نشرت صحيفة “لوبرزيان” الفرنسية، تقريرا حول “فشل” الأجهزة الأمنية الفرنسية في مراقبة العناصر “المتشددين” الذين ثبت تورطهم في الهجمات الأخيرة بباريس، رغم توفر مؤشرات عن النوايا والتحركات المريبة التي قام بها هؤلاء العناصر في داخل أوروبا وخارجها.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21“، إن تقدم التحقيقات في هجمات باريس الأخيرة، مكّن المحققين والقضاء في فرنسا؛ من إماطة اللثام عن حيثيات التحضير للهجمات المنسقة التي استهدفت باريس في ليلة 13 تشرين الثاني/ نوفمبر، باستعمال السيارات والأسلحة والأحزمة المتفجرة، بالإضافة إلى الأماكن التي اختبأ فيها المهاجمون.
وأضافت “لوبرزيان” أن التحقيق الذي قام به صحفيان يعملان لحسابها؛ كشف عن أجزاء هامة من المسار الذي سلكته هذه الخلية، ولكن المفاجأة الكبرى هي أن “هذه المعلومات تطرح تساؤلات خطيرة حول فشل الأجهزة الأمنية الفرنسية والأوروبية في القيام بدورها في توقي هذه الهجمات”.
وقالت الصحيفة إنه لفهم ما حدث؛ يجب العودة للوراء، وتتبع مسار الحركات الجهادية؛ للوصول إلى معقل هذه الظاهرة، وهي المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة في سوريا، “إذ إن كل المؤشرات تدل على أن الانتحاريين الذين تم تحديد هوياتهم إلى حد الآن؛ مروا من هناك بداية أيلول/ سبتمبر 2013، رغم أن السلطات الفرنسية تجد إلى الآن صعوبة في تحديد ما إذا كانوا قد تدربوا مع بعضهم، أو في أماكن منفصلة، بالإضافة إلى تحديد كيفية عودتهم إلى الأراضي الأوروبية”.
وأشارت إلى مثال المواطن الفرنسي سامي عميمور، الذي ينحدر من حي “درانسي” في منطقة “سان دوني”، والذي كان في سنة 2012 في بدايات طريق “التطرف”، مضيفة أنه “اشتبه في ذلك الوقت بأنه يحاول الالتحاق بمجموعة سلفية متشددة في اليمن، وخضع للتحقيق في شهر تشرين الأول/ أكتوبر من نفس السنة، ولكن لم يتم إيداعه في السجن، وتم فقط إلزامه بالحضور مرة أسبوعيا لمقر الشرطة المحلية”.
وأوضحت أنه “بعد سنة واحدة، في خريف 2013، اختفى سامي عميمور، واشتبه جهاز الأمن الداخلي الفرنسي بأنه كان يحاول السفر نحو سوريا، ولكنه رغم ذلك تباطأ في البحث عنه، ولم يطلب التثبت حوله لدى السلطات التركية؛ إلا في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2014”.
وقالت الصحيفة إن السلطات التركية قامت بالتفتيش في السجلات المتوفرة لديها، وقدمت المعلومات اللازمة لباريس، والتي تؤكد أنه سافر إلى سوريا في أيلول/ سبتمبر 2013، وسط غفلة من الأجهزة الفرنسية.
وأضافت أن عميمور ليس الشخص الوحيد الذي سلك هذه الطريق، إذ إن مواطنا آخر فرنسيا يدعى إسماعيل عمر مصطفاي، دخل هو أيضا عبر تركيا في الفترة نفسها، “رغم أن من المفترض أنه كان أيضا محل متابعة من قبل الأجهزة الفرنسية، بعد أن بدأت بمراقبته في مدينة شارتر في عام 2009”.
ووجهت الصحيفة انتقادات لاذعة للأجهزة الأمنية الفرنسية؛ “لأن هذا الشخص الذي يدعى مصطفاي، كان ينتمي إلى مجموعة متشددة تنشط حول أحد مساجد فرنسا، وقد تم إنشاء ملف (أس) باسمه لدى السلطات الفرنسية، وبالتالي يفترض أنه كان خاضعا لرقابة شديدة، ولكن ذلك لم يمنعه من مغادرة التراب الفرنسي، والعودة في غفلة من الجميع”.
وأضافت أن مصطفاي نجح في الاختفاء عن أنظار الشرطة، ومواصلة نشاطه في فرنسا بشكل طبيعي، حتى إن السلطات كانت في ذلك الوقت تتساءل عما إذا كان موجودا في فرنسا أم لا، وكانت عائلته تؤكد أنه موجود في سوريا، “وهو ما يُعد أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية الفرنسية”.
وفي الختام؛ أشارت الصحيفة إلى أن وزير الداخلية الفرنسي برنار كازانيف، دافع خلال الأيام الماضية عن أجهزة وزارته، مشيرا إلى أنه خلال الصيف الماضي؛ تم إبطال حوالي 10 هجمات، “ولكن مسؤولين آخرين في الوزارة؛ يعترفون بأن نجاح عملية إرهابية واحدة؛ يُعد فشلا كبيرا للأجهزة الأمنية الفرنسية”.
عربي21