كانت الدواء لكل جرح، تذيب قلبي بكلماتها، تشاركنا تفاصيل حياتنا بأكملها، تأتي إليّ في حالات تعبها ويأسها، فأمسح عن قلبها الحزن، أواسيها، وإن استطعت تقديم العون فلا أتوانى.
صباح يوم الأحد من أيام الصيف الحارة، طُرق الباب، وإذ بزوجة أخ زوجي، غالباً تتردد إليّ لنشرب القهوة سوياً.
أهلاً أهلاً، كيف حالك؟
الحمد لله بخير، وأنتِ؟
الحمد لله أيضاً بخير، تفضلي.
جلسنا نتكلم بأمور كثيرة، تعالت ضحكاتنا، تابعنا حديثنا مع القهوة، ثم خيم الصمت قليلاً بيننا، ورمتني بنظرات زرعت الشك بقلبي.
سهى (اسم مستعار): ما بك؟!
هل هناك أمر يقلقك؟
– لا، ليس هناك أمر خاص بي.
إذا قولي لي ما الأمر!!
– سأقول، لكن عديني أن تحافظي على الهدوء.
تكلمي يا سهى.
– شرع الله، ونحن لن نخالف هذا الشرع صحيح؟
بدأت ارتبك وانتابتني شكوك كثيرة، حول زوجي.
طبعاً، لن نخالف، أكملي ما الأمر.
– زوجك يا فاطمة قد تزوّج صديقتك.
هذه مزحة سخيفة صحيح؟!
-لا بل واقع يا فاطمة، ولم أقل لكِ إلا لتأخذي حذرك وتكوني على اطلاع بالأمر، أو كي لا يجلسوا معك، وفي منزلك، وأنت دون علم بما يجري حولك!
أخذ جسدي يرجف، أحسست بانكسار قلبي!
لم أستطع تمالك نفسي، غصة كادت تميتني، ذهبت لبيت أهله عساني أجده، فوجدت صديقتي، كانت تذهب للعمل مع حماتي، فقلت :
أهكذا يرد المعروف!
– ما قصدك؟
أنت تعلمين تماماً ما قصدي!
_لا أعلم، وضحي لي ما الأمر!
بل تعلمي، هل اناديكِ صديقة، أم ضرتي!
ساد الصمت، نظرات الخوف باتت واضحة على وجهها، دار بيننا جدال كبير، عدت للمنزل أحمل نفسي بصعوبة، صعقت تماماً بعد رؤيتها، جلست أنتظر زوجي.
صديقتي التي أعتبرها ملاذ الأمان لي، دخلت البيت فوجدت زوجي جالسا، ” ألم تكلفوا أنفسكم بإخباري، بل وتجلسون معي وتضحكون علي!
” هل انت سعيد مع زوجتك الجديدة، أو أقول مع وفائك لي بزواجك من صديقتي! هل هنت عليك لهذه الدرجة عليك، مشكلتي هي بإخفاء زواجك، وجلوسكم معي دون علمي بالأمر، تهافتكم الغير مفهوم، ألغاز الكلام تلك بتّ أتذكرها حرفاً حرفاً”.
طولي بالك، فكل ما سمعته كذب.
لا زلت تكذب!!، كل شيء ظهر، فلا داعي للكذب.
لقد رحل، وانهرت بالبكاء، صوت يردد داخلي لِمَ فعلوا هذا دون علمي!، حطموا ذاك القلب الذي وثق بهم.
بعد يوم عاد للمنزل، تمالكت نفسي لأجل أولادي، حاولت أن أبقى هادئة. اعتذر مني، وحاول إقناعي، ولكن انكسار الروح لا يرده اعتذار بائس، خيبة القلب الكبيرة لا ترمم بالوهم الذي يصطنعه.
بقيت فاطمة منكسرة الحياة، لا زالت تتجنب زوجها كثيراً، لكن الأمر لم يعد مجرد زواجه فقط، بات الأمر يمتد لتحريض صديقتي الضرة، ضدي وضد أولادي.
شيماء قادرو