صرّح الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” مرارا بأنّ ما بعد كورونا لن يكون كما قبله، ما دفع بالبعض إلى تفسير تصريحاته بأنها لا تخص فقط التغيّرات التي طرأت في العادات الاجتماعية نتيجة فيروس كورونا، وإنما التغيّرات السياسية والاقتصادية أيضا.
ويبدو أنّ التطورات الأخيرة على الصعيد السياسي بالنسبة إلى القوى الفاعلة في سوريا، خير دليل على ما ذهب إليه الرئيس التركي، حيث كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن قرب مصير النظام، وكذلك عن تعاون أمريكي-روسي-تركي لبحث مرحلة ما بعد الأسد، وخصوصا بعد المحاولات الروسية لإخراج إيران من سوريا، ما دفع بحسن نصر الله نفسه للقول -في سبيل الحفاظ على الأسد- بأنه لا صراع نفوذ بين إيران وروسيا في سوريا.
لماذا أخذ حسن نصر الله على عاتقه الحديث باسم إيران؟ وهل تصريحاته تعبر عن رأيه أم تعبر عن رأي الأجندات التي يمثلها؟ وهل باعت روسيا إيران وبشار الأسد في سوريا بعد أن كان الأخير خطا أحمر بالنسبة إلى طهران؟ أسئلة أجاب عنها الكاتب والإعلامي التركي “صلاح الدين تشاغر غيل” في مقالة نشرتها صحيفة ستار، لفت فيها إلى ما يدور في الإعلام الروسي عن بشار الأسد، والذي وصل بها الأمر للقول عنه بأنه (لم يعد يُطاق).
روسيا لم تعد تثق بإمكانية العثور على مئات الميارات التي كانت تحلم بها
وتطرق الكاتب إلى ما ورد في السابع عشر من نيسان المنصرم في وكالة الأنباء الفيدرالية، التي يديرها “يفغيني بريغوجين” قائد القوات الأمنية غير الرسمية “فاغنر”، والمعروف في الوقت ذاته بقربه من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حول فقدان الشركات الروسية ثقتها يإمكانية الحصول على مئات المليارات من الدولار التي كانت تحلم بها، جراء إعادة إعمار سوريا.
روسيا تبيع إيران والأسد في سوريا
وأضاف “تشاغر غيل” بأنّ إيران التي كانت تعتبر بشار الأسد خطا أحمر بالنسبة إليها، والتي كانت تتباهى بأنها هي من أقنعت روسيا بواسطة قاسم سليماني للدخول إلى سوريا، للحيلولة دون تسلّم أمريكا لزمام الأمور في سوريا، باتت بعيدة كل البعد عن تلك المراحل المزدهرة بالنسبة إليها، قائلا -والحديث عن الكاتب- “روسيا التي حاولت السيطرة خلال السنوات الخمسة الماضية على سوريا، باتت تعطي الإشارات عن إمكانية التخلي عن الأسد وإيران في سوريا، في الوقت الذي تكتفي فيه أمريكا إسرائيل حاليا بالتفرّج على ما يحدث”.
ولفت الكاتب إلى ظهور حسن نصر الله -في هذا الوقت تحديدا- بمظهر المتحدث باسم إيران، والتصريح بأنّه لا صراع نفوذ بين روسيا وإيران في سوريا، بعد أن كان قد أكد في وقت سابق بأنه لا يتلقى الأوامر من حكومة إيران وإنما من الولي الفقيه.
إيران لا ترغب بمواجهة مع روسيا
وأضاف الكاتب بأنه نادرا ما يخرج زعيم تنظيم في إشارة إلى “حزب الله” ليتحدث باسم دولة قائمة بذاتها، قائلا: “إن تصريح نصر الله لا يعبر عن موقفه، وإنما يعبر عن موقف الولي الفقيه، وإلا لما وردت تصريحات نصر الله على وسائل الإعلام الإيرانية، وتصريح نصر الله يوحي -بطريقة غير مباشرة- بأن إيران لا ترغب البقاء في مواجهة مع روسيا في سوريا”.
ونوّه الكاتب إلى أنّ إيران في سبيل الحفاظ على بقاء الأسد، تحاول الادعاء عبر نصر الله بعدم وجود قوات إيرانية في سوريا، وأنّ ما تقدمه إيران في سوريا هو فقط الاستشارات العسكرية، مضيفا: “إنّ التطورات الأخيرة دليل على أنّ إيران تعيش مرحلة صعبة للغاية”.
وختم الكاتب: “لم يكن يتوقع أحد أن يصل أولئك الذين فرحوا بيوم من الأيام لاقترابهم من شرق البحر الأبيض، إلى ما وصلوا إليه من خالة مزرية مؤخرا.. ولعل مقولة (السياسة مع القوى الإمبريالية كدخول الفراش مع وحش مفترس) لم تأتِ عن عبث.
وفي وقت سابق ذهب “محمد كوجاك” الكاتب والإعلامي التركي، في مقالة نشرتها صحيفة “يني عقد”، إلى أنّ نظام الأسد يمر في مرحلة صعبة للغاية، وذلك بعد أن اهتزت أركانه عقب الضربات التي تتالت عليه داخليا وخارجيا، مؤكدا على أن روسيا باتت تسعى لإخراج إيران من سوريا.
وأفاد الكاتب بأنّ صمت روسيا أمام التهديدات التي وجهتا إسرائيل عبر وزير دفاعها لإيران، والتي أكد أن بلاده ستواصل عملياتها في سوريا إلى حين خروج إيران منها، يعني بشكل أو بآخر دعم موسكو لفكرة خروج إيران من سوريا.
نقلا عن اورينت نت