المدنيين عن العودة حيث لا مكان سليم في الأرض بعيدًا عن الألغام والدمار والحفر الناتجة عن القصف العشوائي في المنطقة.
وليس الدمار محصورًا فقط في القصف، بل كان النظام السابق يقوم بتفكيك الأسطح وسرقة المعادن وشبكات الكهرباء من المنازل التي نجت جزئيًا من القصف، ليبيعها في الأسواق بأيديهم.
في ظل الأحياء المدمّرة بلا حياة، والواقع الصعب الذي يروي قصص القتل والتشريد الذي فرضه النظام السوري البائد على الشعب لسنوات طويلة، نرى وحشية التدمير بعد سفك الدماء ونزوح الأبرياء. إنها سياسة مُدبرة لنظام الأسد البائد على مر السنين، غيّرت واجهة سوريا، وخلفت بجعبتها مشاهد الموت والخراب.
إن هذا المشهد المأساوي يجسد وجع الشعب السوري ويحمل في طياته نداءً عاليًا للعالم بأن يتحدوا في مساعدة الناجين وإعادة بناء البلاد التي تعرضت للدمار الهائل. يجب علينا أن نواصل العمل المشترك لإحلال السلام والاستقرار في سوريا ولتأمين عودة كريمة وآمنة للنازحين إلى أوطانهم المدمّرة. فالسوريون يستحقون حياة كريمة بعيدًا عن المعاناة والدمار الذي حل بهم.
#المركز_الصحفي_السوري
وسيم مشهور الأحمد