هيثم سعد، جراح ، ملزم أن يعيد تدريبات الجراحة ( 3 سنوات ) وسيكون راتبه بالحد الأدنى للرواتب٠٠ (بعد تجاوز امتحان المعادلة)
وجد هيثم سعد قليلاً من الأمل والتفاؤل بعدما سلمته “جمعية التضامن الجديدة للسكن ” مفاتيح شقة للسكن بتاريخ 15ك٢ 2016 ، في المنطقة 11 في باريس٠٠شقة تعتبر واسعة لأستقباله مع زوجته وولديه الأثنين٠٠إبنته “جويل” 16سنة (17سنة) وإبنه “ميار” 24 سنة بإنتظار أن تمنحه البلدية سكناً إجتماعياً(HLM)٠
منذ وصوله إلى فرنسا بتاريخ 10تموز2013،كان يتنقل الجراح السوري (61 سنة) مع عائلته الصغيرة من شقة إلى أخرى وبهمة وحسب الإمكانيات المتوفرة لشبكة المتطوعين الفرنسيين والسوريين والتي تتكاتف مع ميشيل مورزيير و سابرين من مؤسسي جمعية ” روفيفر ” ،
هذه الجمعية التي لم تتوقف عن مساندة هذه العائلة منذ أن هربت من دمشق بإتجاه باريس٠
بعد خروج هيثم من الإعتقال بثلاثة أسابيع حصل على فيزا للقدوم إلى فرنسا٠
كان قد أعتقل بنهاية 2012 من قبل المخابرات السورية بسبب علاجه لجرحى المظاهرات السلمية المصابون من قبل قوات النظام في المشافي الميدانية بالإضافة للمستشفى الخاص
الذي كان يعمل به٠
– النظام السوري يعتبر كل جريح بمثابة “إرهابي”٠
التزم وتمسك الدكتور هيثم سعد بنشاطه هذا مهما كلف الثمن رغم الخطورة وصعوبات عمله المخيف٠٠٠منذ خمسين سنة ونحن نقبع تحت هذا النظم الشمولي٠٠ عائلة الأسد التي تحكمنا سرقت كل الوطن٠٠كنا نريد قليلًاً من الحرية ٠٠كانت المظاهرات عفوية ٠٠عندما رأينا سقوط المتظاهرين بعد إصابتهم برصاص النظام بدأت أنا وصديقي الدكتور “جوزيف” بمعالجة الجرحى في المستشفيات الميدانية وكان كل جريح يعتبر إرهابياً من قبل النظام٠
هيثم سعد ” مسيحي” من منطقة باب توما بدمشق تعتبر قصته دليلاً بأن النظام لا يحمي المسيحيين كما يدّعي٠
في شهر آب من عام 2012، تم تصوير الدكتور هيثم من قبل التلفزيونات العربية وهو يعالج أحد الشخصيات المعارضة المعروفة ، بعد إصابته أمام جامع الحسن في الميدان في دمشق٠٠وأمام إنشقاق إبنه البكر عن جيش النظام تعقدت الأمور٠٠ذاك الشاب ذو ال24عاماً كان من المفروض أن تنتهي خدمته الإلزامية بنهاية 2011 ، إنشق عن النظام والتحق بالجيش السوري الحر بعدما رفض أن يطلق النار على المدنيين ( وبعد إعدام إثنين من رفاقه أمام عينيه ) ٠٠لقد تم قتله بعد إعتقالي بإسبوعين من قِبَل أحد قنّاصي النظام٠٠٠لم أكن أعلم ذلك لأنني كنت معتقلاً بزنازين النظام حيث كنت أتعرض للتعذيب٠٠هذا ما قاله الدكتور هيثم٠
– أكبر عذاباتنا كنت النفسية –
إنه أمر رمزي بالنسبة لجراح٠٠لقد تنخرت يدي وأسودت حتى بانت الأوتار٠٠خلال نهار واحد ومن زنزانتنا تم قتل 17معتقل تحت التعذيب٠٠كانت العذابات النفسية على أشدها٠٠البرد ٠٠الزنزانات المغلقة بإستمرار٠٠ الإضاءة الشديدة التي تعمي العيون ٠٠منع الزيارات٠٠أمراض الجلد، القمل والجرب كل تلك الأمور تراكمت علينا٠٠كان معنا في الزنزانة أطفال بعمر9-13٠٠تخيلوا٠٠
كان يعتقد هيثم بأنه سيطلق سراحه بعد تحويله إلى السجن المركزي “في عدرا” في هذا السجن يتم تحويل السجناء إليه قبل إطلاق سراحهم !!
يحّول الجراح إلى محكمة الإرهاب بوجود المحامي” إستثنائي”٠٠أتهمه القاضي بشتم الرئيس بشار الأسد وبمعالجة الجرحى٠٠لقد تم إخلاء سبيله بعدها ” سبع أشهر”٠
” وصلت إلى البيت بحالة أضطراب نفسي مأساوي “٠٠كنت قد فقدت كل ذاكرتي مع آلام نفسية شديدة٠٠هنا علمت أن إبني أستشهد أثناء المعركة٠٠أصبت بصدمة٠٠
أخُ الدكتور هيثم أقنعه بالذهاب إلى فرنسا٠٠كانت زوجته وإبنته قد غادرا منزلهما في باب توما لحماية “جويل” والتي كانت تعاني من صدمة شديدة٠
كان قد تم إرسال إبنه الأصغر إلى ألمانيا عند خالته بعد أن أصيب بصدمة ٠
بمساعي من أحد الأطباء والسلطات الفرنسية حصل هيثم وعائلته على فيزا 3 أشهر للذهاب إلى فرنسا بطائرة عن طرق بيروت٠
بعد كل الدعم من جميع الأصدقاء والفرنسيين وجمعية ” روفيفر”٠٠لدى هيثم إمتنان غير محدود للجميع٠٠كثير من الفرنسيين ساعدونا (يقول) إنهم رائعون رغم الروتين والصعوبات الحياتية٠٠أحب كثيراً فرنسا ولكنني تمنيت لو بقيت في سورية٠
– لا إعتراف بدبلوم الجراحة –
منذ أن وصل فرنسا في تموز 2013 يدخل بحالة إكتئاب ومثقل بالأمور الإدارية للحصول على بطاقات الإقامة والمساعدات المالية والحصول على مسكن ثابت وعلى عمل٠٠مع أن لديه إمتياز عن بقية اللاجئين السوريين بأنه يتكلم الفرنسية جيداً٠٠ وكان سابقاً قد درس وعمل بالجراحة لمدة عشر سنوات في بارس وضواحيها٠٠درس بجامعة باريس السادسة وحصل على الشهادة بالجراحة العامة عام 1985٠٠ ٠٠ ولكن اليوم لم يتم الإعتراف بدبلومه٠٠يجب أن يمر بإمتحان المعادلة وإجراء تدريبات لمدة ثلاث سنوات مدفوعة بالحد الأدنى للرواتب “عمره 61 سنة ولديه خبرة 30 سنة ” ٠
زوجته تكرّس كل وقتها لإبنتهم “جويل” ٠٠فرحتهم كانت بقبول جويل بمعهد لتعليم اللغة الفرنسية وتعليم مهنة٠
إبنهم ” ميار ” كان قد ألتحق بهم إلى باريس وهو يحضّر لدراسة الطب بباريس كوالده٠
في شقتهم الجديدة تنفست العائلة الصعداء، وهي أكثر تفاؤلاً من العام السابق٠٠سعادتي تكتمل بإيجاد عمل ٠٠يقول هيثم ٠
كلنا شركاء