هانغشتو (الصين) – تمهد قمة العشرين، التي تستمر ليومين وتعقد في مدينة هانغشتو الصينية، الطريق بين صفحة جديدة هي نتاج شد وجذب بين السعودية وروسيا بدأت بصفحة جديدة سابقة العام الماضي كان محورها أسعار النفط مقابل توافق مبدئي في سوريا.
والتسارع الأخير في التقارب بين الجانبين هو استكمال لتفاهمات شهدها العام الماضي، لكنها سرعان ما تراجعت إثر تدخل روسيا عسكريا في سوريا في أواخر سبتمبر الماضي.
لكن بعد مرور عام على تنسيق هو الأول بين قادة خليجيين وموسكو منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في تسعينات القرن الماضي، تبقي روسيا على محاولاتها للعب مع كل الأطراف.
ففي وقت تبدي فيها روسيا حسن نوايا تجاه السعودية في الملفين السوري واليمني، تستهدف قاذفات روسية ثقيلة مواقع للمعارضة السورية المدعومة من السعودية في سوريا انطلاقا من قاعدة همدان في إيران.
ويحاول ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان توظيف أسعار النفط لاختصار أمد الأزمة السورية، وأملا في حصار النفوذ الإيراني الذي يستهدف زعزعة استقرار الخليج.
كما يسعى إلى التوافق مع موسكو لإنهاء الارتباك في سوق النفط، التي تشهد تنافسا محتدما على تثبيت الإنتاج أو تحريره.
وقال الأمير محمد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال لقائهما، الأحد، في الصين إن التعاون بين روسيا والسعودية سيعود بالنفع على سوق النفط العالمية.
وتعكس تصريحات ولي ولي العهد السعودي سعي روسيا والسعودية أكبر منتجين للنفط في العالم إلى إيجاد السبل لدعم سوق النفط الضعيفة.
وأبلغ بوتين الصحافيين بدوره بأن من المهم لروسيا أن تبقي الحوار مفتوحا مع السعودية.
ويقول مراقبون إن تصريحات بوتين تعكس اكتفاء روسيا بالحوار دون استعداد لتبدل نوعي في موقفها من عدة ملفات تثير قلق الرياض.
لكن الودّ المتبادل بين موسكو والرياض والذي سبق أن عُدّ استراتيجيا في علاقة البلدين، بقي محدودا مقارنة بالآمال التي توقعت زيارة مرتقبة للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى موسكو.
وتعول السعودية كثيرا على الولايات المتحدة، الغارقة في محاولات استيعاب تخبط الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ محاولة الانقلاب الفاشلة على نظامه في يوليو الماضي.
وتحرص واشنطن على ترميم العلاقات مع أنقرة، رغم موقف أميركي ملتبس إزاء عملية “درع الفرات” التي يقودها الجيش التركي في شمال سوريا، لا سيما في الشقّ المتعلّق بالصدام مع الأكراد.
كما تحاول أيضا وقف تقارب متسارع بين أنقرة وموسكو التي تحاول استخدام جميع الأوراق المتاحة لفرض رؤيتها في الملف السوري.
وأعلنت واشنطن الأحد أنها لم تتوصل إلى الاتفاق المرجو مع روسيا بشأن وقف العنف في سوريا، ملقية اللوم على موسكو التي قالت إنها “تراجعت” بشأن بعض القضايا.
وتسبب عدم قدرة أي من الطرفين على حسم الصراع سياسيا، وفشل نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة السورية في حسم المعركة عسكريا في تعقيده بشكل كبير. كما أدى أيضا إلى استمرار موجة من اللاجئين هي الأكبر التي تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.
وأعلن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك الأحد أن قدرة الاتحاد الأوروبي على استقبال اللاجئين “اقتربت من بلوغ حدودها”، داعيا الأسرة الدولية إلى تحمل حصتها من المسؤولية .
وقال توسك خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في هانغتشو بالصين إن “قدرات أوروبا العملية على استقبال موجات جديدة من المهاجرين فضلا عن المهاجرين الاقتصاديين غير الشرعيين اقتربت من بلوغ حدودها”.
ويعول قادة أوروبيون، في مقدمتهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، على الرئيس الأميركي القادم لوضع استراتيجية تعيد التماسك إلى الاتحاد الأوروبي الذي يعاني ضعفا كبيرا على وقع موجات اللاجئين وخروج بريطانيا منه إثر استفتاء شعبي في يونيو الماضي.
وحذرت رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي من احتمال أن يواجه الاقتصاد البريطاني “أوقاتا صعبة مقبلة” في وقت تسعى فيه بعد إلى بناء علاقات تجارية خلال قمة العشرين “البريكست”.
وتنعكس مخاوف ماي على اقتصاد عالمي يعاني تباطؤا إثر تراجع معدلات نمو الاقتصاد الصيني بشكل حاد.
العرب