نشرت صحيفة “حرييت” التركية مقال رأي للكاتب مراد يتكن، تحدث فيه عن تصويت الهيئة العامة للأمم المتحدة لإدانة قرار الرئيس الأمريكي ترامب باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وأفضى التصويت إلى موافقة 128 دولة على إدانة قرار الرئيس الأمريكي.
وقالت الصحيفة، في هذا المقال الذي ترجمته “عربي21“، إن العالم لا يتحرك وفق التهديد والوعيد والصراخ، لذلك حظي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بهزيمة سياسية دولية من العيار الثقيل.
ومني بهذه الهزيمة بعد اتخاذ الموقف الأمريكي لجملة من التهديدات قبل عملية التصويت، في أقبح صور الدبلوماسية الحديثة، عندما ذكرت ممثلة واشنطن في الأمم المتحدة، نيكي هالي، أنها ستكتب أسماء الدول التي ستصوت بنعم، واستنكرت كيف لدول تتلقى مساعدات أمريكية أن تتخذ موقفا ضدها.
وأكّد مراد يتكن أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تلقت هزيمة سياسية كبيرة، من خلال حصول القرار على موافقة وتأييد 128 دولة، ومعارضة تسع دول فقط. وبذلك، تفوقت كلمات أردوغان “لا يمكنكم شراء إرادتنا السياسية بالمال” على كلمات الرئيس الأمريكي ترامب التي قال فيها “لا يمكنكم الوقوف ضدنا وأنتم تحصلون على الأموال منا”.
وتساءل الكاتب عما ستفعله ممثلة الولايات المتحدة الأمريكية حين تكتب أسماء 128 دولة، وكيف ستتعامل مع السواد الأعظم من دول العالم التي أيدت القرار؟ وماذا عساه ترامب يفعل مع الدول التي يعتبرها ناكرة للجميل وتأخذ أموال الولايات المتحدة الأمريكية مثل السعودية وأفغانستان والعراق ومصر؟
وتطرق الكاتب إلى الحديث عن إنجلترا، الحليف الإستراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية، التي صوتت بنعم لقرار “إدانة واشنطن لاعترافها بالقدس عاصم لإسرائيل، فهل سيعاقب ترامب إنجلترا؟ أم سيعاقب فرنسا صاحبة حق النقض في مجلس الأمن، أم سيعاقب ألمانيا؟ ماذا عن روسيا والصين واليابان والهند؟ وماذا عن تركيا التي تحاول الولايات المتحدة منذ سنوات المحافظة على بقائها في حلف شمال الأطلسي؟
وأكد الدور التركي الهام، الذي لم يكن مجرد تصويت بنعم في الهيئة العامة للأمم المتحدة، بل كانت تركيا وراء طرح مشروع هذا القرار، وأصرت عليه ووقفت خلفه ودعمته بكل قوة، وأثمرت مجهوداتها في النهاية.
واعتبر الكاتب أن الرئيس ترامب تلقى عدة صدمات سياسية من خلال هذا القرار، في الوقت الذي كان يتوقع أن يكون قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سيحسن من وضعه لدى الحزب الجمهوري في السياسة الداخلية. كما كان يظن أنه لن يقف في وجه هذا القرار إلا قلة قليلة من الدول، متوقعا أن يسبب مزيدا من الشرخ في العالم الإسلامي. لكنه تفاجأ بوقوف السعودية إلى جانب إيران، وقطر بجانب مصر، في وجه هذا القرار.
ولم يخف الكاتب أنّ الولايات المتحدة الأمريكية وحكومة إسرائيل ربما لن تولي هذا القرار أي أهمية، لكن العالم أجمع أراد اليوم إيصال رسالة لواشنطن مفادها أن العالم لن يقبل أن تقوم هذه الأطراف بتحريك عناصر اللعبة بالطريقة وفي الزمان الذي تريده.
وعلى الرغم من أن هذا القرار لن يجبر ترامب على التراجع، وربما لن يردع إسرائيل عن سياستها العدوانية، إلا أن هناك الكثير من الرسائل التي أوصلها هذا القرار لهما.
وأشار الكاتب إلى أن ترامب ربما أدرك اليوم أنه ليس الشخص المناسب ليحل قضية القدس، التي تعتبر من أقدم القضايا السياسية، وهو ما يجب أن يفهمه من خلال نتيجة التصويت. وعلى المقربين من ترامب إيصال رسالة منظمة التعاون الإسلامي له بصورة سليمة، وأن يفهم أنّ القدس الشرقية خاضعة للاحتلال.
واعتبر أنّ لهذا التصويت تبعات لا تقتصر على القضية الفلسطينية فحسب، وإنما يشكل صفعة للولايات المتحدة بقيادة ترامب، الذي يعتبر نفسه رجل القرارات. ليعلم اليوم أن العالم سيقف في وجهه، وأن هناك حدودا لقراراته، ولن تكفيه القوة العسكرية والاقتصادية لتغيير معالم العالم. وسيكون هذا التصويت بمثابة دليل على أن الدول تجاوزت عتبة الخوف والتبعية.
وفي الختام، أقر الكاتب بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستواجه الكثير من المواقف المعارضة في حال استمرت في اتباع نهجها الحالي الذي يرسمه الرئيس دونالد ترامب.
عربي 21