كتبت صحيفة واشنطن بوست في افتتاحيتها اليوم السبت أن أهوال الحرب الأهلية في سوريا تراجعت إلى حد ما في الأشهر الأخيرة بعد ثماني سنوات من المذابح والفظائع، لكنها أردفت بأنها يمكن أن تستأنف على نطاق مروع في محافظة إدلب التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين شخص ولا تزال تحت سيطرة جماعات الثوار.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى انهيار الهدنة التي كانت تحكم المنطقة في أواخر الشهر الماضي عندما شن نظام بشار الأسد هجوما جديدا، بالتنسيق مع القوات الجوية الروسية، سقطت فيه القنابل على المنازل والمستشفيات ومحلات المواد الغذائية السورية، لافتة إلى فرار أكثر من 150 ألف شخص شمالا باتجاه الحدود السورية مع تركيا، وفقا للأمم المتحدة.
وقالت إن الهجوم يهدد بكارثة إنسانية جديدة أكبر من أي كارثة شهدتها سوريا حتى الآن، حيث إن عشرات آلاف المدنيين في إدلب هم لاجئون من أجزاء أخرى من البلاد، وفي العديد من الحالات كانوا يُنقلون إلى هناك بحافلات تابعة لنظام الأسد بموجب اتفاقات لاستسلام بلدات الثوار الأخرى.
ورأت الصحيفة أن محاولة استعادة المحافظة بالقوة ستؤدي إلى موجة جديدة وهائلة من اللاجئين يمكن أن تغمر تركيا، وربما تمتد إلى أوروبا التي ما زالت تعاني من توابع سياسية من الوصول الجماعي للسوريين في عام 2015. وبالنظر إلى مخاطر هذا الوضع انتقدت الصحيفة الصمت المطبق لإدارة ترامب والرئيس نفسه الذي لم ينبس ببنت شفة عن الأزمة الجديدة.
وألمحت إلى أن تاريخ النزاع السوري يقدم درسين واضحين هما أن نظام الأسد سيسعى دون كلل إلى استعادة سيطرته على البلاد بالقوة، بغض النظر عن التكلفة، وأن التأكيدات الروسية للمبعوثين الأميركيين أثبتت أنها لا قيمة لها مرارا وتكرارا.
وكما هو الحال فإن الهجوم ينتهك اتفاقا أبرمه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العام الماضي لمنع معركة شاملة حول إدلب، واتفق الاثنان على إقامة منطقة عازلة تستبعد منها جماعات الثوار الإسلامية.
وأقامت تركيا في حينها مخافر عسكرية في المنطقة لكنها فشلت في نزع سلاح أو طرد المسلحين، بما في ذلك هيئة تحرير الشام المهيمنة.
وختمت الصحيفة بأنه من غير المحتمل أن يكون هناك سلام دائم في سوريا حتى تُكسر عُرى الروابط بين روسيا وإيران ونظام الأسد، كما أن الولايات المتحدة لن تستطيع فرض هذا التغيير لكنها تستطيع الإصرار على ألا تكون هناك هجمات أخرى على إدلب، وينبغي أن يكون ذلك على جدول أعمالها عندما يجتمع ترامب مع بوتين في اليابان الشهر المقبل.
المصدر : واشنطن بوست